
تأمُلات
ربما يبدو هذا العنوان صادماً للبعض، لكنه بالنسبة لي يفش جزءاً من (غبينتي) وحزني على من رحلوا عن دنيانا فداءً للوطن.
فهذه الثورة لم تأت بالساهل كما يعلم الدكتور حمدوك وبقية وزراء ومسئولي حكومته.
وفي الوقت الذي كان يرفل معظم هؤلاء الحاكمين في نعيم وظائفهم المرموقة بالخارج ظل فتيتنا الأشاوس ومهيراتنا الجسورات يتحملون أذىً يهد الجبال.
وعندما ضحى الشهداء بأرواحهم الغالية ما كان يدور بخلد أي منهم أن ينتهي الأمر بحكومة ضعيفة ومتساهلة مع من يسعون لتخريب هذه الثورة.
لهذا ظللنا منذ اليوم الأول نحذر بتكرار ممل من الوقوع في فخ العواطف مجدداً، أو منح أي كائن مهما علا شأنه صكوك على بياض.
وأنت أول هؤلاء الذين يفترض أن يستحوا مما يفعلونه يا دكتور حمدوك.
فقد منحك الثوار ثقتهم وساندوك بكل ما يملكون ودفع الكثيرون من جيوبهم تجاوباً مع حملات “جنيه حمدوك” و”القومة للسودان” وغيرها من المبادرات.
فماذا كانت النتيجة، وماذا قدمتم لهذا الشعب ولثورته المجيدة!!
لم تقدموا أكثر من الكلام المعسول والخطب الرنانة والوعود صعبة التحقيق.
ولو اقتصر الأمر على ذلك فقط لما إضطررنا لمخاطبتكم بمثل هذا العنوان.
لكن المؤسف أنك شخصياً فرضت على السودانيين الكثير من الرجال والنساء الذين يبدو واضحاً أنهم لم يستوعبوا حتى اللحظة معنى مفردة “ثورة”.
وغاب عن معاونيك أن هذه الثورة بالذات اختلفت عن سائر الثورات التي شهدها العالم بأسره ، لا السودان وحده.
في اليوم الذي أتيت فيه بمعاونتك الإعلامية داليا الروبي (صحبة راكب) ليهلل البعض ويخوضون في حديث المقارنات الغبية بين مهيرات حكومتك وأخوات نسيبة ظللنا نتساءل: من أين أتت داليا ولماذا لم يفكر رئيس الوزراء في الإستعانة بإحدى المهيرات اللاتي شاركن في هذه الثورة!
يومها لم نكن بالطبع على عداء مع داليا ولا كنا نعرفها من قبل.
فقط أردنا وقتها أن ننتصر للمباديء، لعلمنا التام بأن من يصمت عن ممارسة غير مظبوطة سوف يغض الطرف بعد حين عن العشرات مثلها.
وهذا ما حدث بالفعل.
فقد توسعت دائرة مكتبك الخاص وكلهم كانوا من شخصيات لم تعايش هذه الثورة العظيمة، لذلك كان طبيعياً أن يتصرفوا بالصورة التي تتناقلها المجالس.
لا حديث لغالبية السودانيين هذه الأيام سوى عن “شلة المزرعة” التي تتحكم في الشأن السوداني.
ولا يتوقف الجدل حول كبير مستشاري حمدوك الذي حامت حوله شبهات تجنيب بعض الأموال، هذا بجانب مساعيه لفرض إرادته على السودانيين بالرغم من أنه لم يُضرب بالبمبان ولا دخل معتقلات قوش ولا شاهد الرصاص الحي يُطلق على المتظاهرين ولا كتب مجرد حرف دعماً هذه الثورة.
فمن أين أتيت بكل هؤلاء، ولماذا تفعل بنا كل ذلك يا حمدوك!!
لا أتفق مع الرأي القائل بأن حمدوك يواجه متاعب كثيرة وضغوطاً متباينة، لأنه ببساطة من سهل على أعداء الثورة النيل منه ومن حكومته.
فمن يبدأ بإهمال مكتبه والإستعانة فيه بالأصدقاء والمعارف على حساب مباديء وقيم هذه الثورة من الطبيعي جداً أن يواجه الصعوبات.
ومن يأتي بوزيرة مالية تدشن مهامها بـ (تكسير الثلج) لبعض القوات، قبل أن تمضى لحديث (الشحدة) وتنتهي بالتشديد على تعزيز عملية طباعة العملة لابد أن يواجه المتاعب ويعرض معه البلد للمخاطر.
