أوركسترا الإنقاذ تعزف سيمفونية الرقص فوق رؤوس الأفاعي

الثورة لم تكتمل بعد.. وكل من يؤمن بغير ذلك يعيش في أوهام خياله..هنالك أهداف في غاية الأهمية لم تُنجز حتى الآن.! لقد هرمنا ونحن في انتظار هذه اللحظة التاريخية منذ سنوات طويلة.. لقد كنا نتوقع تنفيذ القصاص في مسرح الجريمة على رؤوس الأشهاد بعد سقوط النظام الديكتاتوري مباشرةً قبل أن يعود السيف إلى قرابه. لكن مع الأسف الشديد هنالك رؤوس كثيرة حان قطافها لكنها لم تقطف بعد.. وقتلة الثوار ما زالوا يتبخترون في شوارع العاصمة..والدب القطبي ما زال يتغذى بالعسل ويغرد خارج السرب في فضائية أمدرمان..والتيس الهولندي والمتعافي يستمتعان بالكباب التركي بأموال الشعب السوداني المنهوبة من خزينة الدولة.. وفرس النهر يسبح عكس التيار في قناة النيل الأزرق.. وقتلة شهداء رمضان يتجولون بحرية منذ ثلاثين عاماً كأنهم لم يرتكبوا تلك الجريمة المروعة التي روعت العالم بأسرة.. والرئيس المخلوع وسدنة النظام السادي ما زالوا يقفون خلف القضبان بملابسهم الفضفاضة بدلاً من ملابس السجن.. ومحامو التنظيم السري الإرهابي يبذلون كلما في وسعهم لإعاقة سير العدالة داخل وخارج المحكمة في محاولة يائسة لإنقاذ رئيسهم المخلوع من حبل المشنقة.
والفلول وخفافيش الظلام مازالوا يمتلكون أسلحة دمار شامل لم تُستخدم بعد.. لقد استخدموا المال السياسي لإعاقة حركة الصادرات والواردات ، ولشراء الذمم ، ورفع الأسعار، وإخفاء السلع الإستراتيجية لإثارة غضب المواطنين وتحريك الشارع ضد الثورة. وقد استطاعوا إغراء الخارجين عن القانون وبعض الفلول من الأجانب للمشاركة في التظاهرات المناوية لحكومة الثورة في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ المظاهرات التي شارك فيها الشعب السوداني بكافة إتجاهاته السياسية منذ الاستقلال. ولكن برغم ذلك وقفت حكومة الثورة موقف المتفرج بدلاً من أن تضرب هؤلاء الجرذان بيدٍ من حديد حتى يعودوا إلى جحورهم. وقد شجعت سياسة الحكومة المسالمة المنظمة السرية لاستخدام المال السياسي أيضاً لإثارة الفتن والحروب في المناطق المهمشة حيث استغلت معاناة المواطنيين والإنفلات الأمني مما أدى إلى إثارة الفتن والأحداث المؤسفة في حلفا الجديدة وجنوب ولاية دارفور راح ضحيتها أكثر من مئة وعشرين قتيل بالاضافة إلى عشرات الجرحى.
وعندما خطط إرهابيو المنظمة السرية للانقلاب المشؤوم في عام 1989م لم يخططوا للاستيلاء على السلطة فحسب بل شمل تخطيطهم مرحلة ما بعد سقوط النظام الإرهابي ، لذلك قاموا بوضع خطط سرية محكمة لغسيل الأموال، ولشراء العقارات في جميع أنحاء العالم خاصةً في تركيا، ومليزيا، ودول الخليج. فتمكنوا خلال عهدهم البغيض من غسيل المليارات من عائدات البترول- تقدر بسبعين مليار دولار أو أكثر- ووضعوها في حسابات سرية بأسماء شركات وهمية في البنوك السويسرية (راجع موقع ويكيليكس لمزيد من التفاصيل) تحسباً ليوم الهروب الكبير (The Great Escape) بعد سقوط نظامهم الدموي البغيض. ووفقاً للخطط المرسومة مسبقاً تمكن معظم الجبناء من سدنة العهد البائد من الفرار إلى القاهرة واسطنبول بدلاً من أن يحملوا مدافعهم الرشاشة للدفاع عن نظامهم الارهابي وشعاراتهم الزائفة ويستشهدوا من أجل مباديئهم كما استشهد المقدم محمد أحمد الريح في مبنى القيادة العامة وهو قابضاً على مدفعه الرشاش بعد أن قاتل حتى نفدت ذخيرته، ومع ذلك لم يهرب ولم يفكر في الهروب كما هرب الجبناء من فلول دولة المنظمة السرية! .. أين العشرة مليون عضو في المؤتمر الوطني التي تحدث عنهم الرئيس المخلوع؟.. أين إختفت كتائب الظل التي هدد بها على عثمان الشعب السوداني؟.. أين اختفت الأحزمة الناسفة؟…أين أختفى الانتحاريون؟.. أين إختفت القنابل البشرية؟..أين إختفى قائد فرقة الانتحاريين؟..هل من بين فلول الإنقاذ من يستطيع الإجابة على هذه الأسئلة الحائرة؟.. حتى من اسطنبول؟
