أخبار السودان

صراعات المجتمعات المحلية .. هل من حلول تلوح في الأفق

تقرير: مصطفى حسين حسن

مع كل إشراقة شمس جديدة تتجدد تحديات الإنتقال المفضي إلى تحول حقيقي في فضاءات الواقع السوداني وحق إنسانه في العيش الكريم لتحقيق شعارات الحرية والسلام والعدالة الممهورة بدماء الشهدء وأنات الجرحى.

لذلك فان سلطات الانتقال وأجهزة الحكم تواجه جذور مشكلات تأريخية أزمت واقع الحياة في المدينة والريف، من بين التحديات عملية “السلام -السياسي – الاجتماعي”النزاعات القبلية – هل من حلول تلوح في الأفق ومن بين التحديات عملية السلام (السياسي – الاجتماعي) التي وضعتها الحكومة في قمة اولوياتها، ولكنها ايضا تُواجه بواقع تأريخي مأزوم نتاج هجرات بشرية كبيرة في الداخل السوداني نتج عنها صراع حول الأرض.

يعاني السودان اليوم صراعاً مركباً بين مختلف إثنياته في مختلف مناطقه، يتطلب دراسة المشكلة وأبعادها لوضع حلول ناجعة لها، هذه الصراعات زادت من تهديدات الاستقرار في مناطق دارفور وجنوب كردفان وشرق السودان، ولكنها امتدت ايضاً لتضرب منطقة عاش اهاليها منذ ما يزيد عن نصف قرن من الزمان بحلفا الجديدة بين الحلفاويين والزغاوة بالقرية 10 مرشد والتي ادت لحالتي وفاة وعدد من الجرحى (لا توجد إحصائية دقيقة ولكنها تقدر باكثر من 20 حالة).

تعاملت حكومة الفترة الانتقالية مع الصراع بين الحلفاوين والزغاوة بارسال وفد رفيع المستوى برئاسة عضو مجلس السيادة الإنتقالي البرفيسور صديق تاور كافي، و في معيته مستشار رئيس الوزراء للسلام، بروفيسور جمعة كندة كدودة، ممثل لوزراة الداخلية الفريق شرطة الصادق علي إبراهيم، الناطق الرسمي باسم قوى إعلان الحرية والتغيير وجدي صالح، ممثل حركة العدل والمساواة عبدالعزيز عمر عشر، ممثل حركة تحرير كوش محمد داؤؤد وعدد من قيادات القبيلتين.

وصل الوفد الاتحادي الى حلفا الجديدة ظهر الجمعة الموافق 7 أغسطس الجاري وعقد مباشرة إجتماعا مع لجنة أمن الولاية التي قدمت تقريراً مفصلا حول الاحداث اعقبه إجتماع مع طرفي النزاع.

وأكد عضو مجلس السيادة صديق تاور في حديثه لسكان القرية ان الشعب السوداني غادر دولة الفوضى وانتهاك القانون، وما تم انجازه من ثورة هي لتأسيس دولة العدالة والقانون وليس دولة الفوضى والغوغاء.

واضاف تاور في دولة القانون تؤخذ الحقوق عبر القانون بمؤسساته وقنواته في اشارة منه لضرورة بسط هيبة الدولة، وأوضح أن حكومة الثورة لم تأت للتسلط على الشعب وإنما لخدمة الشعب وتحقيق المطالب العادلة والمشروعة.

وقال تاور “استمعنا لتنوير من لجنة الأمن وتقاريرها، واستمعنا كذلك إلى لجنة أهالي قرية ١٠ واستلمنا مذكرتهم مع شرح مضامينها، وأمنا على أن هذه المذكرة تحوي حقوق وسنعمل على تنفيذ الحقوق المضمنة فيها.”

إستمر الجهد الحكومي لحل الازمة بعقد إجتماع يوم الثلاثاء الموافق 11 أغسطس 2020 لمتابعة نتائج زيارات بروفيسور صديق تاور كافي الى حلفا الجديدة والاستماع كذلك لقيادة القبيلتين من أجل الخروج برؤى يمكن أن تسهم في حل المعضلة، وأفاد تاور من خلال الجلسة انه تبين بان الامر يتطلب عملاً دؤوبا على المستوى الرسمي والسياسي والاجتماعي لمحاصرة الاحداث التي ظهرت في حلفا الجديدة وهي بالتأكيد لن تقتصر على حلفا الجديدة وكسلا بل تمتد الى الجزيرة ودارفور وكردفان.

كشف تاور عن إسهام سياسات النظام البائد في الحكم والإدارة في زرع بذور الفتنة بين مختلف المكونات السودانية وهناك اسباب اخرى متعلقة بإنهيار مؤسسات الدولة الخدمية للمواطنين مما خلق نوعا من الروح التنافسية في الحصول على الخدمات الاساسية، هذا الوضع اوجد ارضية لاصحاب الاجندة السالبة لاستخدامه في اثارة التوترات، ومن بين الاسباب حسب ما ذكر تاور وجود شعور عام بالاحباط وسط للمواطنين في الولايات نتيجة لتوقعاتهم العالية من الثورة والواقع الذي ظل قائما في ما بعد الثورة.