فهل يفوت على خبير ودكتور وموظف أممي كبير مثلك أن وزراء المالية في مثل هذه الحكومات الإنتقالية يُنتظر منهم أن يأتوا بالأفكار الجديدة والخلاقة لإزالة العقبات!!
بعد أن صعقتني هذه الوزيرة المُكلفة بكلامها (الخائب) سألت عنها أحد أساتذتها فأكد لي أنها كانت (شاطرة) جداً وتخرجت بدرجات عالية قبل أن تواصل دراساتها العليا وتلتحق ببعض الشركات الكبيرة.
سألته أيضاً عن توجهاتها السياسية فرجح أن تكون منتمية للجبهة الديمقراطية.
ولابد أن أصحاب العقول سوف يتساءلون: كيف لخريجة إقتصاد (شاطرة) أن تفترض أن حل أزمتنا الإقتصادية يكمن في طباعة العملة!!، بل ما الذي يمنعها من تغيير العملة حتى تعود أموالنا المسروقة طائعة مختارة!!
وما الذي يمنعها عن محاولة إعادة الأموال المهولة التي ما زالت خارج ميزانية الدولة!!
وكيف لمنتمية لجماعة يسارية أو متعاطفة مع هذه الجماعة أن تقول بالفم المليان أنهم في الحكومة (يشحدون) من الخارج، أو أن تتوقع دعماً مقدراً من صندوق النقد الدولي وبقية المؤسسات الدولية التي ظلت تتفرج على لبنان بالرغم من علاقات اللبنانيين مع المتميزة مع الغرب!!
إذاً القصة ليست قلة ( شطارة) أو عدم معرفة أو نقصان فهم بالمسائل الإقتصادية والمالية.
تأملوا الأمر جيداً لكي نعرف جميعاً (المشكلة مكانا وين)!!
ما يفترض أن يبدأ به حمدوك لو كان جاداً فعلاً وراغباً في مساعدة بلده هو أن يعيد موظفي مكتبه ومستشاريه إلى الأماكن التي أتوا منها في أقرب طائرة.
وصدقوني بدون ذلك لن ينفع لا تعيين ولاة ولا تغيير وزراء.
المطلب الأول يفترض أن يكون رجوع حمدوك للحق والإستعانة بثوار حقيقيين في مكتبه وبعد ذلك يتفاكر الناس حول بقية المطالب.
وقبل الختام لابد من تقديم شكر خاص للصديق المحامي المعز حضرة بعد أن ظهر (الساقط) وبقية المجرمين في نظامه البغيض أمام القاضي لأول مرة في قضية تقويض النظام الدستوري.
ومعلوم أن المعز، الناطق الرسمي بإسم هيئة الإتهام هو تلميذ المناضل الجسور الراحل المقيم على محمود حسنين (رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح الجنان).
ورأيي الشخصي أن المولى عز وجل تلطف بهذا الرجل واختاره إلى جواره لأن قلبه المليء بحب الوطن ما كان سيحتمل هذا العبث الذي نشهده حالياً.
جادل الكثيرون الأخ المعز عبر صفحته على الفيس بوك في الأسابيع الماضية ظناً منهم أنه يتكلم شفاهة فقط مثلما يفعل الكثير من (الجعجاعين) في هذا البلد، وأن المخلوع ومعاونيه لن يخضعوا للمحاكمة.
وقد فات على هؤلاء أن أهل شمبات عموماً والحضراب على وجه الخصوص عُرفوا تاريخياً بمقارعتهم للأنظمة الشمولية.
كنت على ثقة دائمة بأن هذا الشبل ( المعز) من ذاك الأسد (حسنين) فقد عرفنا مجاهداته منذ سنوات طويلة ومواقفه القوية مع المظلومين طوال سنوات حُكم (المقاطيع) لهذا لم أشك للحظة في أن المعز يقدم وعوداً لتخدير الناس.
ظهر المجرمون في أقفاص الإتهام، وهذا ما عمل له الراحل وأكمل المهمة بنجاح تلميذه المعز.
وإن اكتملت المحاكمات أم لم تكتمل فهذا ليس شأن هؤلاء الرجال الذين قدموا ما يستطيعون بكل إخلاص وتفانِ.
فقد أصبح الأمر الآن في يد الحكومة، والثوار وحدهم من سيقررون كيف تمضي الأمور في هذه المحاكمات.
