أخبار السودان

شيكاغو بويز السودان يعبثون بثورة الشعب

حاتم درديري

درست في الجامعة في كورس يسمى بقضايا دولية معاصرة، وكان صندوق النقد والبنك الدوليين أحد محاور المادة العلمية، ولكن لم نتعمق كثيراً في أسرار هاتين المؤسستين للأمانة، ولكن الخلفية التي درستها ساعدتني في مهنة الصحافة التي ما زلت لم أحسم أمري بالاستمرار فيها أو هجرها والبدء في رحلة عمل جديدة، وتناولت مواضيع تخص المؤسستان المتوحشتان كما يحلو لشعوب أمريكا الجنوبية (الأرجنتين، البرازيل، تشيلي..الخ).

خلال نقاشي خلال الفترة السابقة عجزت عن اقناع بعض الشباب المتحمس لعودة انفتاح السودان على العالم من جديد، وظلوا يرددون أنه لا بد من التعامل مع المؤسستين الاقتصاديتين مهما كان الثمن لأن في ذلك مصلحة وطنية للبلد، ولكن تطورات وطننا الاقتصادية والتدهور المعيشي ظل يحزنني بشكل يومي خاصة عندما استمع لرأي المواطنين واستيائهم، وتعالي الاصوات التي تقول لقد ضربنا على قفانا ولا أمل.

 

فقررت البحث عن مواد علمية تخص المؤسستين ولحرصي الشديد بحثت عن مضارهما ، وبالتحديد عن الفيلسوف الاقتصادي الألماني أرنست فولف، والمعترف بجرائم المؤسستين الامريكي الاقتصادي جون بيركنز.

بعد حرب أكتوبر 1973 بين مصر مع إسرائيل خفضت الدول المصدرة للنفط صادراتها إلى الغرب لتجني ارباح عظيمة منه، ووتراكم في المصارف التجارية، وليدخل العالم في كساداً شديد بين عامي 1974 و1975، ولكي لا تخسر واشنطن حلفاها بسبب هذه الاجراءات قررت التوقف عنها، وعبر مؤسستها صندوق النقد الدولي قررت الاتجاه إلى الدول النامية في قارات أفريقيا وأسيا وأمريكا الجنوبية التي تم اقراضها الأموال التي تحتاجها لتغطية نفقات أستيرادها للمشتقات النفطية، وقام صندوق النقد باستحداث ما يعرف بالتسهيل الموسع لتحصل على قروض مقدارها 140% ، وبفترات سداد تتراوح بين 4 و 10 سنوات من أجل تمويل الواردات البترولية والتي لم يمكن باستطاعتهم الاستغناء عنها، وكما ذكرنا لم يكن يهمه أذا كانت ذهبت للفساد أو إلى جيوب حكام مستبدين، وانفاقها في الاجهزة الامنية والعسكرية مثل موبوتو سيسي سيكو في زائير ( الكونغو الديمقراطية حاليا)، وسوهارتو في اندونيسيا، وأغستو بيونشية في تشيلي، وذلك لأن الذي يشغل بالهم هو استلام فوائدهم بانتظام فقط لا غير.

 

سأتناول تجربة تشيلي: في العام 1973 دعمت وكالة الاستخبارات الامريكية (CIA)، إنقلاب الجنرال بينوشية على الحكومة الاشتراكية المنتخبة سالفادور أليندي، وقام بالغاء كافة عمليات التأميم التي قامت بها ، ولكن عجز عن مواجهة التضخم الجامح بسبب سياساته التي أتخذها، ولكن ماذا فعل؟ أتصل بينوشية بـ 30 أكاديمياً تشيلياً درسوا العلوم الاقتصادية في مدرسة شيكاغو للاقتصاد، والذين تتلمذوا على الأقتصادي الامريكي ميلتون فريدمان الحائز على جائزة نوبل ، وأطلق عليهم لقب (شيكاغو بويز)، ليعرض عليهم تأسيس حكومة كفاءات ويصبحوا ويؤسسوا معاً (شلة المزرعة) في تشيلي اتفق بيونشية معهم على تبني سياسيات أقتصادية نيوليبرالية مستمدة من صندوق النقد الدولي، ويفرض على البلاد تقشفاً مالياً، وهنا أقول للسودانيين هل تذكرون الحزمة الاولى بعد انفصال جنوب السودان أو استقلاله كما يحلو لأهله، في نهاية يونيو وبداية يوليو 2012 والمظاهرات الطفيفية، ماذا قال وزير البيتزا علي محمود ورئيسه المخلوع القابع في كوبر، هذه الاجراءات ضرورية لأن التقشف ظاهرة عالمية ( ما شفتو اليونان عملت شنو التقشف ظاهرة عالمية)، وسنعود لتجربة اليونان في مقال اخر.

