
تعليقات في السياسة الداخلية
العداء للحزب الشيوعي والشيوعية ليس جديداً بل هو موغل في القدم منذ العام 1848 عندما أورد البيان الشيوعي الأول الذى أصدرته المجموعة الأولى من القادة الشيوعيين من مختلف البلدان الاوربية بقيادة كارل ماركس وفريدريك انجلز- جاء في ذلك البيان، إن معاناة الطبقة العاملة وكل المجتمع لن تنتهى إلا بانتهاء الملكية الفردية لوسائل الإنتاج في المجتمع الرأسمالي. لأن المجموعة الضئيلة من الأشخاص الرأسماليين الذين لا يزيد عددهم عن العشرة في المائة (10%) من سكان العالم، تمتلك المصانع والمزارع وغيرها من كافة وسائل العيش، وبهذا فهي التي تتحكم في المجتمع وهي التي تسيطر على كافة مؤسساته الدينية والثقافية والتعليمية والخدمية وأجهزة القمع التي تنفق عليها لخدمة مصالحها الطبقية. هذا العدد الضئيل من الرأسماليين يسخر كل شيء لراحته على حساب الأغلبية الساحقة من السكان. أصبح هذا التملك الفردي لوسائل الإنتاج أداة لاستقطاب الثروة في يد حفنة من الرأسماليين. فقد أوردت سكاي نيوز بتاريخ 7/7/2017 إن ما يملكه ثمانية (8) من الرأسماليين هو 1.6 ترليون دولار كثروة خاصة بهم، و هو مبلغ يساوي نصف ما يملكه فقراء العالم أجمع.
• صحوة الضمير و تصحيح المواقف
تجاه الحزب الشيوعي السوداني:
السيد محمد أحمد محجوب رئيس حكومة حزب الأمة الذى قدم اقتراح حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان، عاد فقال في كتابه (الديمقراطية في الميزان ص246) ما يلي:
((إنني أعرف عبدالخالق محجوب منذ عشرين سنة. كان يتحلى بنزاهة وشجاعة بالغتين. وكانت الأخلاق السودانية تأتي في الطليعة من تفكيره السياسي. و قد ساهم كثيراً في إيجاد توافق بين تاريخ السودان الإسلامي و الآراء الماركسية الثورية. وهذا ما يجعلني دائما أصف الحزب الشيوعي السوداني بأنه حزب سوداني صرف لا يدين بالولاء لموسكو أو أي بلد شيوعي آخر في العالم)).
وقال أمين التوم أحد أقطاب حزب الأمة في مذكراته التي نشرت في العام 1985م. معبراً عن رأيه فيما حدث للحزب الشيوعي السوادني (أما تعديل الدستور وتحريم الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية بتلك السرعة وبتلك العجلة فأمر أرى أن تعجلاً مضراً حدث بمقتضاه)).
أما السيد الصادق المهدي فقد قال إلى مجلة طلاب جامعة الخرطوم في عام 1985م: ((ما حدث كان انفعالاً، إن الذي حدث في موضوع حل الحزب الشيوعي السوداني كان موقفاً سياسياً غير محسوب ونتج عن موقف انفعالي ولكن يجب أن أقولها إنه لا بد من الاستفادة من تجارب الماضي الأولى إن حديث الطالب في معهد المعلمين فجر المشاعر وإن مثل هذا قد يتكرر))..
وكعادته فإن مثل هذا الحديث للسيد الصادق المهدي لا يمس جوهر القضية والموقف من الحزب الشيوعي والديمقراطية والذي يجب أن يتخطى سرد ما حدث وتبريره بل يجب أن يشمل الموقف الواضح والمحدد من حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه وهو عداء للديمقراطية ومحاسبة من ارتكبوا جرائم لا في حل الحزب الشيوعي وحسب بل في وأد الديمقراطية وكان على السيد الصادق المهدي ان ينتقد ويدين موقفه من نقض قرار المحكمة الدستورية العليا التي رفضت حل الحزب الشيوعي و طرد نوابه من البرلمان عندما كان رئيساً لمجلس الوزراء في ذلك الوقت.
