مقالات سياسية

حول استرداد العمل النقابي الديمقراطي الحر المستقل

م. علي خليفة مهدي

يتحرك الأن معظم النقابيين المهتمين بالعمل النقابي في نشاط واضح مستهدفين استرداد العمل النقابي الديمقراطي الحر المستقل، وعلى رأس هؤلاء “تجمع المهنيين السودانيين”.

هذا الحراك واسع، ويتطلب “الوحدة واليقظة والتكاتف” لنسترد نقاباتنا المرتكزة على تاريخها الطويل المبني على تقاليد ديمقراطية وثورية ومستقلة.

هذا الحراك انطلق منذ بدايات العمل النقابي في سنة 1946م، وانطلق جماعياً، يضم كافة التوجهات النقابية بلا عزل لأحد ويضم الشيوعيين، والاتحاديين، وحزب الأمة، والمستقلين وغيرهم.
ولا يمكن احصاء أو توصيف هذا الحراك ولكن يمكن تلخيصه بأنه ولد ذلك “الجبار” المعروف في السودان وفي العالم العربي والافريقي وفي اتحاد عام نقابات عمال العالم المارد الجبار (اتحاد عام نقابات عمال السودان) سكرتير عام اتحاد نقابات عمال العالم.

وقد قادت الحركة النقابية السودانية بتقاليدها الراسخة في الحرية والديمقراطية والاستقلال إلى قبول السودان مستقلاً مبرأ من جرح الاستقلال تخت النفوذ البريطاني في الكومنولث “common wealth”، أو الاتحاد مع مصر (تحت التاج المصري ).
وقد حافظ افذاذ الحركة النقابية السودانية، في احلك الظروف، على وحدتها وجماعيتها، بل وعلى وجودها.
ولقد بدأ ذلك منذ اللحظات الاولى في سنة 1989م، فقد حلت سلطه الانقاذ نقابات العاملين، وشردت النقابيين، وارسلت قياداتهم المنتخبة إلى المعتقلات، ثم الغت القوانين التي كانت سارية وأصدرت “قانون نقابات العمال لسنة 1992م “. وقد كان هذا القانون أكثر القوانين النقابية التي صدرت في السودان ظلامية وتغولاً على الحقوق النقابية على الاطلاق.

تصدى النقابيون لقانون نقابات العمال لسنة 1992م “وانتقده الخبراء والمختصون من القانونيين، ورفضته منظمات العمل الدولية، وأوصى المؤتمر الرابع عشر لاتحاد نقابات العمال العالمي المنعقد في دلهي في مارس 2000م بتعديله بمشاركة كل المنظمات النقابية المنضوية تحت لواء اتحاد نقابات العمال العالمي – ومن ضمنهم اتحاد نقابات المهنيين والفنيين السوداني.
وبعد ذلك ألغت الحكومة السودانية “قانون نقابات العمال لسنة 1992م”، وأصدرت “قانون نقابات العمال لسنة 2001م” و ” قانون تنظيم الاتحادات المهنية لسنة 2004م”.

وبنشر تلك القوانين النقابية الجائرة في طريق نشاطهم النقابي وبإصدار القوانين المعادية للحريات المعروفة واجه الشعب السوداني والحركة النقابية على رأسهم مصاعب لا تحصى في نشاطهم النقابي وفي حياتهم المعيشية اليومية، ونذكر الأن تلك المصاعب وتلك التضحيات ونكرر ذكراها لكي لا ننسى أن الافذاذ من النقابيين قد حافظوا على وجود وتقاليد الحركة النقابية طيلة ثلاثين عاماً من شمولية الانقاذ القبيحة.

نحن الأن في مرحلة جديدة من مراحل استرداد العمل النقابي الديمقراطي الحر المستقل. وأول ما تتطلبه هذه المرحلة هو “الوحدة واليقظة والاستعداد للتضحية وضرب المثال”. ومن المهم أن نعي تماماً إن ثورة الشباب في ديسمبر 2018 قد جعلت من الفترة التي نسعى فيها لاسترداد العمل النقابي الديمقراطي الحر المستقل فترة مؤاتية لإنجاز المشاريع الديمقراطية التي يسعى لتحقيقها العمل النقابي الوطني الديمقراطي الثوري. فمثلما كانت الحركة النقابية السودانية شريكاً في انتصار القوى الديمقراطية في ثوره أكتوبر سنة 1964، وفي انتفاضة 1985م، تكون قوى ثورة الشباب الأن حريصة على أن تظل أبواب مؤسسة الدولة مشرعة لاستقبال العمل التنظيمي لإنجاز “مشروع قانون تنظيم نقابات العمال لسنة 2020م”.

نعجم عيداننا لخوض هذه المعركة في هذه المرحلة فنجد ان “راية الوحدة” هي الراية الأولى التي تتشكل خلفها كل راياتنا الأخرى في السير نحو “التوحد” حول “مشروع قانون تنظيم نقابات العاملين لسنة 2020م” فهو ثمرة لمناقشات طويلة، ولأطروحات عدة، ولمشاريع قانونية بديلة، ولورش مكثفه كانت أخرها ورشة جريدة الأيام الغراء تحت رعاية الصحفي عميق الثقافة، السيد محجوب محمد صالح. وهو “مشروع موحد” يؤكد في بنوده الغاء قانون نقابات العمال لسنة 2010م، وقانون تنظيم الاتحادات المهنية لسنة 2004م، ويلغي بشكل قاطع رعاية مفهوم نقابة المنشأة في التنظيم النقابي، ويعلي من ذكرى أمجاد النقابات الفئوية ورسوخها في التنظيم النقابي.

