فجيعة رحيل الاشم شمت

ابراهيم بخيت
الراحلون هموا ليس هذا حزنا مبكيا ولا مسيلا للدموع ولكنه حزن من لواعج كظيمة . اكتب لا ادرى من حزنى أم من فقد يستحيل بديله . وأسال نفسى أنعيد التاريخ سيرته الاولى فى حالة فقد من نسكنهم سويداء الفؤاد
ما كنت انظر لسمته المهيب حسن شمت. هكذا هم يرحلون بيضوا الدواخل ة اصحاب الانفاس الطيبة والنفوس النقية من الخصلة الذاتية. هم هؤلاء الذين يرحلون هكذا مأمنون من العيوب كلها، عيب التخاذل عن دفع ضريبة الدفاع عن حقوق الانسان بمجملها، وعن حق السودانى بمساحة الفكر والتوجه والوطن كله ، هو حسن شمت الذى احسن لنقسه بانه اختار الانضمام باكرا لصفوف التوعية والتخلص من مكبلات الوعى لدى البسطاء، لم يك كل ذلك بدون مقابل وسط وعر الدروب فتحملها بكل متولداتها من مما يضيق النفس عن تذكرها وتنفر الفطرة الانسانية عن مجرد التفكير فى فعلها . كلها تلك الشيطنة العمياء التى مارسها الانقاذيون والتى اجادت استحكاماتها الدوائر الرجعية والطائفية والمخادعون باسم الاسلام السياسى . إته المعلم حسن شمت كلما دخل مكتب التصحبح لجريدة الميدان غير (رائحة النضال ) لم اشم رائحة ، انهم قوارير و خزائن التاريخ النضالى السودانى ــ المريح الماهل حسن شمت ومعمدى قى طريق الحق والنضال خليل الياس و شرارة ذلك الذى يمشى على جمر الارشيف كما لم يمش ( الزول الحمش فوق الجمر بمش ) هكذا كان الذين يصنعون الحياة الجديدة للوطن المعافى ( من وعر الدروب غير انى اتذكر فيه صورة ابى ، واظنها كانت الشرارة التى اصابتنى لاحسها من وجهه المضئ ، ما كنت امازحه حين التفيه فى المركز باسطا كفيه للترحيب واراه واضعا شاله او عمامته على كتفه عن اقول له سوف أُعلمك (لف) العمة على الرأس، فيضحك سوى انه اقرب لى للتعامل معه اكثر مما كنت امزح به مع ابى . يا زميل قلت لك كثيراَ انا على استعداد لتعليمك لف (العمة) فى الراس و ليس وضعها على الكتف. فيضحك وانا كذلك، علما بانى لا اضع العمامة (ليعرفونى) ثلاثى مكتب تصحيح جريدة الحزب بقيادة المعلم شمت الذين ــ يسمكرون ــ الكلمات رفعا ونصبا وسكون، ويجرونها جراً لوضعها فى الموضع السليم بين كلمات الجملة ، ثم يصففون و ينسقون الجُمل كلها ليخرج المعنى المقصود ابيضاً من غير سوء لتكحله عيون القراء سهلا و مهلا, هكذا اذن رحل الرجل الضرب الذى تعرفونه بين الملمات صنديداً ما انحنى ظهره حتى لتصاريف العمر. ظل شمت منتصب القامة خفيفا يمشى عديلا معتدلا لم يعرف الاتكاء على العصى. بفقده فقد الوطن أعز من أحبوه ـــ حقيقة ومجاز ـــ وفقد الحزب له اشد مرارة ــ تواصلا ورافداً وذاكرة حية وارشيفاً معايشاً ودائرة معارف ومعالم وضيئة لتاريخ مسار الحزب ونضالاته وتضحياته حتى اخر ما فجعنا برحيله الجلل . ومما زاد حزنى النعى الفقير للفقيد الفقير الذى صدر عن الحزب الذى جاء فى عبارات لا تحمل إحساساً بالفقد ولاتنزل الفقيد منزلته المرموقة فى صفوف الحزب.
فقدنا مثل فقد مبارك بشير لمن احبهم (ﺃﻛﺘﺐ ﺍﻵﻥ ﺇﺍﻟﺘﻴﺎﻋﻰ ﻳﺮﺣﻞ ﺍﻻﺣﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻭﺩﺍﻉِ ﻳﺮﺣﻞ ﺍﻻﺣﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻭﺩﺍﻉِ ) سلام شمت والعزاء انك ستلتقى من تحبهم ويحبونك ونحبهم من الزملاء والرفاق الذين ما بارحوا ذواكرنا لمحة من الزمن.
ابراهيم بخيت
[email protected]