أخبار السودان

نوبل ….للكلام ..خارج الحوش ..!

ربما يكون قادة الإنقاذ على درجة من توهم الصدق حينما تباهوا بأنهم قد سبقوا موجة الحريق ولانقول الربيع العربي بأكثر من عقدين حينما أشعلوه بانقلابهم على الشرعية الدستورية في الثلاثين من يونيو العام 1989..!

وقد نجد العذر للأطراف التي أفرزتها حالة الإستقطاب الطاحنة في المنطقة والإقليم وهي ترتاد عواصم أخرى لتلتمس الحلول لمشاكلها خارج حدودها التي يستحيل أن يجدوا فيها موطئاً ليضعوا عليه كراسي المفاوضات !
فتجد أهل سوريا يراوحون منذ خمس سنوات بين جنيف وموسكو وواشنطن والنتيجة المزيد من معاناة شعبهم في وجل النزوج ومغامرات اللجوء و الموت تحت أنقاض القصف بالبراميل المتفجرة.. واهل اليمن إتخذوا من الكويت مقرا برعاية الأمم المتحدة لحوار طرشانهم .. وكذلك اهل ليبيا خرجوا قليلا الى التحاور البراني وهم طوال السرحان في أحلام اليقظة وعادوا الى تناحرهم الداخلي قصار النظر في رؤية ما يحيق ببلادهم من خطرٍ داهم!
أما نحن فقد ضربنا الرقم القياسي في ارتياد عواصم البلاد الآخرى بحثا عن الحل لمعضلتنا الطويلة رغم أن الروح السودانية هي الأكثر قابلية لمبدأ التحاور بين الأطراف المختلفة داخل الوطن ..لو أن النظام الحاكم قد هيأ الظروف الملائمة من حيث تحييد رئاسة الطاولة التي تجعل من الفرص متساوية حول مائدة مستديرة لحوار في شكل مؤتمر دستوري لحلحلة كافة المشكلات التي عصفت بالبلاد وزين تلك الجلسات بورود الحريات ووزع على أطرافها أوراق النوايا البيضاء ليكتب عليها الكل ما يشاء رايه بروح التجرد عن الغرض الذاتي في وحدة معارضة متماسكة تجعل من تلك الآوراق أداة ضغط ترغم الحكومة على احترام رأيها الذي ينبغي أن يكون من رؤية الشعب وارادته !
جلسنا في أبوجا ومشاكوس و نيفاشا فطار الجنوب بأجنحة الإنفصال المهيضة !
واتخذنا من الدوحة مقرا دائما لبدل سفر الوفود وطول إقامتها في اجنحة الفنادق الراقية فلم يزداد لهيب دارفور إلا إشتعالا تمدد الى جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان و عاد المرفهون ليتسلموا نصيبهم من قسمة السلطة وباتت الثروة لحسة كوع لكل أهل السودان وليس الأقاليم المهمشة فحسب !
وهاهي أديس ابابا تجمع بين وفدي الحكومة وفريق من المعارضة بعد سبعة وعشرين عاما من التنقل الذي مر على جيبوتي أيضا في مرحلة ما ..ليوقع وفدها الممثل لسارقي السلطة مع الذين سرقت عنهم ولازالوا يتصفحون خريطة ممزقة الحواشي لتدلهم على الطريق من البداية !
وهما طرفان أحدهما عينه على جائزة نوبل للإسئثار بالدوام السلطوي …والآخر يستحق بجدارة جائزة نوبل للكلام ..وكله خارج الحوش الواسع الذي لو أنهم قشوه بصدق النوايا ورشوه بالروح الوطنية الخالصة لكان أوسع الدور لإحداث ربيع حقيقي دون إطلاق رصاصة واحدة أو حتى صيحة حنجرة مغبونة ..يا هداهم الله وهدانا .. الى سواء السبيل وبخارطة العقل السليم لا خارطة الوسيط الغريب الذي أشبعنا من أكل النيم !

محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..