 

بعد تطبيق بيونشية الاجراءات قام بضرب وقمع المظاهرات والحركات العمالية والزراعية في بلاده بلا رحمة وبلا هوادة، وقام باخفاء المعارضين قسراً ، وتسبت اجراءاته بتسريح الموظفين في القطاعين العام والخاص، وخصخصت الصحة والتعليم وارتفعت معدلات البطالة، وقال بينوشية مع صبيان شيكاغو للشعب التشيلي لا تقلقوا أنه العلاج بالصدمة، ومن أدخل هذا المصطلح في السودان؟ أنه الهارب إلى تركيا معتز موسى.

 

لم يكتفِ صبيان شيكاغو بذلك فقط أو (شلة المزرعة) التشيلية بهذا، بل أعدوا العدة للهجوم على عمال اليومية، وأصحاب الأعمال الصغيرة، وذلك من أجل رفع معدل البطالة والتي كانت في العام 1973 نسبتها 3% أرتفعت إلى 18% في العام 1975، يا لجان المقاومة والكنداكات كم يبلغ معدل البطالة في السودان قبيل اجراءات حمدوك؟، ولن ننسى معدل التضخم في تشيلي أرتفع إلى نسبة 341% بسبب تلك السياسات، ومعدل التضخم الاَن في السودان 136% أستعدوا لهدية التضخم القادم من شلة المزرعة، وبالتأكيد فاقمت مجموعة شيكاغو بويز الفقر في تشيلي الذين أصلاً يعيشون تحت خط الققر، وارتفع معدل التفاوت الاجتماعي ، وفي العام 1980 نسبة أستحوذ 10% من سكان تشيلي على 36.5% من الدخل القومي، وفي العام 1989 أستحوذت على 46.5%.

 

ساند صندوق النقد الدولي صبيان شيكاغو (شلة المزرعة التشيلية) في تنفيذ برنامج وصف بالأبشع والأقسى في أمريكا اللاتينية كلها، ولاحظ المراقبون الدوليون أن الصندوق ضاعف قروضه إلى تشيلي بعد استيلاء بيونشية، وزاد من قيمة قروضه إلى 4 أضعاف ثم إلى 5 أضعاف في العامين التاليين.

 

نتيجة للدور الممتاز والجيد الذي قامت به مجموعة شيكاغو بويز، تمت مكافأة أحد رموزها بأن يكون ممثل لصندوق النقد الدولي في الاتحاد السوفيتي في نهاياته، وهو أغستو كارلوس لوبيز المتشبع بالافكار النيوليبرالية، والذي عمل رئيساً للمجموعة البحثية في وزارة الصحة التشيلية، وعمل أستاذاً للاقتصاد في جامعة سانتياغو، بعدأن أدى المهمة بنجاح، أرسله الصندوق لمهمة أخرى في موسكو لإطلاق رصاصة الرحمة على الاقتصاد السوفيتي الذي كان أصلاً منهاراً ، لينفذ خبراته العملية في تطبيق إصلاحات لا تعرف الرحمة تجاه الكادحين.

 

المضحك كان لوبيز قدم ورقة بعنوان “التحول من الشمولية إلى الديمقراطية” عام 1994 ، وكان أصلاً يعمل مع أبشع الديكتاتوريات في العالم وأمريكا الجنوبية خاصة، واصل في تنفيذ تعليمات صندوق النقد الدولي وعمل كأجير مثل ماعمل مع سيده بيونشية، وساهم في تدني الأحوال المعيشية في زمناً غير مسبوق، في السنة الأولى أرتفعت أسعار المواد الغذائية التي تحظى بدعم حكومي مثل البيض بنسبة 1900%، والخبز بنسبة 4300%، والحليب 4800%.

