أسئلة الطفولة المربكة
في طفولتي البعيدة كنت كأي طفل غرير لم تعجم عوده رحلة الحياة الماكرة بعد ارتبك أمام اسئلة من شاكلة:
– اسمح هنا ولا الخرطوم؟
– ما عرفتني ؟
ولكن السؤال المجلجل و الذي احتجت الي زمن طويل لأصل الي اجابته كان :
– بتريد أمك ولا أبوك أكتر ؟
ما يزيد الأمر ارباكاً أن السائل سيكون غالباً من أهل الأم أو الأب و لن ينجيك حينها أن تتحيز لجهة السائل لأنك لن تأمن غوائل دلّه بالاجابة علي أهل الطرف الخاسر ..!
لاحقاً عرفت أن العلاقات داخل الأسرة الواحدة قد تختلف في نوعها و لكنها تتشابه في عمقها ، ولم أجد أوفق من قصة طه حسين التي اوردها في سيرته الذاتية الموسومة ( الايام ) لتصف باختصار طبيعة هذه العلاقات المختلفة المتشابهة ؛ فقد حكي في كتابه أنه في أحد جلسات عائلته علي مائدة الفطور تدفق بعض ما كان يأكله من عسل علي صدره بسبب فقدانه لنعمة البصر و قد قال في وصف رائع لردة فعل افراد أسرته علي ذلك:
أما أخي فقد ضحك ..
و أما أمي فقد بكت ..
و أما أبي فقد قال : ما هكذا يؤكل العسل يا بُني ..!
الجميلات هُن الزرافات !
شبّه الشعراء محبوباتهم بأشياء مختلفة ، لعل أكثرها كان بالغزلان منذ ابن الملوّح الذي خاطبها قائلاً:
عيناك عيناها و جيدك جيدها
لكن عظم الساق منك رقيق !
و حتي الحاردلو الذي قال حين اجفلت منه اسراب الغزلان :
يا بنات الريل خباركَنْ بتجفّلن من خالكن
لا باكل لحمكن.. لا بريد كتالكن ……
و الحاردلو مولع بتشبيه الجميلات بالصيد حتي ان أشهر مساديره قد سمي ( مسدار الصيد )
و من قوله في ذلك ما غناه الكابلي في مقدمة أغنيته المشهورة :
طوّلتْ بالعسين قانص بدور كلبيْ
ما لقيت من يستحق نمي و نوادر قلبيْ
و قد ظل مخلصاً بولعه هذا حتي أواخر عمره حين ادارت له الحياة ظهرها فوصف ذلك بقوله :
شردن مِني ْ صِيدات الهويد الدُرجْ
و لِقَنْ الدنيا ماسكابي الدروب العُرجْ
و الحاردلو من المجيدين في تشبيه الجميلات بالحيوانات
و لكن نزار قباني بلغ في ذلك مرتقيً صعبا حيث أنه أول و آخر من نجح في تشبيه المحبوبة بالزرافة ، وذلك حين داهمه الحنين عندما جاء الوقت الذي كان يجلس فيه لتناول الشاي مع زوجته العراقية بلقيس التي كانت ممن يصدق فيهن قول محمود درويش ” الطويلات هُن الجميلات ” و التي توفت في تفجير السفارة العراقية بلندن فقال في رثائها :
و لكن نزار قباني بلغ في ذلك مرتقيً صعبا حيث أنه أول و آخر من نجح في تشبيه المحبوبة بالزرافة ، وذلك حين داهمه الحنين عندما جاء الوقت الذي كان يجلس فيه لتناول الشاي مع زوجته العراقية بلقيس التي كانت ممن يصدق فيهن قول محمود درويش ” الطويلات هُن الجميلات ” و التي توفت في تفجير السفارة العراقية بلندن فقال في رثائها :
هذا أوان الشاي العراقي المعتق كالسلافة
فمن سيوزع الأقداح أيتها الزرافة ……..!
د. محمد حسن فرج الله