مقالات وآراء

الاجهزة الامنية بعد الثورة مابين مطرقة المحاسبة وسندان التخوين

الهجوم الذي تتعرض له الاجهزة الامنية والعسكرية في الوسائط الاعلامية المختلفة كلما اشتعلت فتنة قبلية في احدى المدن السودانية واتهامها بالتقاعس والتواطؤ عن القيام بواجباتها يجب ان يخضع لتقييم منصف وحقيقي واعطاءه الاهمية القصوى قبل ان يحدث شرخ في بناء الدولة السودانية يصعب معالجة آثاره لانها تعتبر صمام الامان الرئيسي لبقاء السودان كدولة شئنا ام أبينا بالرغم مما اصابها من ادلجة وتجيير لمصلحة دولة الفرد والتنظيم الواحد ابان العهد البائد.
فلنتفق ان الذين ينتمون لهذه الاجهزة هم من ابناء الشعب السوداني ويؤثرون ويتأثرون ويتفاعلون مع كل مايتأثر به اي فرد آخر من أفراد الشعب السوداني وهم محكومون في أداء واجباتهم المهنية بأسس وضوابط تختلف عن تلك التي تحكم المؤسسات المدنية بالطبع، ومؤسساتهم تمر ايضا بمرحلة انتقال من خدمة دولة الفرد او التنظيم الواحد الى خدمة دولة القانون ودولة الوطن الواحد بحسب مايتخذ من خطوات في سبيل اصلاح المنظومة الامنية.
ومن ابرز ملامح هذا الانتقال هو انتفاء الحصانة المطلقة الممنوحة لهم في العهد البائد حتى في حال تجاوزهم للقانون وانتقالهم الى رحاب دولة القانون وخضوعهم للمساءلة القانونية بحسبان أن مايسري على الجميع من قوانين لايستثني اي مواطن سواء كان مدنيا او عسكريا ،وهنا تقف محكمة قتلة الشهيد احمد الخير ومحكمة فرد الدعم السريع في مقتل الشهيد حنفي ومحكمة شهداء مجزرة الابيض ولجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة كلها تقف شواهد على ذلك الانتقال ، وذلك مما يجعل اي فرد ينتمي لهذه الاجهزة ان يعيد التفكير الف مرة ومرة في استخدام الصلاحيات الممنوحة له لاداء واجبه المهني في حفظ الامن.
وهنا تبرز المعضلة الاساسية في التوفيق بين استخدام السلطة الممنوحة لفرد الامن لاداء واجبه وعدم تجاوزه للقانون مما يعرضه لمساءلة قانونية قد تودي بحياته، وخير مثال لذلك ما ورد في الاخبار عن الاحداث الجارية بمدينة بورتسودان واتهام الاجهزة الامنية بالتقاعس والتدخل بعد خمس ساعات حتى حضور وكيل النيابة واصدار اوامره باطلاق الرصاص في الهواء لردع المتفلتين ،مما أدى لارتفاع عدد الضحايا وايضا قبلها احداث دارفور مما استدعى استصدار صلاحيات للقوات من مجلس الامن والدفاع لاستخدام القوة.
وانا بصفتي شخص مدني ولا صلة لي بالمجالين العسكري او القانوني ارمي يهذا الحجر في البركة الساكنة لكي يتحرك اهل الخبرة وذوي المعرفة من القانونيين والعسكريين ليثروا لنا النقاش ويخرجوا لنا بصيغة مثلى تقارب بين اصلاح الاجهزة الامنية وفي نفس الوقت اداء دورها بسرعة وفاعلية لحفظ الامن وحسم التفلتات دون تجاوزات وايضا نتسائل عن ماهية دور النيابة في هذه الحالات وكيف يمكن تطويرها حتى تواكب مثل هذه الاحداث المتسارعة بالحسم والسرعة؟ بصفتها القيم على تنفيذ القوات الامنية للقانون.
وللاسف الشديد هناك عوامل اخرى ايضا تتمثل ايضا في الحساسية المفرطة المتبادلة مابين المدنيين والعسكريين وهي نتاج لافعال وممارسات حدثت ابان الحراك الثوري ادى للتباعد وانعدام الثقة بين الطرفين واصبح كل طرف متوجس ومتربص بالآخر مما القي بظلال سالبة على الوضع السياسي والامني بالبلاد وكلها تحتاج الى نظرة عميقة ومتأنية وعمل متسارع لمحاسبة الذين تسببوا في احداث هذا الشرخ في العلاقة حتى يتفرغ الجميع لبناء دولة الوطن والقانون التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
كما ان هناك عوامل خارجية مؤثرة ونشاط استخباري يستثمر في التداخلات القبلية لمكونات الشرق والتحالفات مع تنظيمات النظام البائد التي ما زالت تقاوم من جراء لفظها من مكونات الشعب السوداني بافتعال الفتن والازمات.
والله الموفق

