مقالات وآراء

جيوش القبائل ام قبائل الجيوش

آدم علي عبدالله

التغيير الحقيقي في السودان مربوط بتغيير العقيدة العسكرية وتفكيك مؤسستها الحالية كلها وإعادة بناءها وتأهيلها.
سأحاول في هذا المقال تشخيص التركيبة الخاطئة للمؤسسة العسكرية السودانية، وبنيتها العنصرية في صفوف الجيش السوداني والقوات الأمنية الأخرى. فهذا الخلل الكبير في التركيبة الأمنية في السودان ألغى بظلالها على التكوينات العسكرية الأخرى التي تم تكوينها كرد فعل طبيعي من أبناء المناطق الذين تم تهميشهم وقهرهم باسم الجيش السوداني. وهنا اقصد جيوش الحركات المسلحة والدعم السريع. هذه الجيوش أيضا لا تختلف تركيبتها عن الجيش السوداني. وانا هنا اكتب عن هذه الخلل بتجرد تام ومصداقية، وسأحاول اطرح بعض الحلول في نهاية المقال عسى أن تضيف شيئ في حل الأزمة السودانية.

لماذا تفكيكها؟… لأن المؤسسة العسكرية الحالية بنية على أساس خاطئ، فالجيش السوداني وقوات الأمنية الأخرى كلها مركبة على اساس عنصري طبقي ضيق، فالفواصل العنصرية واضحة بين ضباط وضباط الصف والجنود في صفوف الجيش السوداني. فإذا نظرنا إلى الضباط وخاصة الرتب العليا في صفوف الجيش السوداني نجد أن غالبيتهم من مناطق جغرافية معنية ومن مجتمعات أو مجموعات تربطهم واسر الدم، أو بالاحرى من مجموعات قبلية معنية، بينما الجنود من مناطق جغرافية ومجموعات قبلية من تلك المناطق والقبائل الذين لم يجدون أبناءها حظهم أو أنفسهم في صفوف الضابط وقادة الجيش، وهذه الوضعية مخلة ومعيبة في حق مؤسسة لها صفة وسيادة الدولة. وهذه الوضعية المخلة جعلت من المؤسسة العسكرية سهلة الإختراق من قبل الأحزاب السياسية والنفوس القبلية. فباسم الجيش السوداني تم إرتكاب أبشع وافظع أنواع الانتهاكات في السودان وشعبها: من إنقلابات عسكرية، وقتل وتشريد العديد من ابناء الشعب السوداني. وكل هذه الإنتهاكات تمت بشكل عنصري بغيض، ولن نسمع في يوم من الايام إدانة أو إستنكار أو رفض من قبل مؤسسة الجيش، بل كلها كانت مباركة ومقبولة مما يفسر عنصرية هذه المؤسسة. والملاحظ أن كل الإنتهاكات تمت في مناطق وجغرافيات ذات الانتماءات القبلية من أولئك الذين تم تغيب دورهم القيادي في المؤسسة العسكرية.

والأخطر من ذلك على مستقبل السودان هو عدم الاعتراف بالوضعية المخلة للمؤسسة العسكرية من قبل الأحزاب السياسية و الناشطين والمثقفين من ابناء المناطق والقبائل التي تسيطر أبناءها على قيادة المؤسسة العسكرية. وعدم الاعتراف هذا يدل على رضا والقبول بالوضع القائم حاليا. وبل يحاولون طمس الحقائق بوصفهم للذين تتحدثون عن الحقائق وجرائم هذه المؤسسة بالعنصرون، فإذا كان هنالك عنصرية فمن هم العنصريين اذن؟ هل الذين يتحدثون عن الحقائق المخلة والمعيبة ويطرحون حلول، ام الذي يسكتون ويدافعون عن الخلل وأساس المشكلة، التي بسببها فقدنا أرواح عزيزة إلينا وفقدنا جزء من تراب وطننا الحبيب، وما ظلنا نفقد أرواح وممتلكات في كثير من أجزاء السودان؟…. فمن الحقائق الواضحة للعنصرية هذه المؤسسة، خذ مثال ( لعينة من عشرين ضباط من الجيش برتبة فريق وعشرين آخرين من صفوف الجنود من رتبة عريف من الجيش واكتب السيرة الذاتية لكل والواحد من هؤلاء الاربعين واكتب اسماء مناطقهم وقبائلهم ستعرف الحقيقة المرة) .