لقد بطش نظام الإنقاذ الدموي – طوال عهده البغيض – بكل من حاول مقاومته بالعمل السياسي أو النقابي أو الحزبي بطشاً ذريعاً دون رحمة..فملأ السجون بالمعتقلين من قادة الأحزاب السياسية المعارضة وتعرض النشطاء السياسيين لأبشع أساليب التعذيب في بيوت الأشباح ، وعذب بعضهم حتى الموت (دكتور على فضل، ودكتور فائز البدري وآخرين)، ولم ينج من جرائمهم الارهابية حتى النساء والأطفال والشيوخ. واستمروا في تطبيق سياساتهم القمعية دون أن يستمعوا لصوت العقل عندما نصحهم حكماء الأمة بإعادة الحرية والحياة الديموقراطية، لكنهم مع الأسف الشديد لم يستجيبوا لنداء العقل ولم يتعظوا بتساقط الطغاة من حولهم لأنهم لم يفهموا الرسائل السماوية المرسلة لجميع الطغاة عند سقوط طاغية حزب البعث العراقي، وطاغية ليبيا، وطاغية تونس، وطاغية اليمن، وفرعون مصر. وبدلاً من أن يستجيبوا لنداء العقل وإعادة الحرية والحياة الديموقراطية استمروا في طغيانهم يعمهون حتى أطاحت بهم ثورة ديسمبر الخالدة.
ولكن على الرغم من الاطاحة بنظام القهر والاستبداد مازالت حكومة الثورة تسير بخطى بطيئة نحو تحقيق أهدافها الواضحة..فالإجراءات التي أتخذت حتى الآن ضد رموز وعملاء النظام البائد لم تكن مقنعة لمعظم قطاعات الشعب السوداني.. ومحاكمات الرموز وريئس النظام المخلوع تسير بطريقة سلحفائية.. وإذا استمرت على هذا النحو فربما نحتاج إلى ثلاثين عاماً أخرى لتحقيق أهداف الثورة..لذلك أنصح حكومة الثورة أن تستغل هذه السانحة لتنفيذ قرارات ثورية حاسمة لإنهاء محاكمة الرئيس المخلوع وعملاء النظام البائد، ومصادرة جميع أموالهم وممتلكاتهم التي تحصلوا عليها بطرق غير مشروعه – يعرفها القاصي والداني- وطرحها في مزاد علني لبيعها بالعملات الأجنبية لتغذية خزينة الدولة الفارغة. آمل أن تستغل حكومة الثورة الشرعية الثورية قبل فوات الأوان وتستجيب لهذه النصائح قبل ضحى الغد.. كما أحب أن أذكر الحكومة مرةً أخرى أن الضامن الوحيد لتحقيق أهداف الثورة ونهضة السودان يتمثل في الإبادة الشاملة لفلول الدولة العميقة أينما حلوا قبل أن يتمكنوا من تنظيم الخلايا النائمة، والالتفاف حول الثورة لإعادة انتاج الإنقاذ (2)..وبناءً على معلومات دقيقة أستطيع القول – دون أن يساورني أدنى شك – إن هذا السيناريو قد بدأ إخراجه عملياً في مسرح الحتانة بواسطة مجموعة من فلول الإنقاذ الذين ما زالوا يتجولون بحرية في الهواء الطلق دون أن يعتقل منهم أحد.. إنتبهوا أيها الثوار لقد بدأت أوركسترا الإنقاذ بقيادة الفريق شمس الدين كباشي في عزف سيمفونية “الرقص فوق رؤوس الأفاعي”..
وأخيراً ولست آخراً أود أن أذكِر كتائب المقاومة، وحماة الثورة أن الشعب الفرنسي لم يتحرر من العبودية وينهض من بين الأمم الأوربية في القرن الثامن عشر إلا بعد أن تمكن الثوار من الإطاحة بالأسرة الحاكمة، وطبقة النبلاء والنظام الإقطاعي الجائر..وإبادة الفلول إبادة تامة.
صديق جوليا
[email protected]