عمر محمد يوسف
[email protected]

 

‫3 تعليقات

  1. هذا المقال م المقالات الموضوعية لأنو يطرح قضية حرجة جدا في ظل تهتك النسيج الاجتماعي الذي ينتشر بسرعة في كل البلاد.
    حاليا مافي عسكرى او جندي او ضابط او ضابط صف في الاجهزة الامنية والعسكرية بتدخل في اي شئ مالم تجيو اوامر وتوجيهات مكتوبة وإجراءات نيابة، عشان ما يلقى نفسو متهم أو محاكم بالاعدام في حادثة ماعندو فيها لا يد لا كراع، وخلينا نقول انو الاجهزة دي في حالة انهزام للروح المعنوية ودي أسوأ حاجة لانو بتنعكس مباشرة فيوالاوضاع الامنية كما يحدث الآن تماما
    السودان لو استمر بالطريقة دي اعتقد انو قبل نهاية السنة حيكون اتخلخل تماما ولن يستطيع أحد لملمته مرة اخرى.
    أضف إلى ذلك مافي جندي حاليا عندو استعداد يحارب او يجازف عشان طبقة سياسية تتهمه بكل ماهو سيى خصوصا بعد الشتائم والسب الذي لحق بهم من الجانب المدني بل ان غالبيتهم يتمنون اقالتهم او رفدهم مثل هيئة العمليات بجهاز الامن والاي لو كانت موجودة لما حدثت الصراعات العرقية التي نشهدها حاليا.

  2. لا بد من مصالحة وطنية شاملة تشمل المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي والكيزان وكافة احزاب الفكة التي شاركته الحكم. لا سبيل غير ذلك لانقاذ البلاد من هذا الوضع المتردي البائس.
    في كل دول العالم تحاول الحكومات تقوية الجبهة الداخلية والوصول إلى ارضية مشتركة يقف عليها الجميع وتوسيع التحالف الحاكم، ما عدا في السودان يحدث العكس بتعميق الانقسامات والتشظي والنزاعات والاستقطاب الحاد والانتقام وتصفيات الحسابات السياسية وبات هذا الامر مهدد حقيقي لوحدة السودان وتفكك النسيج الاجتماعي والاخير ده اخطر من اي شئ تاني. وبهذا لن تهنأ الحكومة بحكمها وتكون في قلق وخوف من مصيرها في حال سقطت، ولن يهنأ الشعب بالاستقلال السياسي و الاجتماعي و الامني، ولن تهنأ المعارضة التي تشعر بالحنق وستظل حجر عثرة وشوكة حوت لأي خطوة تقوم بها الحكومة.
    حتى أفريقيا عبرت للامام بخطى ثابته وتقريبا جميع دولها تشهد استقرار شامل الى حد كبير وتنطلق فيها التنمية ومستويات الدخل والمعيشة لساحات أرحب، بينما نحن نتحارب ونتقاتل ونصفي الحسابات و نوسع من قاعدة المعارضةمع صباح كل يوم، وكل ذلك ينعكس أثره على الواقع الاقتصادي البائس الذى نعيشه الآن.
    هذا او الطوفان، هذا او ضياع البلد ان لم تكن اصلا وصلت مرحلة اللاعودة لنشهد المرحلة الثانية بالحكم الذاتي للشرق وانفصاله لاحقا وعندها سنظل شبه دولة ممزقة باهتة لا أحد يأبه بها.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..