مقالات سياسية

جامعات لا ثكنات

د. نورالدائم الخضر

منذ انقلاب ما يعرف ب (ثورة الانقاذ الوطني) بقيادة (الحبيس حاليا) عمر البشير وبتخطيط من الحركة الاسلامية السودانية (الطريدة للقانون حاليا)، كانت الجامعات السودانية والمدارس الثانوية مجرد (ثكنات) لتجييش صغار الطلاب وتفريخ المجاهدين للحرب باسم الدين ضد مواطني الوطن الواحد من الجنوبيين السودانيين تحت فرية اسلامية وعربية السودان. إلى ما افضى اليه التخبط اﻷهوج في تعريب المناهج الجامعية ما أفرغ الجامعات من محتواها كمؤسسات تعليمية وتربوية تنمو وتتطور باستقلالية كاملة تمكنها من التواجد والمنافسة اقليميا وعالميا. وما أفضى ذلك اليه من زرع العنصرية البغيضة في نفوس مجتمعات الشباب في ربوع ماتبقى من السودان بعد الفصل القسري لجنوب الوطن.

وفي إطار التمكين، يتم اختيار مدراء الجامعات بعناية فائقة لخدمة المشروع الحضاري للحركة الاسلامية وتنفيذ أهداف (ثورة التعليم العالي) إبان وزارة الاسلامي المعروف / ابراهيم أحمد عمر.إذ أصبح من المألوف أن ترى مديراً للجامعة في بزته العسكرية مخاطباً طلابه وموظفيه أن هلموا للجهاد ونصرة الوطن لطرد التمرد دفاعاً عن عروبة وإسلامية السودان. ويلي المدراء كذلك عمداء الكليات ورؤساء القسام بحيث فقدت الجامعات استقلاليتها العلمية كليةوماصاحب ذلك من التراخي في الترقيات لمنسوبي النظام على حساب الكفاءة حسبما تقول نظرياتهم – الولاء قبل الكفاءة –ما أفقد الجامعات هيبتها اﻷكاديمية التي بنتها على مر العقود – إلى أن تم اقتلاع هذا التخبطبواسطة ملحمة شعبية عارمة انتظمت جميع ربوع السودان ولازالت الثورة مستعرة. نقطة سطر جديد.
تظل الجامعات أهم مؤسسات التغيير والتطور في جميع المجتمعات الحديثة بوصفها المصدر اﻷساسي للموارد البشرية المدربة لمقابلة تحديات التنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي. يتطلب ذلك في هذه المرحلة من بناء أول دولة مدنية في السودان استقلالية الجامعات اﻹدارية واﻷكاديمية وتنظيفها من الجهوية والمحاور اﻷيديولوجية من خلال إدارات متمرسة تعني بالكيف لا الكم وإعادة اﻹنضباط في اللوائح اﻷكاديمية المختصة بترقيات هيئة التدريس وتلك المختصة بسياسات القبول للجامعات. هذا وبما أن إنشاء جامعات ولائية كان في مجمله ترضيات سياسية اقليمية أكثر منه لتلبية حاجات الوطن الملحة. زد على ذلك تنامي الجامعات والكليات اﻷهلية لمنسوبي النظام وقتها بغرض الربح ما أفرغ العملية التعليمية من محتواها وحولها إلى سلعة يتأرجح سعرها صعودا مع تنامي الطلب في ظل إفراغ الجامعات الحكومية من الموارد والتجهيزات اللازمة لتنفيذ البرامج التعليمية.

تشير الاحصائيات الى ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات بمافي ذلك التخصصات النادرة والتي يدخلها الطلاب بشق اﻷنفس مثل التخصصات الهندسية والطبية. يظل التساؤل مشروعاً: لماذا يستمر الوضع هكذا وتقوم الجامعات سنوياً بتخريج آلاف الطلاب في غياب سوق محلي للعمل؟ وكان مؤسساتنا الجامعية تخرج بغرض الصادر وليس تلبية احتياجات سوق العمل المحلي. نحتاج لقرارشجاع يعيد للتعليم الوسيط هيبته ومكانته لتنشيط التعليم الثانوي الفني في الدراسات التجارية والزراعية والفنية الصناعية وغيرها على أن تستوعب ذلك الخدمة المدنية بشقيها العام والخاص. نقطة سطر جديد.

نورالدائم الخضر
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..