
السودان، وطن عملاق يتعثّر بقزمية أفعال بنيه، موارده تتفرهد وتذبل فتموت دون أن تُخطب حتى، لأن هؤلاء البنين إما عاجزون إو ساديون.
لا بد أن نعترف نحن السودانيون بأن في داخل وجدان كل واحد منّا، كتلة مشاعر وطنية كاذبة، متفاوتة في الحجم، تجاه الوطن ورافضة لقبول بعضنا البعض، تخفيها أقوالنا وتكذّبها أفعالنا وتنمو كل تلك السلبيات مع نمائنا وتعيش معنا.
تبدأ تلك المشاعر في الاشتعال متى أحس أحدهم أن ما يجري من حوله، يمكن أن يقدّم مصلحة عامة على مصلحة ذاتية، وان الاختيارات قد تجاوزته رغم ادراكه بأن معاييره لم تكن تؤهّله، أو في الجانب الآخر، عندما يكون هو في موقع الاختيار، يتجاوز الالتزام بالمعايير ويستبدلها بعلاقات الزمالة والقرابة والمجاملة.
من لا يصدّق هذا الحديث، عليه أن يختلي بنفسه ويعيد شريط أقواله منذ أن تخطّى سن السابعة عشر من العمر، ويقارنها بأفعاله، إذا اهتزُت مشاعره ووجِلت، فاليعلم أنّه في حاجة إلى جراحة معنوية ونفسية حتى يستقيم معيار الصدق في أقواله وتتعافى الشفافية في أفعاله.
حتى ينصلح حال هذا البلد، لا بد أن يعمل كل سوداني على استئصال تلك البؤرة الآسنة، وأن يستبدلها ببلّورة شفافة تقدّم للوطن الأفعال قبل الأقول، وأن لا تمنح أخيه السوداني الآخر رصاصة أو كلمة جارحة او بمبان، ولكن تقدّم له شقيقة نعمان.
برغم ولهنا للمدنية، الشكر للولاة العسكريين المكلفين، لأنهم أيضاً تولّوا المسئولية في مرحلة حرجة، نجوا في بعض مهامهم وأخفقوا في أخرى. وندعوهم أن يضعوا أيديهم على أيدي الولاة الجدد بمساعدتهم على ضبط الأمن والاستقرار، وقد تفرغوا الآن لمهامهم المهنية.
كل التهنئة نقدّمها باقة من الدعم للذين تم تعيينهم من الولاة المدنيين، ولا نقول لهم أننا فقط نلهج بالدعاء لنجاحهم، ولكن نعمل ما بوسعنا لمساعدتهم.
عبد الجبار دوسة
٢١ يوليو ٢٠٢٠م
إلى: [email protected]