د. الهادي إدريس: الاحداث ستقود البلاد الي الانهيار اذا لم يتم التوقيع على السلام في القريب العاجل ( حوار)
ما الذي يدور في اروقة الجبهة الثورية في جوبا خاصةً وان جولة المفاوضات قد قطعت شوطاً متقدماً ويرجح انه ربما يتم حسم ملف الترتيبات الامنية بشكل سريع وصولاً الى التوقيع بالاحرف الاولى على الاتفاق.
وعليه كان لابد ان تجلس الراكوبة الى الدكتور الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية والذي أجاب على كل أسئلتنا مشكوراً.
حاوره: سايمون دينق
مرحبا بك الدكتور الهادي ادريس رئيس الجبهة الثورية السودانية ضيفا عزيزا على صفحات “الراكوبة الالكترونية”
د. الهادي:
في البدء انا سعيد بهذه الاستضافة واشكر “صحيفة الراكوبة” لدورها الكبير، فهي استطاعت ان تغطي مفاوضات السلام الدائرة في جوبا هنا تغطية جيدة.. وعليه تستحق منا كل الشكر.
– كيف ترى الجبهة الثورية السودانية استمرار عمليات القتل وسفك الدماء في مناطق مختلفة من السودان .. دارفور والشرق كنموذجين، وهذا في ظل حكومة الثورة!؟
+ طبعا هذا شيء مؤسف ان تستمر الانتهاكات وعمليات القتل بعد مجيء حكومة الثورة، سواء كانت في المناطق المتأثرة بالحرب مثل دارفور و المنطقتين او في مناطق اخرى التي امتدت اليها الاحداث كما هو الحال في شرق السودان وفي وسط السودان ايضا.
الجبهة الثورية السودانية ترى ان مثل هذه الانتهاكات لن تتوقف مالم تحدث اصلاحات شاملة في القطاع الأمني، لان استمرار القتال والتفلتات الامنية دليل على ان المؤسسة الامنية في البلاد فيها خلل كبير، ولا تزال تحوي عناصر النظام المباد بداخلها، ونحن من خلال مفاوضات جوبا طرحنا عملية الاصلاح الشامل للقطاع الامني بموجبه يتم تكوين جيش وطني قومي مهني غير مسيّس، مهمته الاساسية الدفاع عن المواطن ولا يوجه سلاحه نحوه، عقيدته الاساسية الولاء الي الوطن وحده.
حاليا في الجبهة الثورية السودانية وفيما يتعلق بالاصلاح المنشود فلقد طرحنا في (مسار دارفور ) فكرة (القوة المشتركة) لحفظ الامن والسلام في دارفور ومهمة هذه القوة هي حفظ الامن في دارفور خلال الفترة الانتقالية الي جانب تجريد السلاح من ايدي الميليشيات وبعض العناصر المتفلتة التى تقتل الابرياء.
وايضا بان تساعد في فتح المسارات الآمنة للمنظمات الانسانية العاملة وعودة النازحين الي مناطقهم .
– آسف علي المقاطعة .. ولكن من يتحمل مسؤولية هذه الاحداث المستمرة!؟
+ هناك قوى مضادة للثورة موجودة وكل من لا مصلحة له في التغيير الذي حدث، فهؤلاء يريدون عودة نظام المؤتمر الوطني المباد ولذلك يعملون حاليا على تأجيج الصراعات القبلية سوى كانت في دارفور او شرق السودان .. نعم حدث تغيير لنظام المؤتمر في اعلى الهرم ولكن مؤسساته لازالت موجودة كما هي في الولايات المختلفة، واكثر الناس نشاطا واثارة للنعرات القبلية في الوقت الراهن كانوا في السابق قيادات في نظام المؤتمر الوطني.
في النهاية نحن نحمل حكومة الفترة الانتقالية الحالية مسؤولية وقوع هذه الانتهاكات المؤسفة لانها حكومة اليوم و لم تتعامل بحسم كافى مع المتفلتين، وكذلك هي لم تعمل بالجدية المطلوبة لتفكيك مؤسسات النظام السابق، واذا استمرت الامور هكذا فالبلاد تسير في اتجاة الانفلات والفوضى الشاملة و يجب ان نجنب بلادنا من المضى فى هذا الاتجاة.
– هل بوسع الجبهة الثورية السودانية المساهمة في تهدئة الاحوال في المناطق المشتعلة!؟
+ نعم .. الجبهة الثورية من خلال اتفاقية جوبا واتفاقيات الترتيبات الامنية .. ستمضي مباشرة في تكوين (قوة مشتركة) قوات حركات الكفاح المسلح في دارفور والمنطقتين (جبال النوبة والنيل الازرق) وسيتم تشكيل وحدات مشتركة مع القوات المسلحة السودانية و قوات الدعم السريع .. لانه اتضح حاليا من خلال الاحداث الجارية عدم قدرة اي قوة من القوات الموجودة في الساحة بمفردها ان تسيطر على الأمن، وبعد التوقيع علي اتفاقية السلام ودخولنا في الترتيبات الامنية، سنقوم بتوسيع قاعدة القطاع الامني بشكل كبيرة ولنا في الجبهة الثورية عناصر جاهزة ولها المقدرة على القيام بكل الواجبات على اكمل وجه، وذلك سيزيد ثقة الناس في المؤسسة الامنية.
