مقالات وآراء

 دراما اعلان الولاة!

قبل حوالي عام، أذيعت أنباء عن محاولة انقلابية اتهم بالتخطيط لها بعض ضباط الجيش السوداني من الرتب القيادية الرفيعة.. كتبتُ معلقا في صفحتي على موقع “فيسبوك”، وطلبت من الشعب أن (لا يعيش في الدراما)!! وأن يركز على ما يريد وكيف ينجزه ويحقق التغيير الحقيقي الذي من أجله سالت دماء شهداء ثورة ديسمبر المجيدة، وكانت في تلك أيام المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري لبحث هياكل الحكم للفترة الانتقالية.
أمس الأول، تلقيت دعوة من اعلام مجلس الوزراء لمؤتمر صحفي يعقده د. عبد الله حمدوك رئيس الوزراء الانتقالي لإعلان قائمة حكام الولايات المدنيين الجدد. في الحال طفرت في ذهني أسئلة حتمية.. هل يحتاج اعلان قائمة أسماء الولاة إلى مؤتمر صحفي؟
الاجابة الموضوعية الرشيدة هي “لا” كبيرة، إلا إذا أرادت الحكومة أن تجعل من اعلان القائمة “لفت انتباه!” الشعب قليلا عن التحديات التي تواجه البلاد حاليا، خاصة أن الشعب السوداني يعيش حتى النخاع في “دراما” الأسماء المذاعة، من امتحانات الشهادة إلى تشكيل الوزارة ثم الولاة وفي الطريق البرلمان.
الولاة الجدد هم (موظفون!!) اختارهم السيد رئيس الوزراء بعد التشاور مع مرجعياته السياسية والتنفيذية، وغالبا لن يعمروا كثيرا لأن اتفاق السلام الوشيك مع الجبهة الثورية السودانية مشروط بإعادة تقسيم “كيكة” الولاة ومجلس الوزراء، و بنسبة تصل إلى “الرُبع” من المقاعد الدستورية المتاحة في مستويات الحكم الثلاثة، سيادي وتنفيذي وتشريعي، وبهذا المنطق الإفراط في رنين اعلان الولاة لإخفاء أنين الشعب الذي تعتصره الأزمات من كل جانب.
الواقع أن الولاة الجدد – مع كامل تقديري لهم جميعا- وُلدوا من رحم “محاصصة” حزبية متعسرة.. قسمت الولايات بين الأحزاب، ثم اختار كل حزب والي الولاية وفق آلية – ماعدا القضارف- لم تفتح الباب للتنافس الذي يمنح الكفاءة وزنا أعلى من العلاقات العامة.. فكانت النتيجة موجة تذمر في عدة ولايات لا احتجاجا على شخص الوالي فحسب، بل وعلى آلية التجاهل التي لم تتحسس قبول المواطن ولو بأدنى درجة.
بكل يقين الخطوة وبالطريقة التي اعلنت بها نجحت في رفع معدلات الرسائل المتبادلة في وسائط التواصل الاجتماعي وانشغل كثيرون بالسؤال عن سير الولاة ثم تفاصيل ردود الأفعال ، كل ذلك تحت عنوان “الدراما”، لتنتهي كالعادة باضمحلال صيت الحدث ثم ينساه الناس في انتظار حدث أو مؤتمر صحفي يوقظ حاسة التفاعل.
لا أحد يسأل، عن معايير اختيار الولاة ولا عن مهامهم وتفويضهم وخططهم. لا أحد يسأل عن العلاقة بين مستويات الحكم الاتحادي وهل الوالي هو المندوب السامي للمركز؟ و إلى أي مدى هو قادر على تبني سياسات قد تكون ممعنة في التبعية لجهة القرار التي تأتي به، المركز أو الحزب؟
لا سؤال عن الخطة الاستراتيجية للوالي أو الحزب الذي سماه واليا.
لا أحد يسأل، هل سيظل الوالي كما في النظام المخلوع، موظفا يستدعيه رئيس الجمهورية –بل أحيانا نائبه- ويقيله أو يجبره على الاستقالة.. أم أنه قادر على “الاستقلال” بطموحات أهل الولاية ولمصالحهم.
ماهي نقطة البداية التي يمسك بها الوالي الجديد خيط حكمه بعد أداء القسم؟ هل سيغوص في وحل التفاصيل الصغيرة وزحمة الاجتماعيات الرسمية والخطب الجماهيرية؟ أم يجد في مكتبه “كتالوج” يرسم خارطة الطريق الرشيدة لصناعة “مؤسسة” حكم الولاية.
ماذا بعد ان تطير سكرة اعلان الولاة وتحين فكرة العمل لصالح شعوب ولاياتهم؟
من حق الوالي وزوجته وأولاده و أهله وأصدقائه وجيرانه في الحي أن نقول لهم مبروك التعين، وعلى الشعب السوداني أن ينتظرنا ثلاثة أشهر لنقول له مبروك أو “هاردلك”!