صحيح أن وقتاً ثميناً قد ضاع قبل ظهور هؤلاء المجرمين أمام القضاء، لكن العتب ليس على المعز وزملائه، بل يقع كل اللوم على قوى الثورة.
ولا تنسوا أن الراحل حسنين طلب من المعتصمين في أول زيارة له للميدان أن يُفعلوا الشرعية الثورية ويعلنوا حكومتهم من هناك.
ولو سمع القوم نصيحته الغالية واستعانوا بمشاريعه التى أمضى فيها جل سنوات غربته القسرية لما عشنا هذه الأيام التي نخجل فيها من الإشارة لبعض وزراء حكومة ثورة ديسمبر العظيمة.
شكراً المعز وننتظر منكم المزيد في جرائم ( المقاطيع) التي لا تحصى ولا تعد.
كمال الهِدي
[email protected]
اخي ود الهدي عفوا داليا الروبي مناضلة جسورة تم اعتقالها وهي حامل وتعرضت للبهدلة بواسطة الكيزان فهي كنداكة وبنت جدعة ومداوسة للكيزان صبتها مع الناس في القيادة هذا بالاضافة لتاهيلها الاكاديمي الجيد، بعدين يبدو للبعض انها (بت ميكي وصحبة راكب كما وصفتها انت) لا لا انا عرفتها من خلال العمل في منظمات العمل الانساني انسانة مؤهلة جدا تحب الاندارشة والانجاز كم احبها الاعمام والخالات الذين عملوا معها…انا من قرائك لاول مرة اشوفك اتسرعت اتمنى تجمعك بها الايام ستتذكر هذا المقال وتقول تسرعت ياود الهدي .
بطل طريقة. الم تقل سوف ثثوقف عن الكتابة. ليتك فعلت. انك تحارب طواحين الهوا وخليك فى صحار أو ظفار احسن.
استاذ كمال انا من الذين صدمهم العنوان، من الذين أذهلهم العنوان، من الذين جرحهم هذا العنوان، لا يجب أن يقال في رئيس وزراء ترك مكتبه الفخيم انمكيف و سيارته الفارهة و بيته العصري الجميل و مرتب الدولار و الوظيفة العالمية المرموقة ليساهم في نهضة بلده، يجب علينا أن نخاطبه باحترام و ليس بالطريقة التي يًخاطَب بها لص، هذه العبارة يمكن أن نخاطب بها البشير و نافع و علي عثمان، غير مقبول أن تخاطب إنسان يجاهد ليخدم بلده بكلمة (إستح)؟؟؟!!!…. ،كم هي مؤلمة هذه الكلمة، ثم هل من الأفضل أن يعطينا و عود جميلة يتنمى أن يحققها أم تريده أن يحبطنا و يرسم صورة قاتمة للبلد. الوعود الجميلة، الكلمة المتفائلة، بشروا ولا تكشروا، بتلك العبارات تُشحذ الهمم، تُرفع المعنويات تُفَجّر الطاقات لدى الشعب بأن هنالك غد مشرق، (يا حمدوك أن لم تستح فافعل ما شئت) عنوان محزن ليس صادماً فقط قول: جارح، مُسيئ، مفزع، حارق، مدمر…. هذا رئيس وزراء يا أستاذ كمال، هل من الحكمة الإساءة له بهذه الطريقة. تُرى ماذا سيكون رد فعلنا إذا غضب، يئس و حزم حقائبه و عاد من حيث أتي؟؟ واله ستكون كارثة على الثورة و على البلد. وسيشمت فينا الكيزان، بل قد يعودون و نحن في غفلة نقيم مأتماً على رحيله، أستاذ كمال، من يجب أن يستحي هو من يفعل العيب، هل حمدوك يفعل عيباً؟؟؟؟ هل هو لص ليستحي؟ هل هو مجرم ليستحي؟هل هذه الكلمة مناسبة لتقال في رجل كاد أن يفقد حياته ثمناً لرغبته في خدمة بلده؟ كم أغضبتني و أغضبت الملايين بهذه الإساء لرجل شريف، ليس عنده عيب ليستحي منه. حاشاه والله. هذا العنوان يستحق منك الإعتذار يا أستاذ، لقد جانبك فيه التوفيق، أو (شالتك الهاشمية)، هل تريدنا سيدي أن نقول للديمقراطية….. (جر)؟؟؟