أما الموقف الواضح والمحدد فنجده فيما كتبه أحد قيادات الاسلام السياسي السيد علي دهب، ونشر على الواتساب بتاريخ 2 يوليو 2020 وجاء فيه) هناك خزي و خذلان أصاب الحركة الاسلامية وقضى على مبررات وجودها تماماً. بعض الاسلاميين لا يرون فيما حدث سوى أن سلطتهم التي كانوا يتمرغون في نعيمها قد سلبت منهم وانتزعت انتزاعا. هؤلاء هم الذين يملؤون هذه الايام مواقع التواصل الاجتماعي بالكذب الصراح بالإشاعات المغرضة والمقالات الهابطة وتلفيق التهم للشيوعيين والبعثيين والآخرين والسخرية من رئيس الوزراء الرجل المهذب الذي احترمه الاجانب ولم يحترموه هم أبناء الوطن. ومن يتأمل مقالات الطيب مصطفى واسحق فضل الله أو حلقات حسين خوجلي في قناته وكتابات عبدالرحمن الزومة، لا يجد إلا الافتراءات على الآخرين والسخرية منهم والتقليل من شأنهم. وكل ذلك مناقض لما يجب أن يتحلى به الإسلامي من أخلاق التعامل مع الآخرين. ويعجب المراقب لأفعال كثير من الاسلاميين في الأسابيع الماضية والتي سبقت مسيرة الثلاثين من يونيو. فقد كان هناك ما يشبه الهستيرية المندفعة لتعطيل المسيرة وافسادها بشتى الوسائل والأساليب الممكنة. اسحق فضل الله يكتب عن انقلاب مؤكد وشيك بل يكتب كمطلع على الغيب ويقول الجيش استلم وخلاص قبل مسيرة الثلاثين من يونيو بعدة أيام. ويعقد محمد علي الجزولي أحد قادة الاسلام السياسي قبل يوم واحد من المسيرة مؤتمراً صحفيا يحذر فيه من انقلاب يدبره الشيوعيون بدعم من دولة مجاورة ويبالغ في تعمد الكذب ويقسم على ذلك بالله!!
“مداخلة من كاتب المقال: أوردت قنوات التواصل أن محمد علب الجزولي هذا قد (لغف) كذا مليار جنيه سلمت له لتعطيل مسيرة 30 يونيو او تخريبها إذا حدثت واختفى.”
ويواصل علي دهب:- و فكرة أن الشيوعيين يدبرون لانقلاب بدعم من دولة مجاورة فكرة في غاية الشذوذ والغرابة. فكيف يفعل الشيوعيون ذلك وهم مكون أساسي وفعال في كل تشكيلات الثورة، ولولا أن يبغضني الكثيرون لقلت بل هم المكون ذو الفعالية الأساسية في قيادة الثورة رضينا نحن أم أبينا. ومن الخطل أن ينكر الإنسان حقائق ماثلة للعيان على أرض الواقع. ومما يؤسف له أن كثيرين من الاسلاميين ما زال يسعى للترويج لنفسه والحصول على كسب تأييد الآخرين بالحط من قدر الشيوعيين ومد ألسنتهم وكتاباتهم إليهم بالسوء. هذا نهج من السلوك يأنف عنه الشرفاء. ولو عقد المنصفون مقارنة بين ما فعله الاسلاميون بالسودان وما فعله الشيوعيون لبدا الشيوعيون وكأنهم ملائكة. ونحن هنا لا نتحدث عن فكر الشيوعيين وعقيدتهم ولا عن فكر الاسلاميين وعقيدتهم بل نتحدث عن صنع هؤلاء وهؤلاء.
ربما كان أكثر ما كان يؤخذ على الشيوعيين مذبحة بيت الضيافة الحدث الذى ربما حظى بأكبر قدر من التضخيم الإعلامي بتعمد مقصود وملحوظ من خصوم الشيوعيين ولا سيما الاسلاميين. والمقتلة التي وقعت في بيت الضيافة ليست أكثر بشاعة من مجزرة الثامن والعشرين من رمضان. والشيوعيون أصدروا عدة بيانات وتوضيحات ينكرون فيها مسئوليتهم عن المجزرة ومجزرة الثامن والعشرين من رمضان تباهى علي عثمان محمد طه بانهم قتلوهم في يوم واحد. وعدد الذين قتلوا في بيت الضيافة على ارجح الأقوال تسعة عشر عسكرياً وليس هناك مدنيون. أنظر كم من المدنيين تلطخت بدمائهم أيدينا نحن الاسلاميين. كم قتلوا في معسكر تجنيد العيلفون؟ كم قتلوا في مظاهرات سبتمبر 2013؟ كم قتلوا في ثورة ديسمبر 2018؟ كم قتلوا في فض الاعتصام؟ كم قتلوا تحت التعذيب؟..
“مداخلة من كاتب المقال: لم يورد السيد علي دهب مئات الآلاف الذين قتلوا في حرب الإبادة الجماعية في كردفان ودارفور وجنوبي النيل الأزرق وكجبار وبورتسودان وغيرها”.
ويواصل السيد علي دهب:- وفوق ذلك فإن مذبحة بيت الضيافة وانقلاب 19 يوليو يحيط بهما الكثير من الشكوك والمغالطات. وابحثوا معي عن تقرير القاضي حسن علوب.