ومن العيوب عندنا في السودان اغلب الناشطين بتحدثون ويشخصون المشكلات ولكن لا يتطرحون الحلول.
أما جيوش الحركات المسلحة هي أيضا لا تختلف عن تركيبة الجيش السوداني في تكويناتها القبلية، إلا أنها أثبتت كفاءتها وعقيدتها في المناطق الواقعة تحت سيطرتها وامكانيتها فى حفظ الأمن وعدم الانجرار في الصراعات القبلية رغم استفزازات النظام السابق ومحاولة جرهم إلى صراعات اثنية ضيقة. ورغم تكوينها القبلي إلا أن عقيدتها كانت أقوى من تركيبتها.

ولو نحن فعلا غيورين على هذا البلد وشعبها، فعلينا جميعا الاعتراف بالأخطاء التي ورثناها من الذين تمت على أيديهم بناء مؤسسات الدولة السودانية في بواكيرها. بعيداً عن الميول الإثنى والثقافي والجهوي والديني والسياسي والايدولوجي. فيجب على قادة الجيوش المختلفة في السودان وكل المثقفين والسياسيين الجلوس سويا والنظر في كيفية تأسيس جيش وطني قومي من الجيوش الموجود حاليا.
يجب أن يتم تكوين الجيش السوداني بحسب وجه نظري كالاتي.

1_ يجب أعفاء جميع الرتب ما فوق الفريق إلى المعاش.
2_ أن يتم تحديد عدد عشرة فريق فقط من ضباط الجيوش المختلفة الموجودة حاليا، وأن كل واحد من منطقة جغرافية مختلفة وألا يكون أكثر من واحد من اثنية واحدة.
3_ أن يتم تحديد عدد عشرين لواء فقط ويتم اختيارهم بنفس طريقة التي تمت بها اختيار الفرق.
4_ أن يتم اختيار الرتب الأخرى بنفس الطريقة التي تمت بها اختيار الفرق والالوياء مع مراعاة العدد كل ما نزلنا إلى الرتب الدنيا.
5_ يجب توزيع الأدوار في الإدارة الجيش الجديد بالتساوي.مثلا إذا جاء الوزير الدفاع من ابناء منطقة معينة، فرئيس هيئة الأركان يجب أن يكون من منطقة أخرى، والقاعد العام للجيش يكون منطقة أو إقليم أخرى بعيدا أن الأول والثاني، وهكذا قاعد المدرعات يكون من منطقة وجهة غير التي ينتمي عليها الثلاث الأوائل وبهذه الطريقة في جميع إدارة الجيش الجديد.
6_ يجب قبول الدفعات الجديد في الكلية الحربية دون شروط اثنية أو دينية اوجهوية ولا حتى بسؤال عن المنطقة أو القبيلة أو الدين فقط يجب القبول على اساس الانتماء للسودان.
7_ يجب أن يتم انتهاء الوضعيات الخمسة الأوائل بالتدريج بعد تخرج دفعات الجديدة، فبعد تخرج الدفعات جديد وفقا الفقرة خمسة يتم الغاء اي شرط من الشروط الخمسة بعد يصل رتب المتخرجين الجديد مستوى تولى الإدارات.
8_ يجب تكوين لجنة عسكرية مشتركة من قادة جميع الجيوش الموجودة حاليا لتفتيش جميع المؤسسات التابعة للقوات المسلحة السودانية.
9_ يجب تكون لجنة عسكرية مشتركة من قادة الجيوش المختلفة لكتابة قانون للجيش الجديد الذي سيتم تكوينه لاحقا.

آدم علي عبدالله
[email protected]

‫6 تعليقات

  1. ما حدث الان ان الجيش السوداني اصبح الان عبارة عن ضباط برتب عالية فريق و لواء و خلافه ولكن لا جنود لهم و يقودهم أمي لم يدخل الكلية الحربية و لكن له جنود علي الارض و هذا ما نراه أيضاً لبقية القبائل التي تم تهميشهم في الجيش فكلهم او اغلبهم الان لهم جيوش وهم مسلحون حتي أسنانهم اما قبائل ضباط الجيش السوداني فلا يملكون الا النجوم علي أكتافهم و يعتمدون علي الآخرين لحمايتهم و هذا هو الواقع الان و لو قالت كع الله يستر و هذا ما جنت ايدينا

