مقالات سياسية

ما بين كسلا ونيالا

نور الدين بريمة

دنيا دبنقا

أصدر رئيس مجلس الوزراء السوداني، د. عبد الله حمدوك، قرارا قضي بتعيين ثمانية عشر والياً، في أواخر شهر يوليو، من هذا العام، إستكمالا لهياكل السلطة، وتحقيقا لمطلب الشارع السوداني، في مدنية الدولة، وذلك في إطار تنفيذ الوثيقة الدستورية؛

وفور صدور القرار، أعلنت بعض الولايات عن رفضها، وإدانتها، وإستنكارها، وعدم قبولها للقرار، بل جاهرت بعضها عن رفضها التام لولاتها، بحسبان أنه ربما لم يتم ترشيحهم، من حواضنهم السياسية (قوي الحرية والتغيير) بالولايات، أو أن بعض مكوناتهم الإجتماعية لم تقبل بهم، لشيئ في نفس هذه المكونات؛

ولعمري إنه أمر مؤسف، أن يتعامل الناس بهذه السطحية والسفسطائية، مع هكذا قرارات، وإنه لمن المحزن حقا أن يصطف الناس، إصطفافا قبليا أو جهويا، ونحن من ننادي بمفاهيمية الثورة، ومؤسسية الدولة؛ لذا عكفت تلك الولايات علي إصدار البيانات، والتصعيد من وتيرة رفضها للقرار، وذهبت كذلك إلي قفل وتتريس الشوارع، ثم تنظيم الإعتصامات والمواكب؛

ومن المستغرب له، أن تشهد بعض هذه الولايات، إصطفافا قبليا وإثنيا ضيقا، يجعل ناظر قبيلة، يعلن رفضه لوالي كسلا، صالح عمار، ليذهب إلي التهديد والوعيد والتصعيد؛ وكسلا أرض القاش- أجمل المدائن- هي الولاية التي حظيت بوالي عرفته جيدا، وعملنا مع بعض، في صحيفة (أجراس الحرية)؛ أياما كانت توصف بالعصيبة، أي تلك الأيام التي شنت فيه السلطة حربها للصحافة والإعلاة، وتشديد الرقابة القبلية والبعدية علي الصحف؛ حيث كان فيها جهاز الأمن، يرسل ضابطا، رئيسا لهيئة التحرير، بإعتباره الآمر والناهي في المواد التحريرية، وهو الشاهر لسيفه، والمسلط لمقصه، على الصحافة والصحفيين؛

ورغما عن كل هذا، لم يكل أو يمل صديقي، صالح عمار، الصحفي وقتها، والوالي حاليا، عن مشروع آمنا به جميعا، وعملنا لأجله، وذقنا في مقابله ما ذقنا، من ويلات الفقر والعوز، كما واجهنا من أجله، صنوفا من التنكيل والعذاب؛ بيد أننا وإخوة آخرين لنا، كنا أشداء علي الجبروت، رحماء بيننا؛ إخوة أعزاء جمعنا بهم، الإيمان بمشروع التغيير وحتميته؛

فعزيزي، صالح عمار، عرفته بهذا الإسم الصحفي، خلوقا ومثابرا، صاحب مبادئ وقيم، لم يتزحزح عنها قيد أنملة؛ عرفته بهذه الروح الوثابة، رغما عن إختلافنا الجغرافي والثقافي والإجتماعي؛ فهو القادم من أرض- القاش والتاكا- بولاية كسلا، في الشرق؛ بينما جئت من نيالا- البحير غرب الجبيل- بولاية جنوب دار فور، في الغرب؛ ولكن حب الوطن والإيمان به، وكره الشمولية والدكتاتورية، والكفر بهما، هي التي جمعت كلينا، فضلا عما تمتاز به المدينتان (كسلا ونيالا): من خضرة وجمال، لتتقاسمان المناظر الخلابة؛

فصالح عمار، كان مراسلا لأجراس الحرية في الشرق، وأنا مراسلا لها في الغرب؛ ولما ضيّقت علينا السلطة، وحرمتنا من أبسط حقوقنا، بالمطاردة والإعتقال؛ شدينا الرحال إلى الخرطوم، لتجمعنا الظروف ونعمل معا، في القسم السياسي بالصحيفة، ونتقاسم المعاناة قبل الأدوار؛

لذلك أقول لأهلي في كسلا: إنه نعم الإختيار، فقط عليكم مؤازرته والوقوف معه، نصحا وإرشادا، وإعطائه الفرصة، لإثبات ما ذهبت إليه من إدعاء، وأدعوكم بضرورة تفويت الفرصة، علي المتربصين: بوحدتكم، وعزيمتكم، وإصراركم؛ لتحقيق أهداف الثورة، التي فقدتم مثلما فقدنا، من أجلها الدماء والدموع، كما فقدتم خيرة شبابكم، مثلما فقدنا كذلك؛

وعليه أقول لصالح عمار: عرفتك عزيزي، صاحب مبادئ وقيم، وعزيمة وإصرار، وقلم لم ينكسر للطغاة؛ فأرجو ثم أرجو، ألا تزحزكم السلطة وغرورها، وبروا قسمكم الذي أديتموه؛ وذلك من خلال أداء الواجب، وتحقيق شعار الثورة المجيدة: حرية سلام وعدالة، والمدنية قرار الشعب؛ ووفقكم الله وسدد خطاكم.

نور الدين بريمة
[email protected]

تعليق واحد

  1. المؤسف أن قائد حملة معارضة تعيين الوالي الجديد : هو ناظر قبيلة !!
    واعتراضه بدأه بأسلوب عنصري بغيض
    ثم حاول بعد ذلك استعطاف آخرين
    فلم يجد الا بعض بقايا المستفيدين من النظام السابق أمثال مبروك مبارك
    حتى قبيلته لم تتبعه الا البسطاء الذين وفر أهم وسائل التحرك والاعاشه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..