
بسم الله الرحمن الرحيم
ناقشنا في الحلقات السابقة التخطيط في المجال الزراعي، العلم (بحوث وجامعات/ مناهج)، وتبقي لنا التقانات والتصنيع، الادارة والارشاد الزراعي، التسويق والمعيقات، المزارع (النوعية والمقدرات ورفع المقدرات، ورفع الوعي).
التقانات والتصنيع:
من الواضح للجميع وبدون عناء نستطيع أن نقول أن واحدة من أضعف حلقات الزراعة بالسودان هي التقانات نوعا وكما وتطبيقا، ثم تصنيع المعدات الزراعية، وتصنيع المنتجات الزراعية (الزراعة التحويلية والقيمة المضافة). الحزم التقنية الناتجة عن بحوث من هيئات ومراكز بحثية وجامعات متوفرة. طبقت في البحوث وتوجد توصياتها بكل المجالس القومية المتخصصة و ادارات الارشاد الزراعي القومي و المشاريع الزراعية. لكن تطبيقها يحتاج لمعدات كلها مستوردة وبالعملات الصعبة و بأعداد وكميات لا تكفي احتياجاتنا بالزراعة المروية والمطرية (أكثر من 50 مليون فدان)، واحتياجات المزارع الصغير، وان توفرت فأسعارها فلكية بالنسبة لكل الأطراف، وان تم الحصول عليها فالتدريب عليها غير كاف، وتقديم الخدمة نفسه عادة ما يكون بأسعار لا يستطيع تحملها المزارع بالمشاريع القومية أو القطاع الخاص، وان تحملها فسيضع التكلفة على سعر المنتج مما يجعل الأخير فوق طاقة ومقدرات المستهلك السوداني. كما يجب أن لا ننسى مشاكل الطاقة من مواد بترولية أو كهرباء أكبر وأهم أزمات الاقتصاد السوداني منذ أكثر نصف قرن من الزمان.
السودان عبر العقود منذ عهد الاستعمار حتى تاريخه لم يغير نمطه في الانتاج الزراعي، حتى في وجود الشركات المتخصصة مثل الأقطان والزيوت والصمغ العربي والبنوك المتخصصة مثل البنك الزراعي وبنك الثروة الحيوانية، ووجود وزارات متخصصة مثل الزراعة والغابات والثروة الحيوانية والري، وتغير مسمياتها مع تغير السياسات حيث تضم مع بعضها البعض في فترات معينة، وتفصل عن بعضها في فترات أخرى، والسياسات هي ذات سياسات ما قبل الاستقلال. أما ثالثة الأثافي والطامة الكبرى هي اصدار قوانين مدمرة للمشاريع وللزراعة بصفة عامة مثل قانون 2005م لمشروع الجزيرة وغيره من القوانين.
عدم استخدام التقانات الحديثة، وعدم الالتزام بالحزم التقنية الموصي بها من الجهات البحثية من أهم أسباب تدني الانتاجية ، خاصة بالزراعة المروية. هل يعقل أن ينتج فدان الذرة الرفيعة بالمطرية من 1.5 الى 3 جوالات ؟ هل يعقل أن تكون المساحات الممنوحة لمزارع واحد كمشروع زراعي مطري 3 الف فدان ودون اشراف من خريج زراعي مع السماح له بالقطع الجائر للغطاء الشجري؟ من يستطيع تمويل 3 الف فدان من المفترض أن تكون لديه الياته الزراعية التي تساعد على التجهيز المثالي و الزراعة وتطبيق مبيد الحشائش والتسميد، مع توفر الحاصدات والجوالات والعمالة بالأعداد المناسبة لهذه المساحات. علما بأن هذه الممارسات الحديثة باستراليا ومطريا تنتج متوسط 30 جوالا من الذرة /فدان. بل نجد أن لهذا الشخص أيضا كمثر من مشروع واحد بهذه المساحات الضخمة، وقد يقوم بايجار أكثر من مشروع أخر، ويقوم بازالة كل الغطاء الشجري ويرسله كحطب للوقود بالمدن أو يحوله الي فحم مما أدي الى ان تصل نسبة الغابات بالبلاد الى أقل من 6%!!!
النقطة الأهم في رايي هو الاعتماد على تصدير المنتجات الزراعية (نباتية أو حيوانية) كمادة خام!!! لم تتغير طريقة تفكيرنا في هذا الأمر لفترة قاربت قرن من الزمان!!! في أغلب الأحيان تعاد الينا منتجاتنا هذه في شكل مواد مصنعة وبأضعاف مضاعفة في سعرها علما بأننا نملك العلم والمعرفة والكوادر، بل لا يخفي علينا أن رأس المال للقيام بذلك متوفر في أيدي سودانيين لكنهم يهابون المغامرات وتغير السياسات. لابد وأن نوقف تصدير المواد الخام كالقطن والحبوب الزيتية و الحبوب والبقوليات والصمغ العربي والحيوانات الحية. حتى الخضروات والفاكهة لابد من تصديرها في شكل منتج نهائي للمستهلك بكل الأسواق العالمية وطبقا لمواصفاتها. لا أفهم لماذا نصدر القطن كمادة خام ولا نصدر غزل أو نسيج بكل الأشكال المرغوبة وزيوت وأعلاف للأبقار والأغنام والدواجن والخيول والجمال ..الخ. لابد من دراسة متطلبات الأسواق العالمية واستغلال أراضينا ومياهنا في انتاج ما يستحق من منتجات تغطي ولو جزء من احتياجات هذه الأسواق وتوفير أموال من عائد الصادر للبحوث في محالات التقانات التي تساعد على زيادة الانتاج وتحسين جودته والا سنكون محلك سر. يبدو أن لا نعرف قيمة نعم الله علينا، ولا ننظر ابعد من أرنبة انوفنا. ليس أمامنا الا أن نساله اللطف (أمين).
ب/ نبيل حامد حسن بشير
[email protected]
جامعة الجزيرة
3/8/2020م
بروف نبيل : السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته
تابعت كتابتك عن الزراعة ومناهج العلوم الزراعية بالكليات خاصة التقانات والتصنيع: تذكرة قاعدة فى الجودة هى مرجع بروف عبد الحليم رحمة تعلمنا منه علم الجودة بقول فى مقوله امريكية (garbage in, garbage out) بالدارجى الفسيخ (السمك المملح) ما ببقى شربات.
الزراعة اصبحت صناعة ونتمنا من صانى القرار تراجع كل (garbage in) لحلقات القطاع الزراعى (نبانى وحيوانى) ونسفيد من تجارب دول قريبة منا عندها قناة فضائية زراعية انا تابعها كل يوم برامجها واقارن بحالنا , ده مثال بسيط للتحسين والتطوير فى الجودة.