مقالات سياسية

مخاطر المحاصصة على مستقبل الأحزاب والكيانات السياسية الأخرى

د. الحسن النذير

يدور لغط كثيف هذة الأيام  حول سعي بعض الاحزاب والكيانات السياسية، بما فيها حركات الكفاح المسلح، لنيل اكبر نصيب ممكن من “كيكة” تعيين ولاة الولايات المدنيين وأعضاء المجلس التشريعي ومجلس الوزراء.

دون تسمية من يتكالبون علي الفوز بهذة بهذة المناصب، نذكر بان التجمع العريض لقوي اعلان الحرية والتغيير رغم عضويته المتباينة التوجهات، قد تمكن (في وقت قصير نسبياً) من تكوين مجلس الوزراء الانتقالي الحالي واختيارالاعضاء المدنيين في مجلس السيادة.

ذلك الإنجاز التاريخي المهم، يرجع في المقام الاول الي الاتفاق علي الابتعاد عن المحاصصة واعتماد معيار الكفاءة وعدم الانتماء السياسي (بقدر الإمكان). في ذلك الوقت لم نسمع أصلا معارضة لذلك الإنجاز  المقدر والذي  قام به اكبر تحالف سياسي في تاريخ   السودان.

يتبادر الي الذهن هنا سوءال مشروع: لماذا لا نواصل في اعتماد نفس المعيار السابق (الكفاءة ) في عملية اختيار ولاة الولايات المدنيين علي الاقل؟ بلا شك، سيكون ذلك اهون واسلم من المحاصصة المعلنة الان والتي تهدد كل ما تم بناءه من خلال التحالف العريض للقوي الوطنية (قوي الحرية والتغيير). وسيكون الخاسر الأكبر حينها، الشعب السوداني الذي مهر الثورة بدماء شهدائه الابرار.

لذلك يجب علي الشرفاء الحادبين علي استكمال استحقاقات ثورة ديسمبر المجيدة،  العمل علي الابتعاد عن خطر  المحاصصة الذي يلوح في الأفق. وبالدرجة الاولي، يجب علي مكونات قحت وحركات الكفاح المسلح  الانتباه والحذر من هذة المخاطر،  التي تهدد مستقبلها السياسي، للاسباب التالية:

– لا توجد اي معايير لتحديد أوزان سياسية لاي من فرقاء قحت بما فيها حركات الكفاح المسلح.

– لا يمكن اعتماد  أوزان القوي السياسية التي افرزتها انتخابات ١٩٨٦ (قبل ٣٤ سنة)، لان من كان عمرهم ١٧ عاماً او اقل (لم يحق لهم الانتخاب) صاروا الان بين ٣٤-٥١ عاماً. واذا أضفنا لهم من ولدوا اثناء الثلاثين عاماً الماضية وبلغوا سن الانتخاب، نجد بلا شك ان الأغلبية العظمي لمن يحق لهم الانتخاب الان، لم يشاركوا في انتخابات١٩٨٦.

– المتغيرات التي طرأت علي الخارطة السياسية نتيجة لانكشاف الغطاء والشعارات الزائفة  للاسلامويين وحلفاءهم،

– ظهور تحالفات وكيانات سياسية جديدة خاصة في مناطق النزاعات المسلحة،

– تقلص اعداد اصحاب الولاءات الطائفية نتيجة لارتفاع درجة الوعي وسط مكونات الشعب المختلفة وبسبب وفاة الكثيرين (كبار السن) من اصحاب الولاء الطائفي المتوارث، رحمهم الله …

في هذا المنعطف الحرج من مسيرة التحول الديمقراطي في السودان يبدو ان  تحقيق مستحقات المرحلة الانتقالية لا يمكن نسبتها لاي من مكونات قحت بشكل منفرد، لذلك ما يتم انجازه خلال هذة الفترة سيكون راجعاً للمجموعة كلها  وليس مكسباً يمكن ان يتباهي به اي حزب او كيان بمفرده. ومن يظن غير ذلك لن يجد استحساناً من جماهير الثورة، فالمستحقات جماعية والبرنامج جماعية والمنجزات ستكون راجعة لعمل جماعي.

من ناحية اخري يبدو ان الجماهير التي قامت بهذة الثورة لن تحترم اي بادرة لروح الفردية او المحاصصة  من اجل المكاسب الوقتية او للترويج السياسي تمهيداً لخوض الانتخابات القادمة.
للتأكد من ذلك، لننظر للروح الجماعية  التي تعمل بها لجان المقاومة الباسلة في تقديم الخدمات والعون للسكان في كل البلاد خاصة في هذة الظروف الصحية والاقتصادية الحرجة.

لما تقدم، نري ان المحاصصة في اختيار او توزيع مقاعد موءسسات السلطة الانتقالية، تبدو سلوكاً غير محمود ومستهجناً علي الصعيد الشعبي عموما وبين قطاعات الشباب من ثوار ديسمبر الأحرار علي وجه الخصوص. ومن الموءكد  بان هذة  المحاصصة ستكون سماً زعافاً في قلب الكيكة المراد تقسيمها.

نامل، ومن اجل إنجاز مهام الفترة الانتقالية، ان تتفادي قوي الحرية والتغيير الوقوع في فخ المحاصصة من  اجل المكاسب الذاتية الضيقة وقصيرة الأجل والتي سيكون لها أثراً سلبياً علي مستقبلها السياسي..

من ناحية اخري يجب دعم روح العمل الجماعي بين كيانات قحت لانه صِمَام الأمان لمسيرة الثورة وانجاز مهام الفترة الانتقالية. ويجب تقديم النصح  لكل من تراوده  هواجس وطموحات الجلوس علي كراسي الحكم خلال هذة الفترة القصيرة اصلاً، بتأجيلها الي ما بعد الفترة الانتقالية.

اللهم الهم أحزابنا وكياناتنا السياسية القدرة علي الصبر وتوخي الحكمة  والامانة  في صيانة حق شعب السودان في بناء دولة الحرية والسلام  والعدالة في وطن يسع الجميع.

د. الحسن النذير
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..