– هل يمكن ان تؤثر هذه الاحداث على سير العملية التفاوضية هنا في جوبا!؟
+ اذا ما لم يتم التوقيع علي اتفاق السلام في القريب العاجل، فبدون شك هذه الاحداث تهدد العملية السلمية برمتها ويمكن ان تقود البلاد نحو الانهيار الكلي.
من جانبنا .. جميع الاحداث السابقة التي حدثت في “الجنينة” ومعسكر “كرندينق” و”نيرتتي” وفتوبرنو وكادوقلي وشرق السودان وغيرها من المناطق وجدت منا الشجب والادانة وحملنا الحكومة الانتقالية مسؤوليتها، لان على الحكومة ان تفرض هيبتها.
– ماهو تقييمكم لاداء حكومة حمدوك وهي على عتاب عام منذ تكوينها!؟
+ الوقت لا يزال مبكرا على الامر .. لان الحكومة الانتقالية لم تصل بعد الي منتصف الفترة المقررة لها، ولذلك يصعب التقييم. وايضا الحكومة تمر بظروف شديدة التعقيد ومحاطة بتهديات كبيرة جدا، ولكن بشكل عام يمكننا القول ان اداء الحكومة اداء ضعيف .. وخاصة في جانب تقديم الخدمات للناس .. الاداء الاقتصادي ضعيف، العملة المحلية (الجنيه) هبطت الي ادني مستوى.. غلاء فاحش في اسعار السلع ، لا توجد خدمات.
الناس خرجوا في الثورة من اجل تأمين واقع افضل للوضع المعيشي في الصحة والتعليم والمياه النقية وجميع الخدمات الضرورية هذه الاشياء لم تتحقق منها شيء حتى الان، واذا ما لم تجتهد الحكومة واحسنت من اداءها واظهرت للناس انها جدير بان تقوم بجميع واجباتها كما تفعل سائر حكومات العالم! فاعتقد ان الحكومة ستدخل في كارثة كبيرة، حتى الان هي تملك اي – الحكومة- مساحة كافية بان تقوم بما يحب عليها القيام بها.
ـ السودان اصبح مركز تنازع للفوز بين معسكرين اقليمين، و هما السعودية والامارات من جهة و دولة قطر و تركيا من جهة اخرى، والاخيرة يمثل الحاضنة السياسية لجماعة الاسلام السياسى، هل يمكن لهذا التنازع ان يكون له تاثير وعواقب على السودان؟.
+ نحن نتمنى الا يكون لذلك اي تاثير يذكر على الواقع السوداني، وبالطبع نحن كسودانيين يجب ان تقوم علاقاتنا الخارجية على اساس المصلحة، وليس لدينا اي انتماءات او تحيزات ايدلوجية.. ما يهمنا هو ان يستقر بلدنا وينهض لذاته وتتحسن اوضاع الناس فيه و المهم بان لا يعود النظام السابق الى السلطة باى شكل او واجهة اخرى.
اذا افترضنا جدلا بان الحكومة ارادت ان تقف الي جانب احدى المحاور الاقليمية .. فعليها بالوقوف الي المحور الذي يجلب الي البلاد المصلحة والاستقرار و استدامة الامن و الديمقراطية .
– هنالك انقسام في الشارع السياسي السوداني .. او قل انقسامات بين الكتل السياسية السودانية، يوجد في قوى الحرية والتغيير انقسام، وفي تجمع المهنيين السودانيين انقسام، والحال ينطبق علي الجبهة الثورية السودانية.كيف ترون المستقبل السياسي للبلاد في ظل هذه الانقسامات!!؟
+ لا شك طبعا من ان الانقسامات امر مضر ، ولكن هذا ليس بشيء جديد في الساحة السياسية السودانية، وفي العالم كله الانقسامات تحدث نتيجة لتضارب المصالح بين الافراد او تباين الرؤى السياسية.
نعم .. يوجد انقسام في قوى الحرية والتغيير ، لا.. ليس انقسام بالمعنى الحرفي ولكن يوجد تباين في الرؤى والامر ينطبق على تجمع المهننين السودانين ولكنه لا ينطبق على الجبهة الثورة باعتبار ان حركة واحدة فقط هي التي خرجت من (الثورية) بمحض ارادتها، وبقيت الجبهة وحولها تسع تنيظيمات بل وانضمت لها تنظيم اخر بقيادة الجنرال خميس أبكر .
الانقسام هو خروج تنظيمين او اكثر من مجموعة واحدة وهذا لم يحدث في الثورية.
اعود واكرر ان الانقسام مضر ولكن الذي حدث في الساحة السودانية كان متوقعا ، لان اطراف الثورة السودانية لم يتفقوا حول برنامج سياسي معين بعد سقوط النظام المباد.