    1. المشكلة الأساسية في تكوين الجيش وطبيعة تركيبه القائم على فوارق القبلية

  2. ما قلته صحيح ولابد من تسليم كل السلاح والذخيرة والمعدات وتخزينها وجعلها في عهدة صف الضباط من مساعدين وشاوشية ورقباء وتسريح كل طباط الجيش والشرطة وأما الدعم السريع فيتم تسريحهم جميعاً جنوداً وضباطا فهم لم يدربهم الجيش ولا تخرجوا من الكلية الحربية.
    ويشرع في هذا الاثناء إدخال كل خريجي الجامعات العاطلين عن العمل والراغبين في الكلية الحربية وكلية الشرطة وتخريجهم ضباط بعد سنتين من التدريب والتأهيل والتشريب بالعقيدة العسكرية وقيم المساواة والعدالة والحرية والوطنية الثورية وهكذا يتوالى البناء من جديد والتخلص من كل العقائد العسكرية والدينية والوطنية الفاسدة.

  3. والحركات المسلحة ذات العقيدة القبلية الجهوية ماذا يكون وضعها….الحل تقسيم السودان إلى أقاليم و إعطاء كل إقليم الحق في تقرير مصيره وتكوين دولته وإدارتها بالطريقة التي يريدها….انظروا ليوغسلافيا بعد ان ذهب كل لحاله لم تقوم حرب بينهم وعاشوا دول متجاورة في سلام تام….اولا دولة لاهل دارفور…ثانيا دولة لاهل الشرق..ثالثا دولة لاهل الشمال …رابعا دولة لاهل الوسط.. خامسا دولة لاهل كردفان..ولكل إقليم الحق للانضمام مع اقليم اخر اذا اهل الإقليميين أو الثلاثة رأوا هناك فرصة للاتحاد عن طريق مشورتهم بواسطة الانتخابات لاختيار المقترح المطروح ..فيتحول السودان الى دول تكونت عن طريق ارادة شعوبها..لا بد من التخلص من دولة محمد علي باشا.فمثلا يمكن ان تتكون دولة من الشمال و كردفان ودارفور …..

    1. تقرير المصير حق طبيعي لأي شعب أراد الانفصال، لكن الأفضل الوحدة لأن قوة الشعوب تكمن في وحدتها

      1. تقرير المصير ليس حقا لأي شعب يشترك مع شعب آخر أو شعوب أخرى في الأرض لأن استقلال أحد الشعوب بجزء من الأرض المشتركة هو إقصاء للشعوب الأخرى المشتركة في نفس الأرض من حقها في العيش فيها وهو حق لابد من التنازل عنه برضاء وموافقة الجميع على انفصال من يريد الانفصال – لأن موافقة الطرف الثاني تعني تنازله عن حقه في الجزء الذي سيذهب للشعب المنفصل مقابل عدم مطالبة الشعب المنفصل بحقه في الأرض التي انفصل عنها. وعليه، وحيث أن حكومة الأنجاس لم تكن تمثل سكان الجزء الشمالي من السودان، لأنهم لم يفوضونهم بفصل الجنوب، فإن انفصال الجنوب لم يكن انفصالا دستورياً صحيحاً بل كان عملاً انتهازيا باطلا من كل طرفيه والأطراف التي وراءهما ذات المصلحة في الانفصال، فهو إجراء باطل وغير ملزم لأي مواطن شمالي أو جنوبي بفقدان حقه في الجنوب أو الشمال بناء على هذا الانفصال!!!!
        إنما حق تقرير المصير يقتصر فقط على الشعوب المستعمرة من حكومات دول أخرى إذا ما قرروا عدم الاستمرار في العيش تحت حكم المستعمر الأجنبي. وإني لأعجب كيف لأحد الأنجاس المفاوضين لفصل الجنوب أن قدم أطروحة للدكتوراة على حساب الدولة أثناء وبعد المفاوضات في موضوع حق الانفصال ولا أدري كيف أثبت أن حق الانفصال حق دستوري وكيف طبقه على انفصال الجنوب!؟ بالطبع لا أتصور أنه كان ضد إجماع قومه على إعطاء الجنوب حق تقرير المصير بالانفصال دون مراعاة لحق مواطن الشمال في الجنوب ولا حق مواطن الجنوب في الشمال!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..