مشروع القانون الموحد (مشروع قانون تنظيم نقابات العاملين لسنة 2020م) مشروع جيد، وإذا عرض على اجتماعات نقابية عامة لأخذ الرأي حول بنوده لما وجد اختلافاً كبيرا، وإذا أجيز فسوف يكون القانون الأول الذي يعرض على النقابيين ولا يواجه بمعارضة عاصفة.

وترصيص البنيان الأن حول “وحدة” اركان المشاريع المطروحة لاسترداد العمل النقابي الديمقراطي الحر المستقل تقع على عاتق تنظيم “تجمع المهنيين”. فهو التنظيم الذي قاد ثورة الشباب للانطلاق ، ويثقون في ثباته وفي تجرد قيادته. وإذا أشار تجمع المهنيين إلى طريق الوحدة فالمأمول ألا يتخلف إلا القليلون عن اتجاه تلك الاشارة.

ورغم ذلك أرى، وكان من رأيي دائما أن ينشر “القانون الموحد” على أوسع نطاق، وأن يعرض للنقاش أمام تجمعات النقابيين، فلا يخلو بعض النقاش من بعض الفائدة، ومثلاً يصدر قانون النقابات عملاً بأحكام المادة (25/3) من الوثيقة الدستورية بمنح السلطة التشريعية للمجلس السيادي والوزراء، وهذا لا يحدد بالضبط من الذي يصدر قانون النقابات، وما هو تأثير المادة 25/3 على قانون النقابات في الإصدار وفي الممارسة وفي حالة الالغاء، ويصعب فهم مرمى الصياغة في (1) و (2) من الفصل الأول في المادة (3)، فبينما تقضي (1) في المادة (3) أن يعمل بالقانون من تاريخ إصداره تقضي في (2) من نفس المادة بأن يلغي قانون 2010م من تاريخ العمل بقانون 2020م، وهذا يربك الغاء القانون 2010م في تاريخ محدد.

طباعة المادة (3) في الفصل الأول تجعل في الاتحاد الاقليمي اتحادين أحدهما يضم الفنيين والأخر لا يضمهم (وذلك بتحريك الألف والواو في (والفنيين – أو الفنيين)

وفي المادة (3) من الفصل الأول في تفسير المسجل عرف المسجل بأنه يقصد به المسجل العام لتنظيمات العمل المعين بموجب احكام المادة (24/1) والصحيح أن المادة التي يعين بموجبها المسجل هي المادة 22 في الفصل السادس.
تلغي المادة (4) من الفصل الأول، فلا يستثنى أحد من تطبيق احكام هذا القانون.

وإبتداءً من الفصل الثاني يمكن الموافقة على البنود (5) الأهداف، و(6) مشروعية النشاط. وفي الفصل الثالث المادة (7) البنيان النقابي والمادة (8) قطاعات الوحدات النقابية والمادة (9) من الفصل الرابع (النظام الاساسي للنقابات) بلا جدال.
ثم في المادة (10) من نفس الفصل (الدورة النقابية)والمادة (11) تجميد العضوية والمادة (12) حظر الجمع بعضوية أكثر من نقابة والمادة (13) رفض طلب العضوية والمادة (14) فصل الأعضاء والمادة (15) مراجعة حسابات النقابات والمادة (16) صور مراجعة الحسابات.

(يحتوي الفصل الرابع على البنود ((9)، ( 10 )، (11)، (12)، (13)، (14)، (15)، (16)).
ويمكن أيضاً قبول مواد الفصل الخامس بلا جدال، قبول المادة 17 (التفرغ النقابي) والمادة 18 ضمانات أعضاء اللجان والمادة 19 حظر اغراء العاملين والمادة 20 استقطاع الاشتراكات والمادة 21 اجازة العمل النقابي.

وقبل الولوج إلى مواد الفصل السادس يجدر بنا تصحيح اللغة في المادة (6) من الفصل الثاني فهي “يكون نشاط النقابات مشروعاً بالنسبة إلى ما تسلكه من سبل: الاضراب، العصيان، الوقفات السلمية” وليس ما تملكه من سبل.
ونواصل نقاش مواد الفصل السادس ونقبل المادة (22) في تعيين المسجل ونائبه وسلطاته، ونقبل المادة (23) في تعيين نواب المسجل، ونقبل “المادة” (24) في انتخاب “اللجنة التمهيدية للنقابة” والمادة (25) في انتخاب (اللجنة التمهيدية للاتحاد)، والمادة (26) انشاء النقابة والاتحاد، والمادة (27) رفض الايداع، والمادة (28) الغاء الانتخابات، والمادة (29) حل النقابة أو الاتحاد.

ومن الفصل السابع يمكن قبول المادة (30) العقوبات والمادة (31) الأخيرة، وإصدار القانون بالوثيقة الدستورية 25/3.
لب مشروع قانون تنظيم نقابات العاملين لسنة 2020م هو الوحدة واليقظة والاستعداد لبذل التضحية ونكران الذات.
واذا توحدنا حول اللوائح الداخلية، وتعيين المسجل وصلاحياته واللجنة التمهيدية والاشراف على إجراء الانتخابات ومنع التزوير نكون قد نجحنا في تكوين نقابات استرداد العمل النقابي الديمقراطي الحر المستقل.. وعاشت ذكرى قرشي الطيب، وإلى الامام.

مهندس/ علي خليفة مهدي
الميدان 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..