
خارج السياق
شكل تعيين الولاة خطوة مهمة في طريق استكمال هياكل السلطة الانتقالية، بعد صعوبات جمة، تكشف كم هو شاق طريق الانتقال، وكم الصعوبات التي تكتنفه، وكذا المهام الموكلة للولاة، فكل ولاية لها مشاكلها، وأولوياتها، إلا أن ولايات دارفور والشرق وكردفان، تواجهها مشاكل تتعلق بالأمن، لتفاقم النزاعات بين المكونات الاجتماعية، ويحاول أعداء السلطة المدنية أن يراهنوا على الحساسية القبلية والاثنية، في مناطق تعانى الفقر وهشاشة الأوضاع بشكل عام.
السلطة الاتحادية لجأت الى نشر القوات المشتركة، وأعلنت بعض الولايات الاحكام الاستثنائية في شرق السودان، إلا أن تلك الإجراءات حتى لو افلحت في سد الطريق أمام من يدفعون الأوضاع في اتجاه المواجهات الدامية، والتي يروح ضحيتها الفقراء من كل المكونات الاجتماعية، إلا أن ذلك لا يمكن أن يستمر لوقت طويل، فتلك الإجراءات الأمنية ستؤثر سلباً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية القاسية، مما يستوجب القيام بجهد سياسي ومدني يقوم به الولاة مباشرة بشراكة مع المجتمع نفسه، فبؤر النزاع معروفة، ولا بد من معاقبة من يقفون خلفها بكل حسم مهما كان نفوذهم القبلي، وفتح حوار مجتمعي واضح لوضع المشرط على مكان الجرح، ومواجهة أسباب النزاع كما هي وكشف عواقبها دون مدارة.
أن ذلك الجهد يتطلب وعي وتكاتف الجهود الرسمية والمجتمع المدني والإعلام، ويقع على عاتق (قحت) في الولايات مهمة كبيرة، وهي أن تتصدى لواجبها السياسي، بكل جدية، وأن تطرق على ما هو أقوى من الروابط القبلية، أي المصالح الاجتماعية والاقتصادية بين المكونات الاجتماعية، ليس فقط من أجل وقف النزاعات وسد الطريق أمام من يراهنون على الحساسيات القبلية والثقافية بل لوضع الأساس لقيام الدولة المدنية..
إن التغيير الذى يتطلع إليه السودانيون لن يتحقق دون تضحيات جسيمة، وكل قطرة دم سالت، وكل ضياع للممتلكات، وكل الظروف الاستثنائية السائدة الأن، لا بد أن نضعها في اطارها الصحيح، فالأمر ليس فقط صراع على السلطة، بل يتعلق أيضاً بمقاومة مضادة لبناء الدولة المدنية، مما يستلزم القيام بأشكال مختلفة من المقاومة تستند على الثقافي والسياسي والحوار المجتمعي الصريح.
مديحة عبدالله
الميدان