يبدو أن السبب الذي جعل شلة المزرعة بقيادة حمدوك تصر على تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي هو أنهم موعودون بوظائف مرموقة في صندوق النقد الدولي، لهذا نرى الوزيرة المكلفة الفرحانة بالمنصب متحمسة للغاية لتنفيذ برنامج العلاج بالصدمة، ومعها الشيخ خضر وصلاح عوض، والرأسمالية المتطلعين للحصول على (التكويش) على الموارد المالية القادمة من المؤسستين المتوحشتين لتطوير أعمالهم واستثماراتهم، ومعهم جماعة الهبوط الناعم.

 

بعد تجربة تشيلي أدرك الصندوق أنه حان الوقت ليجهز نفسه للعب دور جديد في الاقتصاد العالمي، ويحفز الدول النامية على اتباع الاجراءات النيوليبرالية الاقتصادية، وهذا ما حدث فعلاً  على مرحلتين في عامي 1978، و1979، لسيتكمل اللوائح الداخلية من خلال الفقرات الثلاثة المتضمنة أولاً المساندة المالية ويقصد بها منح البلدان النامية القروض والتوسط لحصول البلدان على القروض، ثانياً المساندة الفنية ومن خلال هذا البند حاز الصندوق لنفسه على حق المشاركة القوية بالفصل في توسيع طاقات الجهاز الحكومية والقرارات المتعلقة بالبنك المركزي في الدولة المعنية، ويتقلد من خلاله منصب وزير المالية ومحافظ البنك المركزي أو عن طريق أفراد (شلة المزرعة) لهم صلة وثيقة بصندوق النقد والبنك الدوليين، ويشاركونه في تبني الليبرالية الحديثة، وهم حكومته في الداخل، ثالثاً الرقابة ويقصد بها حصر الاجراءات الاقتصادية المتعلقة بالاقتصاد الكلي وخفض القيمة النقدية، ومكافحة التضخم، والوفاء بالحكومة الرشيدة، مما يعني التدخل في سيادة الدولة الاقتصادية، تخرج مواكب في الشوارع معترضة على السياسات داخل الدولة، تقام التروس في الشوارع و(الناس تقع البحر في ستين داهية) المهم بالنسبة له تنفيذ ما يريد.

 

الذي يعرف عقلية بعض السياسيين السودانيين في أنهم يحبون لعب دور الوكيل للدول، مثل محور الإمارات  السعودية مصر السيسي يحاربون الأخوان المسلمين أقوم بالذهاب وتسويق نفسي لهم كما فعلت جماعة الهبوط الناعم بزيارتها لأبو ظبي وتسويق نفسها كحليف، ولكن الذي يهمنا ماذا فعل جعفر نميري الذي كان مع المعسكر الاشتراكي وأختلف مع الشيوعيين، وقاموا بتدبير انقلاب للإطاحة به ، وعرف بإنقلاب الثلاثة أيام الفاشل، وعندما عاد أنتقم منهم وقطع علاقاته مع الاتحاد السوفيتي، وعزز علاقاته مع الامبراطور الإثيوبي هايلا سيلاسي الذي قام بمساعي حميدة لوقف الحرب في جنوب السودان مع الخرطوم، وكان له ما أراد بتوقيع اتفاقية اديس أبابا، وساعده في تطبيع علاقاته مع الغرب، وأصبح احد حلفاء النيوليبرالية، وبعد المصالحة الوطنية بدأ نميري يتجه نحو اقتصاد السوق، وأعجب بقروض صندوق النقد الدولي، وحصل على قرض  بقيمة 5 مليارات دولار، وقام بطرح نفسه للقوى الكبرى قائلاً لهم قضيت لكم على اعدائكم الشيوعيين، فأريد مكأفاة فقالت له دول المعسكر الرأسمالي (ياخي نحن عارفينك راجل جدع نسفت لينا الشيوعيين نسف هنديك القرض لكن شفت صاحبك داك بيونشية بتشيلي عمل شنو لمن اديناهو القرض بس تمشي تعمل لينا زيو) فقال لهم ( أبشروا والله نشوف بيونشية عمل شنو ونطبقه  بحذافيرو بالضبط).

 

 

في العام 1979 عرض صندوق النقد الدولي على العالم برامج التكيف الهيكلي، والتي أصبحت سارية منذ ذلك التاريخ، وليحدد الاتجاه الذي سيسلكه الصندوق مستقبلاً، والتي تقوم على 4  اسس هي ليبرالية، تحرير، أستقرار، خصخصة.