حتى الان انا متفائل بان القوى السياسية السودانية حريصة بان تستقر الفترة الانتقالية وتمر بسلامة الي نهاياتها المنشودة، لان مصلحتنا كلنا في التحول الديمقراطي واي نكسة او ارتداد سلبي ستخسر جميع مكونات الثورة .. والمنتصر الوحيد سيكون النظام المباد ، وعليه اناشد من هذا المنبر جميع مكونات الثورة السودانية بالاسراع في عقد مؤتمر عام لقوى الثورة نتفق فيه على برنامج سياسي واضح موحد، ونحدد ملامح مستقبل بلدنا وكيف يمكن اصلاح الاوضاع المعيشية، ونقييم ايضا اداء حكومة الفترة الانتقالية.
ـ في المفاوضات .. هل تخلت الجبهة الثورية عن بعض مطالبها، مطلب العلمانية مثالا!!؟
+ الجبهة الثورية نفسها تحالف تضم تباينات وايدلوجيات مختلفة .. ولكنها لم تتنازل من اي شيء .. ففي القضايا القومية طرحنا قضية فصل الدين عن المؤسسات السياسية حتى لا يتم استغلال الدين في السياسة، وهذا هو العلمانية والحكومة وافقت على ذلك
ـ هل انتم راضون بما تحقق خلال المفاوضات !؟
+ نعم نحن راضون لاننا انجزنا قضايا كثيرة وقطعنا شوطا كبيرا فيما يتعلق بافرازات الازمة السودانية، سواء كان في دارفور او في شرق السودان، لقد تم مناقشة قضايا النزوح واللاجئين وتشمل قضايا الارض والعدالة الانتقالية وتسليم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية واصلاح الخدمة المدنية والعودة الى نظام الحكم الفيدرالى فى السودان والحكم الذاتى فى المنطقتين الخ.
|وعلى متسوى القضايا القومية التي لها ارتباط وثيق بالازمة السودانية استطعنا مخاطبة القضايا التي نعتقد ان لها صلة بجذور الازمة .. على سبيل المثال نحن في فقرة المبادي تحدثنا عن الفصل بين المؤسسات والدينية والمؤسسات السياسية، وايضا وضعنا اسس لتقاسم الثروة والسلطة بين المركز والاقاليم .. تحدثنا عن قضايا الهوية وعن قيام المؤتمر الدستوري، ونحن في الجبهة الثورية حددنا الاجندة التي يتم مناقشتها في المؤتمر الدستوري الذي سيتم عقده قبل نهاية الفترة الانتقالية ..ً تحدثنا عن من سيحضر هذا المؤتمر وعن الية اخيار المشاركين فيه والظروف التي يجب ان تتوفر قبل قيامه، وعن الانتخابات وشروطها كأجراء التعداد السكاني وعودة النازحين واللاجئين الي مناطقهم .. ووضعنا كذلك معايير للاحزاب المشاركة.. باختصار نحن راضون كل الرضا بما تحقق من خلال منبر جوبا وهذا الاتفاق سيكون مرجع لكل الاتفاقيات اللاحقة بين الحكومة والجماعات الاخرى، لانه لاول مرة يتم مناقشة قضايا من خارج مناطق الصراع التقليدية .. كقضايا وسط السودان والشرق والشمال وغيرها، وكان هذا ايمانا منا بان تجليات الازمة السودانية موجودة في اي مكان وليس في مناطق الصراع فقط.
– السؤال الاخير: متي سيكون السلام امر واقعا في السودان!!!؟
+ لكي يتم التوقيع النهائي تبقى فقط ملف الترتيبات الامنية، بالامس القريب وصل وزير الدفاع في الحكومة الانتقالية ومعه وفد مختص بملف الترتيبات الامنية، وايضا موجودة في جوبا وفود من الدول الشقيقة .. من الامارات العربية المتحدة ودولة تشاد وجمهورية مصر العربية، وقبل ايام شهدنا مؤتمرا لاصدقاء السودان، كل هذا الحراك والزيارات المكثفة للوفود الي مدينة جوبا ستعجل حتما بعملية توقيع السلام في صورتها الاخيرة، وتجدر الاشارة الي ان رئيس جمهورية جنوب السودان الراعي للسلام قد وجه اعضاء الوساطة برئاسة المستشار السيد توت قلواك بان يستمروا في دفع اطراف التفاوض على حسم ملف الترتيبات الامنية بوجود الوفود الاقليمية.. ولكن الامر ايضا يحتاج الي قرارات حاسمة من الحكومة الانتقالية لان المتبقي بالتحديد هو دمج القوات والفترة الزمنية المحددة لذلك بالاضافة الي عملية اصلاح القطاع الامني، وهذه الاشياء مهمة جدا لنا، واتوقع ان تحدث اختراقات فعلية خلال اليومين القادمين، فالامر يعتمد كما اسلفت على قرارات التي ستتخذها الحكومة الانتقالية.
كلام في كلام ترتيبات الامنيه طال انتظارها .
كل الجرجره دي بسببكم انتو قضيتوها كلها كراسي وقروش…