أعلن حزب الأمة القومي انسحابه من المشاركة في تعيين ولاة الولايات لأسباب متعددة من بينها عدم إجازة قانون يحكم به الولاة. وهو سبب موضوعي اذ لا يمكن أن تعيين واليا ولا تشرع له ابتداءا قانونا يحكم به، القوانين تسبق التعيين، فإذا لم تشرع قانونا كيف يحكم الولاة؟ هل يخترعوا القوانين وكل وال يحكم بقانون من اختراعه؟! هل هذه هي دولة القانون التي جاءت من أجلها الثورة؟ الولاة العسكريين كانوا يحكمون بمقتضى قانون الطواريء ، فهل الولاة المدنيين يحكمون به كذلك؟!
الوثيقة الدستورية لم تفصل في شأن الحكم الولائي وتركت أمر إصدار تشريع قانونه للحكومة الانتقالية عبر اجتماع ثنائي بين مجلس الوزراء ومجلس السيادة، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وكان من المفترض أن يحدث منذ فترة كافية تمكن الولاة من معرفة مستوى صلاحياتهم وحددوها، ليس غريبا هذا التأخير في إصدار قانون الحكم الولائي فكل شيء متأخر في هذه الحكومة، لو راجع الجميع المصفوفة الزمنية التي أصدرتها أجسام الحكومة الثلاثة، مجلس السيادة ومجلس الوزراء و قحت، لإجازة وتنفيذ مهام الفترة الانتقالية سيجد ان المنفذ منها لا يتجاوز ١٠% من كل بند بينما تجاوزت البنود كل توريخها بأشهر عديدة، وهو مؤشر مؤسف يوضح بجلاء البطء السلحفائي الذي تعاني منه الحكومة الانتقالية حتى في القوانين التي يجب أن تصدر قبل تعيين أجهزتها.
حزب الأمة القومي انتبه مبكرا لتأخير إصدار قانون الحكم الولائي، ورأي انشغال الجميع بتعيين الولاة ومحاصصاتهم ونسيانهم القانون، ارادوا وضع العربة امام الحصان ، وأنى لها الحركة هكذا! فقام حزب الأمة مشكورا باعادة ترتيب الوضع وأعاد الحصان لمقدمة العربة وسلم رئيس الوزراء
مقترحا يحتوي مسودة مشروع لقانون الحكم الولائي الانتقالي، استلم رئيس الوزراء حمدوك مسودة القانون ووعد بمراجعتها ومناقشتها وطرحها لبقية الأطراف السياسية، انتظر حزب الأمة إجازة القانون لتسمية مرشحي الحزب بناءا على ذلك ، ولكن حمدوك فأجا الحزب بإعلان اسماء ولاة الولايات قبل اجازة القانون أو حتى مناقشته.
يظهر من هذا السرد ان حزب الأمة لم يعترض على الولاة من أجل الاعتراض بل قدم رؤيته اولا لقانون تعيين الولاة ثم لما لم يتم اجازة اي قانون للولايات سواء عبر مسودة الحزب او عبر مسودة من اي جهة اخرى رفض المشاركة وطالب الولاة المحسوبين عليه بالانسحاب، وهو طلب منسجم مع فكرة دعم البناء القانوني للدولة قبل المحاصصات ، فهذه الثورة أريد بها بناء دولة القانون ، وفي دولة القانون لا تتم التعيينات قبل القوانين ، بل القانون اولا .
رفض الولاة المحسوبون على حزب الأمة الانسحاب هو قرار خاص بهم ، ولكنه بلا شك دليل على عدم الانضباط التنظيمي، وهو ما لا يجب تشجيعه، لجهة ان الأحزاب السياسية ووحدتها والتزام اعضاءها بقراراتها هو التجلي الأبرز للدولة المدنية التي سعت الثورة لها .
يوسف السندي
[email protected]
يازول خلي الصادق يبقي ديموقراطي وموسسي قبل ما تلوم الولاة، الزول قاعد في راس الحزب اتقول ما في زول غيرو في الحزب