
الوضع السياسي الراهن في الخرطوم لا يبشر بخير…هذه قراءة متأنية للوضع السياسي الراهن وليست نظرة تشاؤمية كما يظن البعض بل مجرد تحليل عابر للأمر الواقع الذي يعيشه السودانيون وهم يحاولون العبور إلى بر الأمان في هذه المرحلة التاريخية الهامة.
تخيل حكومة ثورة يرأسها دبلماسي سابق لا يمتلك حلول إقتاصادية أو خطط استراتيجية تنقذ البلاد من هاوية الانهيار الإقتصادي الذي أصبح وشيكاً أو قاب قوسين أو أدنى…دكتورعبد الله حمدوك كشخص مؤهل تأهيلاً دبلماسياً لا غبار عليه إطلاقاً… لكن أقول – بمنتهى الصراحة – الميدان السياسي ليس ملعبه على الرغم من أنني كنت سأدعمه بقوة إذا رشح وزيراً للخارجية بدلاً من رئاسة الوزراء نظراً لعلاقاته الدبلماسية المتميزة مع معظم الرؤوساء والدبلماسيين الأفارقة لكن المعركة السياسية التي تصارع فيها السياسيون المخضرمون منذ استقلال السودان ليست معركته ولا ملعبه …
وبحسب إعتقادي الراسخ ليس كل من تحصل على شهادة الدكتوراة – وما أكثرهم في هذه الأيام – يعتبر شخصاً سياسياً أو مثقفا…أضف إلى ذلك الحكومة التي شكلها تضم بعض الفلول من العهد البائد!؟… إذن من أجل أي شئ ضحى أبناء وبنات السودان بأرواحهم ودمائهم؟…
أليس من أجل هذه اللحظة التاريخية التي تمكن فيها الشعب السوداني بجميع أطيافه السياسية من الإطاحة بهذا النظام الدموي الأرهابي الذي جثم على صدره ثلاثين عاماً أذاقه فيها الأمرين وقتل الآلاف من أهلنا في دارفور، وفي شرق السودان، وشماله وجنوبه، وفي جبال النوبة، والنيل الأزرق ، وجنوب كردفان.
أليس من بين الوزراء الذين تم تعينهم في حكومة الثورة ممن كانوا يطبلون للطغمة البائدة التي عاثت في الأرض فسادا ودفعت الآلاف الشباب إلى الهجرة بحثاً عن المأوي والحياة الكريمة في دول المهجر؟…بناءً على ما تقدم ذكره أستطيع أن أقول – بكل صراحة – أن تحقيق العدالة مع وجود فلول النظام الارهابي البائد تحت مظلة حكومة الثورة أو حولها أمراً مستحيلاً…
هؤلاء الارهابيون ما زالوا يعيقون سير العدالة في داخل وخارج المحاكم!!؟ …وقتلة شهداء رمضان ما زالوا طلقاء على الرغم من إنهم أصبحوا معروفين لدى الخاصة والعامة…ومن شاركوا في مجزرة اعتصام القيادة ، ومجزرة بورتسودان ما زالوا يتجولون بحرية في الهواء الطلق لم يعتقل منهم أحد!…أما السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لقادة إعلان الحرية والتغيير: أين المفقودين؟؟؟… ولماذا لم تُكشف أماكن إحتجازهم حيثما كانت فوق الأرض أو تحت الأرض؟…لماذا ضيعتم هذه الفرصة الذهبية لتصفية مافيا الإنقاذ، وتخليص البلاد والعباد من شر أعمالهم وأفعالهم وأنتم تعلمون أن الفرصة الضائعة لن تعود مرة أخرى.! كما يقول المثل الفرنسي:
une chance perdue ne revient jamais
لماذا لم تأخذوا العبر من أخطاء الماضي القريب؟ … لقد أضاع الملازم حامد الاحيمر وعباس برشم فرصة العمر للاستيلاء على السلطة في عام 1975م بعد أن نجح إنقلاب الرائد حسن حسين بنسبة 100 %…ولكن بدلاً من أن يذهب الاحيمر لتنفيذ المهمة التي أسندت إليه لتعزيز القوة التي إحتلت مبنى الإذاعة والتلفزيون ذهب لخاله عباس برشم الطالب بكلية الآداب في جامعة الخرطوم وحمله معه في الدبابة…