#. هل نهب الشيوعيون المال العام كما فعل الاسلاميون؟
#. هل جاء الشيوعيون برئيس للبلاد اطلق اشقاءه وزوجته فب البلاد وفعلوا فيها ما فعلوا؟..
#. هل بدد الشيوعيون مليارات الدولارات في مشاريع فاشلة مثل سد مروي؟..
#. هل خان الشيوعيون الوجود التاريخي للسودان بالضلوع في فصل جزء حبيب من الوطن مثل الجنوب؟
#.هل حكم الشيوعيون ثلاثين عاماً ثم اخفقوا في إدارة البلاد واعتدوا على حرمات الشعب السوداني سجناً وتشريداً وفصلاً ومصادرة للحريات؟..
بمنطق العدل والانصاف والمعايير الوطنية فالشيوعيون أفضل من الاسلاميين. ومن لا يقبل هذا الكلام فعليه أن يراجع كفاءته في تقييم الأمور.)
• أقوال منصفة للحزب الشيوعي السوداني
من كتاب غير شيوعيين:
كتب دكتور حيدر إبراهيم ونقلته عنه صفحة الواتساب بتاريخ 24 يونيو 2020 مقالاً جاء فيه “يقولون لك: انت شيوعي، وتسألهم كيف عرفتم ذلك؟ يقولون لك إن للشيوعيين أمارات تدل عليهم لا يخطئها العقل السليم.. مثقفون.. مخلصون في عملهم.. اإنسانيون بلا تكلفة أو تصنع.. قلوبهم رقيقة بلا مواقف مائعة.. أشداء بلا شراسة.. بسطاء ومفرطون في الطيبة بلا سذاجة.. لا يدعون احتكار الحقيقة.. مثاليون في الأخلاق وواقعيون في التفكير.. يعملون بعيداً عن الأضواء دون منة.. يحاورون بالكلام الطيب بعيداً عن استعراض العضلات.. يرون في المرأة إنساناً كاملاً غير منقوص.. أياديهم نظيفة.. عفيفون.. يحبون الفقراء ويكرهون الفقر.. يتبسطون مع الجاهل ويحاربون الجهل.. امميون مع وطنية صادقة.. صادقون بلا رياء.. يحبون و يعشقون الجمال بلا ابتذال.. يجمعون بين السياسة وسمو الأخلاق.. تعاف نفوسهم المنافع الضيقة.. لا تضيق صدورهم عندما تمتد يد جاهلة ظلامية لتمزق شعاراً أو منشوراً لهم ملصق على عامود أو مكتوباً على حائط.. لا ينطلقون من عذاباتهم الخاصة فهم ليسوا اسرى عقد نفسية مريضة مزمنة تأكل القلوب وتضيع الطريق.. هم خير من عرف حركة التاريخ وفسرها.. بعيدون عن العدمية والتحجر.. ويحترمون العقل والعلم.. غير منكفئين على ماضي غابر بل يستخرجون من تراثهم وتراث الإنسانية الشذرات المضيئة.. هم كطائر الفينيق كلما أحترقوا ولدوا من رمادهم ثانية أكثر عددا و اشد قوة و أصلب عودا.
ذلك هو قاموسهم السياسي والأخلاقي.. الم أقل إن أخلاقهم تدل عليهم.؟”
قال الشهيد محمود محمد طه في رده على كتاب د. حسن الترابي (أضواء على المشكلة الدستورية) الذي برر فيه حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان: (إن الكتاب من حيث هو لا قيمة له ولا خطر لأنه متهافت ولأنه سطحي ولأنه غير صادق بل ينضح بالغرض ويتسم بقلة الذكاء الفطري)..
كتب المفكر العربي هادي العلوي في معرض حديثه عن عبدالخالق محجوب و 19 يوليو في مجلة الحرية 29 أغسطس 1991 قائلاً (وعبد الخالق محجوب أقل أدلجة من غيره، لأن الغالب عليه كان وعي العصر متماهياً في قالب بروليتاري ذي خصوصية سودانية. و كان عبدالخالق محجوب شيوعي الوعي أكثر مما هو شيوعي الأيمان. ولو أن الامبريالية وعملائها الناطقين بالعربية لم تنصب له ذلك الكمين الغادر بين لندن وطرابلس والخرطوم لكنا اليوم نلتف حول جمهورية نادرة المثال في منطقتنا).
