ثورة ناعمة: على هيئة علماء السودان أن تدرك أن كرسي الرئاسة ليس حكراً على الرجال..

الخرطوم – صباح موسى

حتى أمس كان غلاف كتاب المفوضية القومية للانتخابات يضج بترشيح سيدتين لخوض ماراثون الانتخابات الرئاسية المقررة أبريل المقبل، وهما الدكتورة فاطمة عبد المحمود مرشحة عن الحزب الاشتراكي، ومحاسن عبد الوهاب التازي مرشحة مستقلة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عدة بخصوص تلك التطلعات التي منحها الدستور للمرأة الطامحة في الوصول إلى الرئاسة.. بينما تريد هيئة علماء السودان أن تحجبها، فمنذ (الكنداكات) لم ينقطع عطاء المرأة، وتطور الأمر حتى أصبحت حواء السودان وزيرة وسفيرة ومستشارة للرئيس، ومثلما نالت تلك المكاسب ها هي تحوز الأضواء مجدداً في الملعب الانتخابي. هيئة علماء السودان تفتي بعدم جواز توليها لمنصب رئاسة الجمهورية، باعتبارها ولاية عامة، ما أثار دهشة الكثيرين، وثارت بسببها ثائرة البعض حتى من داخل القبة التشريعية.. فما الذي جرى بالضبط.؟

ابتداءً وبعد ظهور اسم المرشحة المايوية فاطمة عبد المحمود ومحاسن التازي، لم تكتف هيئة علماء السودان بالصمت، بل أفتت بعدم جواز تولي المرأة لذلك المنصب الرئاسي، وذهبت أكثر من ذلك، وهو أن العلماء حسموا الأمر للذكور دون الإناث، مستدلة بنصوص من المذاهب المختلفة في هذا الشأن، هذه الفتوى تطرح السؤال المباشر.. هل ما يعطيه الدستور من استحقاق للمرأة محرم فقهيا.. وهل ما يعطيه الدستور للمرأة باليمين تأخذه الفتاوى الفقهية باليسار.؟

الدكتور عبد الرحيم علي رئيس منظمة الدعوة الإسلامية تصدى بشكل حاسم، وقال إن هذا الأمر لو حدث به جدال، يجب أن يكون مجمع الفقه الإسلامي هو المرجع الأساسي فيه، وأوضح أن من وضعوا الدستور أجازوه بعد آراء ومناقشات بين علماء وفقهاء حتى وصلوا إلى هذه الصيغة، مضيفا أن النص الدستوري الذي يجيز ولاية المرأة وضع وفق اجتهاد، وفي هذه الحالة فهو ملزم.

خلافة لا رئاسة

من جهتها اتفقت السفيرة ووزيرة الدولة بالإعلام السابقة سناء حمد، مع د. عبد الرحيم علي معتبرة أن أمر تولى الرئاسة نوقش بالدستور، واتفق عدد كبير من العلماء والفقهاء على أن الولاية العامة التي يستند إليها البعض في تحريم ترشيح المرأة للرئاسة يقصد بها ولاية عموم المسلمين كالخلافة، وهي مختلفة عن رئاسة الجمهورية، وتضيف أن هناك نسب مشاركة كبيرة للمرأة بلغت 30% في البرلمان، وأنها تشارك في دولاب عمل الدولة بنسبة 82%، وحوالي 50% من الخدمة العامة، مشيرة إلى أن المحامي العام بالبلاد الآن سيدة وهي تجربة فريدة على مستوى المنطقتين العربية والأفريقية، ورغم سعادتها بما وصلت إليه المرأة السودانية ونيلها لحقوقها، إلا أنها بدت غير متحمسة للكوتة التي تعطى للمرأة في البرلمان، تابعت سناء: سنعتبرها مرحلة انتقالية حتى تستطيع المرأة المنافسة في دوائر جغرافية مع الرجل، ومضت إلى أن النساء أثبتن كفاءتهن في كل المناصب التنفيذية التي تقلدنها سواء في الرعاية الاجتماعية والتعليم على سبيل المثال، وأنه ليس صعبا عليهن إثبات كفاءتهن في أي منصب يسند إليهن.