ومع نشوة الانتصار نسى المهمة التي أسندت إليه … وبدأوا يطلقون صرخات النصر، ويجوبون شارع الجامعة ذهاباً وإيباً يهللون ويكبرون قبل أن يتوجهوا إلى سجن كوبر للافراج عن المعتقلين السياسيين حيث قاموا بتحطيم أبواب السجن وإخراج السجناء بدلاً من أن يتوجهوا لتعزيز القوة التي احتلت مبنى الإذاعة والتلفزيون مما جعلها فريسة سهلة لهجوم المدرعات المضاد الذي تمكن من إبادتها عن بكرة أبيها…
أخشى أن يتكرر هذا السيناريو مرة أخرى… فقد دفع الملازم الاحيمر والرائد حسن حسين ورفاقهم المشاركون في عملية الانقلاب أرواحهم ثمناً بسبب هذا الخطأ المميت.! …لماذا لم تستفيدوا أيها الثوار من ذلك الدرس وتأجلوا صيحات النصر والاحتفال بهذه اللحظة التاريخية حتى تنتهي عمليات تطهير العاصمة والأقاليم من فلول النظام الدموي الذي سعى في الأرض فساداً، وقتلاً، وتعذيباً، واغتصاباً طوال ثلاثين عاماً من حكمهم البغيض.
هؤلاء الارهابيون لم يرحموا شهداء رمضان ولا حتى أطفال معسكر العيلفون الذين أطلقوا عليهم الرصاص كالمطر عندما حاولوا الهروب لقضاء عطلة العيد في أحضان أمهاتهم. لقد قتلوهم بدم بارد دون رحمة فكان الموت غرقاً في النيل موتاً رحيماً أرحم من الموت برصاص الجبناء الذي كان يجب أن يوجه نحو صدور الجيوش التي احتلت مساحات شاسعة من أرض الوطن في شماله وشرقه على الرغم من إنهم أجبن الجيوش في العالم.
لقد لقناهم في الماضي دروسا لن ينسوها مدى الحياة…لكن في عهد الإنقاذ الدموي الذي رفع الراية البيضاء منذ احتلال حلايب أصبح السودان حديقةً خلفية للمصريين والاسرائيليين، والأحباش…واليهود والنصارى… فلماذا ترحموهم يا قادة الثورة وتعاملونهم معاملة إنسانية؟…هل كانوا رحماء بهذا الشعب الكريم عندما كانوا يحكمونه بالقبضة الحديدية؟ …
صديق جوليا
ليوم كريهةٍ وسِدادِ ثـَغْـر القوى الصامدة الحية جاهزة لمقارعة اى كانى مانى …
لهذا ولغيره من الأسباب فى غاية الاطمئنان لن ينطبق على حالنا المثل الفرنسى:
une chance perdue ne revient jamais
بالدارجى: دي فرصــة وضيعتيــها… تانــي ويــن تلقيــها
كما قال الطيب عبدالماجد للمشفقين على سرقة الثورة:
“ثورة حارسا اكثر من خمسة وتلاتين مليون بنى آدم تتسرق كيف يعنى !!!!
ثورة هى ولا مراية عربية …”
لنا الله
عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة اخا بين المهاجرين والانصار فعاد البعض خالى الوفاض فحزنوا فذكرهم رسول الله انه معهم وعادوا به من مكة بعد فتحها فبكى الانصار توفى هادي البشرية الامين وقبره الان في بلد انصاره واحبابه الحقيقين جاعلهم اسياد العالم بلا منازع من مرقده فسبحان الله وصلى الله وسلم على رسول الله وفي انفسكم افلا تفكرون اللهم صلى وسلم على رسول الله ما ذكرك الذاكرون وما سبحك المسبحون بابي انت وامي يا رسول الله اللهم صلى وسلم على رسول الله