التيار

‫7 تعليقات

  1. أنا ما عارف لكن كنت قايل قصة رئيس ووزير ووالي دي حاجة كبيرة وكتيرة عليّ لكن من الشفتو في السودان دا من زمن بشه مروراً بحمدوك .. الشغلانة طق حنك وبس لا أكتر ولا أقل.. وكلمتين من شاكلة الجندر والتنمية المستدامة واصحاب المصلحة ومعاش الناس ودماء الشهداء وبس.

  2. كل هذه الاسئلة وغيرها كنت تسألها حمدوك الذي دعاك للمؤتمر الصحفي ثم تخبرنا بالنيجة

  3. تجمع أحزاب لا تعرف تحكم نفسها ولا تزال تمقلب نفسها في كل مرة يطلب منها اختيار شخص منها فيختارون من خارجهم ويشربون المقلب وكأنهم يقولون نحن لا نستطيع حكم أنفسنا ولابد لأحدهم أن يحكمنا!! حقاً هي محن الزلنطحية لا يجتمعون حتى لاجازة اختياراتهم قبل الزح بها لرئيس الوزراء وهم يتخافتون ويخفون ترشيحاتهم عن بعض! تماماً كما كان يفعل الأنجاس المتنافسين على منصب فكل منهم له طرقه الخاصة في الوصول إلى الكاهن الأكبر بشة والفوز بقرار يصدر منه فيضمن كيكته بأمان من كيد الآخرين! وهكذا تبين أن شلة (أحزاب) قحت ليسوا بديلاً لنظام الفلول وخُقَّ للفلول قبل سقوطهم أن شغلونا بسؤال البديل هذا ولفرط تفاؤلنا أمام تضحيات شبابنا أن البديل واضح وهو على قدر تلك التضحيات ولكن هيهات هيهات، لم نكن نرى المتربصين من وراء أبنائنا الشباب ليسرقوا ثمرة تضحياتهم وهم متخفون لا يعلنون حتى عن أسماء أحزابهم التي وقعوا عنها في ميثاق الثورة مع تجمع المهنيين!
    وحمدوك كيف قبل مرشحي أحزاب قحت دون تمحيص ؟ إذا كان يظن أن اعتماد هذه الأسماء على أنها اختيارات قحت، كما ذكر في مقدمة قراره بالتعيين، سيعفيه من مسئولية أعمالهم في الولايات فهو مخطيء خطأ يقدح في درجة استشعاره لهذه المسئولية التى رمى بها الشعب على عاتفه؟؟
    المطلوب من حمدوك إزاء هذا الخطأ الجسيم في قرار تعيين الولاة أن يصدر قراراً فورياً بتأخير تنفيذه لمدة شهر كفترة للطعون وإبداء الملاحظات من كافة المهتمين والمعنيين خول المرشحين وعلى طاقم مكتب حمدوك جمع كافة الملاحظات والطعون من المتصلين مباشرة وتدوينها أو تسجيلها إن لم تكن مكتوبة، أو من وسائل الاعلام كالمتصلين بالقنوات الفضائية والمعبرين عنها في الصحف الورقية والالكترونية وعلى الوسائط الاجتماعية توتر وانستغرام وفيسبوك والرسائل النصية والصوتية المكتوبة والمصورة الخ. على شلة عواطلية مكتب حمدوك جمع هذه الطعون والملاحات وتلخيصها بأمانة وعرها على حمدوك فور انتهاء فترة الطعون على أن يستعرضها حمدوك في قراره بشأنها ويرينا كيف تقييمه لها ومن ثم قراره فيها.

  4. طيب حضرت المؤتمر ، ليه ما سألت أسألتك الذكية شديد و الخارقة و الثاقبة و التي تصرع أعتي السياسيين؟!!

  5. عاوز تطلب من الأحزاب المشلّعة المخترقة يعملو ليك دا كلّو؟؟
    للأسف الناس كلّها ادمنت النقد الأعمى، أنا أبارك خطوة تعيين الولاة لأنها المدخل العملي لكل ما ذكرت:
    هم يمكن أن يمثلو وجهة نظر الولايات في العلاقة مع المركز ويكونو طرف أصيل في وضع قانون حكم ولائي مؤقت
    هم يمكن أن يستخدموا الجهاز البيروقراطي الولائي للحصول على المعلومات وإعداد الدراسات والخطط
    هم يمكن أن يستمعوا لشعوب الولايات ويشركوهم في الإدارة
    ورغم أننا لا نضمن تنفيذ كل هذه المثاليات، إلا أن أعيننا يجب أن تكون على المستقبل بدلا من النقد من أجل النقد، كان بإمكانك أن تدعو لمؤتمر للحكم الولائي بعد عدة أشهر مثلا، أو ببرنامج انتقالي لكل ولاية وهكذا، ولكنك اخترت الصياح والنواح

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..