تقاليد متخلفة

كمال عمر الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، يرى أن حزبه يعطي الحق للمرأة في الولاية العامة في المجتمع السياسي، وقال عمر لـ( اليوم التالي) إن الوظيفة السياسية ليست حكرا على الرجل، وإن المرأة من حقها ذلك، لافتا إلى أن هناك تقاليد متخلفة أضعفت حقوق النساء، وإن هذه التقاليد والعادات ليست لها علاقة بالدين ولا السياسة أو الحريات، مشيرا إلى أن هناك تجارب نسائية ناجحة جدا في رئاسة الجمهورية بالعالم في البرازيل وألمانيا وغيرها، وأن النساء قدموا نماذج في غاية التطور لهذا المنصب، وقال قبلها حدثنا القرآن عن بلقيس ملكة سبأ، مضيفا: نحن كحزب ندعم ترشيح النساء في كل الانتخابات وليست الرئاسية فقط، ولدينا نساء في مناصب عليا بالحزب كنائب الأمين العام وهي سيدة.

ليست أولوية

من جانبها تقول الدكتورة رجاء حسن خليفة المستشار السابق لرئيس الجمهورية إن الفتوى لم تصدر من مجمع الفقه كمؤسسة، وتعتبر في حديثها ? للصحيفة – أن هذا رأي واجتهاد أحد أعضاء المجمع، ومن وجهة نظرها ليس هناك ما يهدد مكتسبات المرأة التي كفلها لها دستور السودان الانتقالي الذي لم يشترط الذكورة شرطاً للترشح، وفي هذا سعة.. وصحيح أن رأي جمهور العلماء رأى عدم جواز تولي المرأة الولاية الكبرى، وتستطرد رجاء قائلة: ( لكن الإمام ابن حزم الظاهري أفتى بغير ذلك واختلاف العلماء رحمة بالأمة) وزادت: بما أن الدستور رأى الجواز استنادا إلى مرجعيات معلومة، فليس هناك ما يهدد مكتسبات المرأة، وليس هناك حجر على آراء العلماء، وتضيف: أن الأمر برمته ليس أولوية للأمة لا في الجانب الفقهي، ولا في جانب المشاركة السياسية للمرأة.. الآن الأمة الإسلامية مهددة ومحاصرة ومقاتلة ومفترى عليها، كما أنه ذات الوقت ليست قضية تولي المرأة لرئاسة لحمهورية أولوية في أجندة الوطن وهمومه والنساء وقضاياهن. وترى رجاء أن التدرج في قضية المشاركة العامة، وترسيخ الوجود البرلماني والدخول عبر الدوائر الجغرافية واتساع المشاركة في الجهاز التنفيذي والدبلوماسي وفي مفاصل الخدمة المدنية يأتي في الأولوية على قضية رئاسة الجمهورية، لتخلص إلى أن التدرج سنة الحياة لتحقيق الريادة، وتعني الريادة للنساء عموماً.

تجديد الفتاوى

أول ردة فعل جراء الفتوى، صدرت من نائب رئيس البرلمان سامية أحمد محمد.. سامية في تصريحات صحفية، قالت إن الدستور لم يميز بين الرجل والمرأة في الترشح لرئاسة الجمهورية، واعتبرت أن الدستور يمنح أي مواطن حق الترشح لرئاسة الجمهورية، وطالبت سامية علماء السودان بتجديد الفتاوى بما يقتضيه الواقع الحالي. من جانبها قالت الدكتورة فاطمة عبدالمحمود، المرشحة لانتخابات الرئاسة المقبلة، إن العملية الانتخابية تعتبر حقا دستوريا لجميع المواطنين، معربة عن تفاؤلها الفوز بمنصب رئيس الجمهورية خلال الانتخابات القادمة، داعية الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة بفاعلية في إنجاح الانتخابات، وأعلنت عن اكتمال كافة الترتيبات الخاصة بعملية الترشيح، كاشفة في الوقت نفسه عن اختيار جميع المرشحين للقوائم القومية والولائية وقائمة المرأة الخاصة بحزبها خلال اليومين القادمين. ويبقى أن تجربة ترشيح المرأة السودانية للرئاسة تجربة فريدة، وأن جرأة النساء أنفسهم للدخول في هذا المعترك مغامرة مثيرة للاهتمام، وحتى إن لم تحقق المرأة مكاسب في هذا الإطار على المدى القريب تظل خطوة دخول الانتخابات والترشح للرئاسة خطوة لا مثيل لها في المحيط العربي.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. ربنا خلق المرأة ويعلم امكانيتها سبحانه ولم يرد فى القرآن الكريم مايشير على رئاسة المرأه بل اعفيت المرأه من الجهاد وصلاة الجمعه والنبوه ومن الصلاة اسبوع شهريا وعند النفاس ووضع كاهل معيشتها على الرجل فلماذا هذا التنافس المعيب الم يكن من صنعكن؟ بلى ألزمن يا نسوان حدودكن فالمرأه دورها عظيم فى تربيه الاجيال فلا تخطين هدفكن فتخسرن الدنيا والاخره.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..