أخبار السودان

لما يتقاتل الزراع والرعاة؟

مديحة عبدالله

خارج السياق

يطفح الحديث عن الهوية الاثنية كمياه آسنة للتعمية على الصراعات المتفاقمة في ولايات دارفور والشرق، حيث يموت الفقراء من النساء والرجال والاطفال، وتملأ صور الجثث قروبات السوشيال ميديا اللعينة، وينتهى العزاء بانتهاء (العزاء والردحي) أمر لا يمكن أن يستمر الصمت حياله مالم يكون هناك تواطؤ بقصد ضرب السلام الاجتماعي وتفتيت البلاد..

بنظرة فاحصة للمجموعات التي تقاتل بعضها بعضا نجد أن أغلبهم من ينتجون الخيرات، عمال ومزارعين ورعاة، تراجعت أسباب الخلاف التي كانت لوقت قريب يتم الأشارة إليها على أنها بسبب تعدى الرعاة على الزارعين أو العكس، الأن اصبح النزاع يتم تسميته كنزاع اثني/ قبلي/ يقوم لمجرد شجار بين شخصين، دون أن يتم الكشف عن سبب النزاع في الأساس، بينما تظهر قيادات أهلية لعقد مواثيق صلح لا تصمد إلا لفترة قصيرة ثم تظهر في المشهد (القوات المشتركة) بغرض وقف القتال، ونزع السلاح، واقامة (حواجز) تمنع تجدد الاشتباك مرة أخرى، مشاهد تكاد تتكرر بشكل يومي في دارفور والشرق!..

لماذا يتقاتل الزراع والرعاة؟ ما هي مصالحهم في القتال وفقد الموارد والأنفس، ووقف عمليات الإنتاج؟ هل من الممكن أن تتحقق مصالح اقتصادية واجتماعية لكل منهم دون وجود المجموعة الأخرى؟ وتكامل ادوارهم الاقتصادية والاجتماعية؟ لماذا كان السلام الاجتماعي القائم على أساس المصالح المشتركة والتعاون والتزاوج هو السائد لسنين عددا، وحل النزاع والكراهية طيلة 30 سنة ماضية؟..

سؤال حان الوقت ليطرحه المزارعون والرعاة وكل مكونات المجتمعات التي تشهد نزاعات دامية على أنفسهم، مباشرة دون تدخل من من يثيرون سؤال الهوية الاثنية والقبلية، هذا السؤال الذى بسببه تم التعمية على سبب الحرب الأهلية في السودان وافضت لانفصال جنوب السودان، ولم نشهد سوى قيام دولة تواجه الصراعات الاثنية والقبيلة..
انتبهوا يا أهل السودان، أهل الأرض والمياه والموارد، يا من تنتجون الخيرات، وظللتم في حرمان من عائد عملكم وكفاحكم من أجل حياة كريمة، الأمر يحتاج لوقفة منكم قوية وفاحصة، حان الوقت لتطرحوا الأسئلة على أنفسكم وعلى كل مكونات المجتمع السوداني، أين مصالحكم الاقتصادية والاجتماعية؟ ولماذا يتم التغطية على هويتكم الاجتماعية كمنتجين واصبحتم (نازحين ولاجئين) وفقراء مدن تتلقون الاعانات؟ إنها أسئلة الساعة وأنتم من تملكون الإجابة عليها حتى يتعافى السودان من جراحه ويستعيد قدرته على التماسك..

مديحة عبدالله
______
*الميدان 3687،، الخميس 6 أغسطس 2020م.*

‫2 تعليقات

  1. هل من الممكن أن تتحقق مصالح اقتصادية واجتماعية لكل منهم دون وجود المجموعة الأخرى؟
    هذا سؤال خطأ متعمد! ليس هو نزاع لإلغاء احدهما الآخر ولكنه صراع نتيحة تغول أحدهما على حقوق الآخر. والحل هنا في تطبيق القانون بعدالة ونزاهة واعطاء كل ذي حق حقه، وليس بفرض الحلول بقوة السلاح ولا يمكن منح الحقوق أو اكتسابها بغلبة السلاح. وهذا هو السبب المباشر للصراع ولا داعي للف والدوران ولعب الورقتين تلاتة بتاعة الأرض للجميع دي، فبم يقل أحد بغير هذا ولكن لا يعني هذا الفوضى بأن يدخل الراعي بهائمه في مزرعة المزارع بقوة السلاح وقتله، هذا هو غانون الغاب و الاستعلاء العرقي الهمجي! الأرض للجميع لا تعني أن يفلح المزارع أرضه فيأتي الراعي المسلح ليعلفها بهائمه دون راه وغصباً عنه! دا حتى مش ظلم وبس وانما سُخرة مكتملة الأركان وفي أسوأ صورها. المقصود بمقولة الأرض للجميع هو الأرض البور والغابية غير المفلوحة لأحد وتعتبر ملكية عامة للراعي أن يرعى فيها وللمزارع أن يحتطب منها وفق قانون الدولة وليس غانون الغاب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..