 

اما شروط برنامج التكيف الهيكلي:

  1. الوصول إلى حالة توازن في ميزانية الدولة، وانتهاج التقشف المالي، وإلغاء الانفاق المخصص في مناحٍ معينة.
  2. خفض قيمة العملة الوطنية (تعويم) وتحرير سعر الصرف، من أجل تعزيز القدرة التنافسية في الاسعار العالمية.
  3. الغاء القيود على الواردات السلعية وتداول العملة الاجنبية، بمعنى عدم وقف استيراد السلع الكمالية.
  4. الغاء القيود المفروضة على الاستثمارات الاجنبية بمعنى توقيع اتفاقيات استثمارية مجحفة بحق الشعوب.
  5. خصخصة وبيع المشاريع الحكومية، وأملاك الدولة للرأسمالية.
  6. تشريع لوائح قانونية، تضمن حقوق المشاريع الخاصة.

وبسبب برامج التكيف الهكيلي وصل الدين الخارجي لافريقيا وامريكا والجنوبية 473 بعد سنوات من تدشينه عام 1985، وسنتناول في مقال لاحق نتائج التكيف الهيكلي والمقاومة التي وجدها في ثمانينات القرن الماضي.

 

كان السودان من الدول التي طبق فيها برنامج الإصلاح الهيكلي، وكان المايويين الذين يتبجحون بعهدهم الأفضل بتاريخ السودان في حين أنه لأول مرة عرف صفوف الوقود والخبز في عهدهم، ذهبت القروض إلى مشاريع فاشلة ولم نستطع السداد، ومع تفاقم الاوضاع الاقتصادية أطلت الحرب برأسها في جنوب السودان مرة أخرى بسبب تحريض شقيق الصندوق البنك الدولي لنميري باقتلاع أراضي الجنوب سودانيين، وتدهورت الاحوال المعيشية، لتندلع أنتفاضة مارس أبريل 1985.

 

كتب كبير الباحثين في مركز وودرو ويلسون الدولي ديفيد أوتاواي والمراسل الدولي لصحيفة  الواشنطن بوست الامريكية  في الخرطوم بثمانيناتالقرن الماضي خلال ثورة ديسمبر في الخامس من فبراير 2019  مقالا عن الثورة السودانية، وعادت به الذكريات إلى 35 عاماً، وقال ان التاريخ يعيد نفسه حيث البشير يتتبع  خطى نميري ، كيف يستجدي كلاهما المنقذ الأجنبي بين يدي الساعة الحرجة .

 

وعقد أوتاواي مقارنة بين آخر أيام نميري في الحكم وأيام البشير الحالية، وسرد أوتاواي الذي كان قد أجرى في واشنطن آخر مقابلة مع نميري قبل أيام من الاطاحة به؛ قائلا : (في الثالث من أبريل التقيت الرئيس السوداني في سفارة بلاده في واشنطن.. لقد وصل إلى هنا طالبا من صندوق النقد الدولي وإدارة ريغان انتشاله من وهدته المالية لكنه فقد تاجه سقط قبل أن يعود ادراجه فاحتضنته القاهرة).

 

وكانت الانتفاضة قامت بسبب زيادة أسعار الخبز بنسبة 30% والبنزين بنسبة 66%، وكان نواة المتظاهرين الاطباء، والمحامون، والأساتذة، والموظفون، والطلاب، والعاطلين، وأضاف ديفيد: ( في اللحظة الأخيرة لجأ نميري إلى واشنطون يطلب من إدارة ريغان وصندوق النقد من أجل إمهاله المزيد من الوقت لسداد ديون بلاده البالغة حينها تسعة مليارات دولار، واعفائه من شروط الصندوق الرامية لتخفيض الدعم الحكومي للوقود والغذاء)، ولكن على ما يبدو لم تجد راجاءاته لدى إدارة ريغان أي انصات، واليوم وصلت الـ 9 مليارات دولار التي كانت 5 مليارات عام 1978، واليوم الدين وصل إلى 60 مليار.