خاتمة:
أنني أنشر هذه التجارب المثقلة بحقائق الواقع المعاش منذ النضال ضد الاستعمار وحتى يومنا هذا بعد انتصار ثورة ديسمبر 2018 ، في الاطاحة برأس النظام وبعض مفاصله، تقف مرة أخرى الأقلام المأجورة متلحفة بشعارات الثورة لدس السم في الدسم سالكة ذات الطريق القديم ولابسة ذات الثوب المهترئ المتسربل بالعداء للشيوعية تغطية لأهدافها الحقيقية العاملة على ايقاف الثورة في منتصف الطريق لسرقتها والإطاحة بالديمقراطية. وفي هذا يتساوى بل ويلتقي الاخوان المسلمون ودعاة الاسلام السياسي وغيرهم من دعاة اليسار والعاملون للهبوط الناعم والعودة إلى الطريق القديم الذي افقر الشعب ودمر الوطن.
نحن الشيوعيون نقول لهم أننا تعلمنا من تلك التجارب عبر دروس وتضحيات بلغت حد التعذيب والموت تحت التعذيب وبالرصاص الحي وفوق أعواد المشانق، فذهبت ريح كل المعادين للحزب الشيوعي و بقي الحزب وسيبقى صامداً وجسوراً أمام كل أعدائه، المتآمرون والمناهضون للديمقراطية وثورة ديسمبر 2018. استناداً على هذا الإرث وما سجله شابات وشباب السودان المنتظمين في لجان المقاومة من مواقف صلبة وباسلة فاتحين صدورهم لرصاص الغدر والعمالة و التخلف ومقدمين كل أنواع التضحيات ومقسمين أن تظل لجان مقاومتهم حارسة للثورة والديمقراطية. نقول لهؤلاء جميعاً استفيدوا من هذه التجارب ولا تكرروا ممارسات من ذهبت ريحهم فطريق جهنم إن تختاروا طريقاً لا يمشيه شعب السودان.
سليمان حامد الحاج
______
*الميدان 3687،، الخميس 6 أغسطس 2020م.*
سلمت يا أستاذ سليمان وهكذا تقولون الحق وتسمعون القول فتتبعون أحسنه.
لا انتمى لاى حزب ولو كنت حربيا لكنت شيوعيا قاتل الله الاخوان اخوان الشياطين كما قال المرحوم نميرى
أهلنا زمان قالوا (ما تشكر لي الراكوبة في الخريف).
الكيزان والشيوعيين وجهان لعملة واحدة، بل كل الأحزاب السياسية في السودان لا تؤمن بالديمقراطية حقيقة، ولا تمارسها حتى داخلها.
جميع قادة الأحزاب في السودان لا يتغيرون إلا بالموت، فلم أسمع أن أحدهم ترك قيادة الحزب لآخر إلا إذا مات هذا القائد.
مهما حاولت يا كاتب المقال تلميع الحزب الشيوعي فلن تتغير نظرة الأغلبية الساحقة من الشعب السوداني له، بأنه حزب كاذب مثله مثل الأحزاب الأخرى، بل ولا يؤمن بالمديمقراطية ويعتنف نفس فكر الأحزاب الأخرى وجميع أحزابنا تؤمن بنظرية (يافيها يا نفسيها)، بل ويمارسون المعارضة بأساليب التخريب سواء في الإقتصاد أو الأمن أو المعارضة من أجل المعارضة ولا يمكن أن يجتمعوا على مصلحة عامة تهم البلاد والعباد.
اللهم عليك بأحزابنا المخربة جميعاً اللهم أصرف ضرهم وأذاهم عنا نحن الشعب المغلوب على أمره، وقيض لنا حكومة تنشر العدل والسلام وتشجع الإستثمار وتوقف النهب والسلب والتمكين والتخريب.
العزيز سليمان حامد .لك الشكر على هذا المقال الضافى وفعلا الراسمالية الوطنيه لاتمثل الا 10% وعليه نسبه ال 10% فى المتمع تصبح المعادلة مقلوبة .ولو قارنا الدول التى جمعت النظام الراسمالى والنظام الشيوعى على سبيل المثال ولا الحصر النمسا والتشك نجد انهم يعيشون فى رفاهيه مطلقة ويمكن يكون افضل البلدان التى يمكن العيش فيها .
يبقى السؤال اين نحن هل مع النظام الراسمالى ؟ والله بصراحة اصبحنا بدون اى نظام اقتصادى وممكن نسميه نظام الجبهة الاسلاميه نظام الهبر ونظام النهب المصلح .اصبنا بلعنه فى السودان من سياسيين فاسدين .وللاسف عندما اتى ابو حريره رحمة الله علية وزيرا للتجاره بدا ينظف وقالو عنه شيوعي ..طيب كويس لو شيوعى وراعى مصالح البلد مع العلم انه كان يمثل الاتحاديين .انا طيله عمرى لم لرى شيوعى فاسد .لكن وجدت كل الاسلاميين والاتحادينين وكذلك حزب الامه فاسدين