وأكد ممثل مجلس الوزراء في اجتماع الثلاثاء وزير الشؤون الدينية نصرالدين مفرح عن توصل إجتماع اليوم إلى توصيات متعددة تتلخص في عدة محاور منها المحور الامني والمتمثل في بسط هيبة الدولة وتحقيق الأمن في المنطقة، وأضاف ان الاحوال هدأت بعد نشر قوة من الجيش والدعم السريع والشرطة، وهناك توصية أخرى خرج بها المجتمعون تتعلق بتفعيل الجانب العدلي.

واعلن مفرح القبض على بعض المتفلتين الذين قدمت في مواجهتم اتهام بالضلوع في الاحداث الاخيرة، وهناك ايضا بحث عن بقية الذين شاركوا في الصراع وسيتم تقديمهم لمحاكمات عادلة، كما قدم الاجتماع ايضا توصية في الجانب الخدمي متعلقة بالارض والمراكز الصحية والطرق والمدارس والمستشفيات وسيكون هناك عمل جاد في هذا الملف بتوصية من الوالي والذي تكفل بالبدء في العمل على تقنين الارض وملكيتها، لايجاد مجتمع متعايش ومترابط بالزراعة والامداد الكهربائي والمياه، والصحة وسيكون هناك قرارات كبيرة وشجاعة في هذا الامر محل الصراع.

وفي تصريح صحفي بالمركز الاعلامي في القصر الجمهوري قال مفرح “نعد جماهير شعبنا في حلفا الجديدة باستباب الامن ورسالتنا لكل الاهل في السودان ونخص الاهل في حلفا الجديدة التي لم تعرف الا التماسك الاجتماعي، ولم نسمع بالصراع القبلي طيلة الفترة السابقة التي امتدت ل55 سنة بين المزارع والمزارع وبين العامل والمزارع وهذا التشاكس طبيعي ونريد إفشاء روح التعايش السلمي وروح ثورة ديسمبر العريقة حرية سلام وعدالة”

وقال ممثل وزارة الداخلية الذي رافق وفد المركز لحلفا الجديدة الفريق شرطة الصادق علي إبراهيم، عن مرافقته لعضو مجلس السيادة الإنتقالي صديق تاور لحلفا الجديدة للوقوف على النزاع القبلي بين سكان القرية 10 من الحلفاويين والزغاوة الذين يقطنون في كمبو بطرف القرية وافاد ان اجتماعاتهم مع اللجنة الامنية وطرفي النزاع خلص الى التاكيد على سيادة حكم القانون وتشكيل لجان تحقيق للوقوف على البلاغات الجنائية وضبط المتهمين .

و كشف إ براهيم عن تشكيل لجان إدارية لمراجعة الموقف الاداري للقوات النظامية وتم التأمين على وجود القوات المشتركة من القوات المسلحة والشرطة والمخابرات العامة والدعم السريع وهي الان منتشرة في المنطقة وتم تعزيزها للفصل بين الطرفين منعا لتجدد الاحداث.

وافاد الفريق شرطة ابراهيم ان اجتماع اليوم هدف لدراسة مخرجات هذه الزيارة وبحضور عدد كبير من المختصين واصحاب المصلحة مع التأكيد على متابعة أمر التحريات في هذه البلاغات وتحريك الجهد الأهلي والمنظمات لمعالجة كل الإفرازات حتى لا تتكرر هذه الاحداث مستقبلا، وطمأن الجميع بان الاوضاع الان مستقرة ولكنها تحتاج لمتابعة في الايام المقبلة لتنفيذ مخرجات الزيارة وكل ما اضيف من متابعات حتى تقوم بدورها في الفترة القادمة.

وصف والي كسلا الاستاذ صالح محمد صالح عمار اجتماع الثلاثاء بالناجح وان ملاحظات المجتمعين كانت مفيدة جدا وتم تقديم الكثير من المقترحات الايجابية وان اغلب النقاش دار حول اجهزة تنفيذ القانون، والاعلام، التنمية، الخدمات، ومشكلة الاراضي في الولاية.

أكد صالح تفهمه للمشكلات العميقة التي تعاني منها الولاية وتعهد ببداية ايجابية تتمثل في الاستماع لكل الآراء والافكار بعقل وذهن مفتوحين، ودعا أهالي كسلا وحلفا للحفاظ على السلام والاستقرار وتعهد كذلك بالعمل المشترك للجميع.

وطالب ناظر عموم الشكرية في ولايتي القضارف وكسلا احمد محمد حمد ابوسن الحكومة بوضع حلول دائمة لان الحلول المؤقتة تؤدي في نهاياتها الى تكرار مثل هذه المشاكل، واضاف بدأت الصراعات تظهر بصورة مزعجة للدولة والنظارة ويجب ادارة هذه الاحداث بحكمة مع العودة للحقوق التأريخية لأهل الارض.

اكدت الخبرات البشرية المتراكمة أن التعامل مع المشكلات المجتمعية رهين بالارادة والرغبة في بحث جذور المشكلات والوقوف على كل التحديات ومن ثم وضع كل الحلول الناجعة لضمان عدم تكرارها مستقبلا،

حتى ذلك الحين تحتاج الحكومة لدراسات حقيقية مرتبطة بالهجرات الجماعية داخل السودان والعمل على تجفيف مسببات هذه المشكلات لتفادي تكرار الازمات المتعلقة بها مستقبلا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..