 

ويصف أرنست فولف برنامج التكيف الهيكلي بمثابة السوط الذي يجلد به الفقراء، والطبقة الوسطى، وأن على موظفي القطاع العام والخاص الاستعداد للتسريح والفصل التعسفي، وتقليص الانفاق على القطاع الصحي والتعليمي، وأنا هنا انتهز الفرصة لأرسل رسالة إلى اولياء الأمور الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام مباني وزارة التربية والتعليم احتجاجاً على رفع الرسوم الدراسية، فأني أقول لهم أذا واصل حمدوك وشلة مزرعته، الوزيرة المكلفة التي تؤدي دورها جيداً فأن العام القادم ستدفعون أضعاف الرسوم، وأخشى أن تقرروا عدم أرسال ابنائكم إلى المدارس، أما الصحة فأن العلاج والادوية ستصبح مثل حلوى الماكينتوش، والأخطر الغاء الدعم المالي أو رفع اسعار المحروقات وبدوره سيرفع الاسعار التي هي أصلاً مرتفعة، والناس يشتكون منها، وسترتفع معه أمراض سوء التغذية، هذه السياسات ستدمر مستقبل الدولة والأجيال القادمة، وسترتفع معدلات الأمية التي تعيقنا الاَن عن التنمية، وتحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه السوداني معناه يا لجان المقاومة- وأيها الشباب الصغار- والكنداكات انخفاض في القدرة الشرائية.

 

أما صناع الحياة اليوماتي وأصحاب المشاريع الصغيرة وعمال اليومية، الذين يتقاضون دخل أعلى من موظفي القطاعين العام والخاص بعرقهم جبينهم ونسأل الله أن يزيد ويديم عليهم النعمة، فأنتم موعودن أن شاء الله تعالى بالانضمام إلى قافلة العطالة، وانخفاض الدخل اليومي والانتهاء بتوقف أعمالكم.

 

ما دافع المؤسسة المتوحشة في الغاء القيود على الاستيراد، ومن المتضرر؟ الدافع هو اغراق السوق المحلية ببضائع الدول الممولة للمؤسسة المتوحشة ورؤوس الأموال والسلع الاجنبية بلا قيد أو شرط في السوق السوداني باسعار زهيدة الثمن بالنسبة لهم وغالية الثمن بالنسبة لنا، والذي سيتضرر بالتأكيد القطاع الزراعي والمزارعون وصغار المنتجين، وذلك لأنهم لن يكون بمقدورهم منافسة الشركات الدولية العملاقة المنتجة للمواد الغذائية التي تتمتع بامكانات تكنولوجية هائلة، وسينصرفون عن الزراعة مجبرين وسيقل حماسهم لها، وستهجر الاراضي الزراعية بصورة اسوأ من النظام البائد، وستزيد فاتورة استيرادنا للمواد الغذائية، وسنكون اضحوكة للعالم.

 

تم خصخصة المشاريع الحكومية في النقل الذي لم يعد قطاعاً حكومياً في السودان منذ 31 عاماً، ولعلكم ترون يومياً مظاهر أزمة المواصلات وتلاعب السائقين و(الكمسنجية) بالتعريفة هذا كلها لأننا أصبحنا تحت رحمتهم، وبعد رفع الدعم عن المحروقات ياربة المنزل التي تديرين ميزانية المنزل ستضطرين لدفع يوميا لدفع 500 جنيه لابنائك في الجامعات، وبعد التخرج سينضمون لقافلة العطالة بفضل هذه السياسات.

 

في هذه الأيام ينتظر تجار العملة بفارغ الصبر الإعلان عن موعد تحرير سعر الصرف لجني مزيد من الأرباح وستزيد قدراتهم في امتلاك العملة الاجنبية، ليرفعوا السعر إلى 500 أو 700 جنيه، من هنا أستغل الفرصة لأرسل رسالة إلى اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير التي فشلت أعلامياً في تسويق برنامجها، عبر الندوات والمنتديات وأقامة المنابر الإعلامية، لا نريد بيانات صحفية أذا لم تستطيعوا فرض برنامجكم على الحكومة، عليكم بحل أنفسكم، ولا نريد أن نسمع لكم حس ولا نريد أعذار بعد الاَن.

 

أما الرائد تجمع المهنيين السودانيين فأني أناشده بإعلان المقاومة العلنية ومواجهة هذه السياسة، وإعادة ملحمة موكب التنحي 25 ديسمبر 2018 نحو القصر، وتعبئة الشعب، ولجان المقاومة والشعب لاسقاط هذه الموازنة، وأذا لم تتراجع الحكومة عنها فإن رحيلها يجب أن يكون الواجب الوطني الثوري لحماية مكتسبات الثورة.

حاتم درديري

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..