حمدوك .. محاولات للخروج من عنق الزجاجة
دعا رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك إلى مناقشة مشروع وطني كبير للحفاظ علي وحدة البلاد وهي ذات الدعوة التي بدأ بها فترة حكمه بعد أدائه القسم رئيساً لحكومة الفترة الانتقالية. يأتي تكرار الدعوة والبلاد تعاني من ظروف بالغة التعقيد بعد عام من نجاح ثورتها الظافرة ومايقارب العشر أشهر من تكوين حكومتها الانتقالية. ولئن كانت للدعوة موضوعيتها المنطقية بمجرد ادائه القسم، ولكنه لم يستمر في العمل عليها بعد ان جرت مياه كثيرة تحت الجسر كما يقولون، بما يجعلنا نتساءل ما الذي ظل مختفياً خلف الأفق طيلة الفترة الماضية ليدعوه الآن إلى الاهتمام بالدعوة من جديد واطلاق مشروع التوافق الوطني الكبير؟ هل حان الوقت لتغيير الوثيقة الدستورية، أم ميثاق اعلان الحرية والتغيير أم هي الدعوة لتهيئة الاجواء لاستقبال ما يمكن ان نسميه بالتحولات العميقة المقبلة؟
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ما زال بمقدوره الآن “حمدوك” ان يحقق مثل هذه الدعوة في ظل هذه الهشاشة التي تعيشها الدولة وماتعانيه من سيولة امنية بما جعل رئيس حزب المؤتمر السوداني “عمر الدقير” يقول “ان الوضع يدعو للقلق علي مسيرة الثورة والوطن.
هل بمقدوره الان قيادة هذا المشروع الوطني الكبير بعد ان فقد الكثير من شعبيته، ووصل الوضع الاقتصادي في البلاد الي مايشبه الانهيار التام ووصل الوضع السياسي بمناداة بعض الولايات بالاستقلال الذاتي!! وقد اصبحت كامل البلاد تعيش انقساما بحسب الاعتقاد الفكري وصراع العلمانية وهوية الدولة.
وعلي الرغم من طروحاته السليمة والصحيحة “جدا” الا انها فيما يبدو لا تصلح للتطبيق الا في مجتمعات ودول مستقرة لا لدولة ماتزال تحاول ايجاد نفسها وماتزال في طور التخلق لاحداث امة وشعب واحد متصالح مع ذاته.
ان استيراد التجارب ومحاولة تطبيقها في دولة اخرى ومجتمع اخر مغاير لايفيد ولم ينجح. وان كانت الحكومة اي حكومة كجهة تنفيذية مطلوب منها رعاية مثل هذه المشاريع دون الانغماس فيها لانها ليست اولويتها علي اهميتها ، فهذا مجال له الياته وادواته الفاعلة من احزاب ومنظمات وتيارات فكرية وثقافية داخل الدولة والمجتمع هي المعنية بمثل هذه الصياغات الناجزة. اما مشاريع الحكومة التنفيذية التي يجب ان تسأل عنها حكومة حمدوك هي ماهو المشروع الوطني الاقتصادي الذي يحفظ اقتصاد السودان ، وماهو المشروع الوطني الصحي الذي يحافظ علي صحة انسان السودان؟! وماهي المشاريع العملية الوطنية وبرامج الحكومة في الخدمات الضرورية التي هي واجبها الاساس؟! بدلا من الاهتمام بالسياسي في قبال العملاتي!! والاهم من ذلك ماهي القابليات لذلك في ظل عدم وجود اي موارد، او حتي سند من السلطة لدي شركائه وحاضنته السياسية لتنفيذ مثل هذا المشروع بعد ان كادت هي نفسها فقدان شعبيتها وثقة جماهيرها الشعبية.