مقالات سياسية

الدولة والبني آدم ونصر الدين عبد الباري

اماني ابوسليم

الدولة كما البني آدم (ابن آدم)،
البني آدم المتناقض لا يتقدم، ببساطة لأنّ ناتج معادلته الداخلية في تناقضه تضيف موجباً لسالب، فتكون النتيجة صفر الحركة للأمام أو ربما حركة للخلف، أو مترنحاً على أحد الجانبين حسب قوة طرفي التناقض.

وكذلك الدول، التناقض بين الدستور والقوانين، أو التناقض بين القوانين فيما بينها يعطل مشوار التقدم العدلي بها.
وأهمية العدل والإصلاح القانوني في المجتمع لا تقل عن أهمية السياسة الاقتصادية مع فارق ظهور الأثر مباشرة وعاجلاً في الثاني ومخفياً أو كامناً في الأول، ولكنه يظل مؤثراً في كل مناحي الحياة.

مُراجعة القوانين بما يكفل حقوق المواطنين في الدولة، يحقق نسباً عالية من كل شعار من شعارات الثورة، “حرية.. سلام وعدالة”، فالعدل عُنصر تحتاجه الأجواء قبل الإجراءات القانونية، فإن صحت الأجواء استنشقنا العدل مع الأوكسجين.

كثير من القوانين في السودان كانت تناقض الدستور، فالدستور حين يقر حرية العقيدة، نجد حد الردة في القانون، وعقوبة إسلامية لأفعال لا تجرمها الديانات الأخرى كشرب الخمر، وحين يكفل الدستور حرية الحركة والسفر، تناقضه تأشيرة الخروج الملزم استخراجها للتحرك عبر المطار.

وفي حين يقر الدستور المساواة وعدم التمييز بين المواطنين، تفرق القوانين بين الرجل والمرأة في حقوق إنسانية، فتمنح أحدهم حقاً على آخر، وأداة قانونية لمنع حق عن آخر.. التعديل الأخير في عدد من القوانين ومنها حق الأم السفر بأبنائها دون انتظار موافقة الأب وتصريح الوزير بتبديل قانون الأحوال الشخصية في القريب من التغييرات التي ستبدل الأجواء في السودان وتجعلها أكثر صحية للعيش والتمتع بالإنسانية، فمجال قوانين الأسرة والأحوال الشخصية التي تضبط علاقات الأفراد لهو من المؤثرات الحقيقية والعميقة في المجتمع بما يوفر العيش فيه بسلام وأمان.

التعديلات الأخيرة في القانون جاءت بما يتسق مع الدستور (الوثيقة الدستورية) بما يعدل الخطو ويدفعه للأمام دون تناقض يعرقل التقدم، وفي ذات الوقت التعديلات الأخيرة، قد جاءت فاتحة لأبواب تفهم للمستجدات والمشاكل لعلاقات المواطنين ببعضهم البعض، وبالدولة، مع تزايد الوعي والتعليم وحركة العمل والديموغرافيا في العمر والجندر.

والجديد في التعديلات الذي يأتي من باب التفهم والذي يسعد كثيراً، هو إدخال الخدمة المجتمعية كنوع غير تقليدي للعقوبات بالذات للنساء، فمع التغيير الكبير نتيجة الحروب والنزوح والهجرة ومواجهة النساء إعالة أسرهن وحيدات وفي كثير من الأحيان دون خبرة أو تعليم أو رأسمال، كان لا بد من استحداث عقوبات للجرائم الصغيرة أو ما يسمى بالجنح، تراعي المصلحة الخاصة والعامة.

السجن والغرامة تؤثران على الأسرة وإعالتها مباشرة مما يدفع ثمنه آخرون مع المُدان، خاصة النساء، فتنزل العقوبة على أطفالهن قبلهن، ثم المجتمع كله.

إنجازات وزارة العدل بقيادة وزيرها نصر الدين عبد البارئ تبعث الاطمئنان في القلوب وتدعم العزم في إنجاح كل أمر دولتنا الجديدة، في وقتها الانتقالي هذا ووقتها الدائم بعد وصول مركب الانتقالية إلى مرسى دولة السودان المؤسسة على مبادئ المدنية والديمقراطية.

اماني ابوسليم
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..