واشنطن .. مُقوِّضو التحول الديمقراطي.. ممنوع الدخول

الخرطوم: مي علي
مع إكمال الحكومة الانتقالية عامها الأول يبدو المشهد العام قاتماً أكثر من أي وقت مضى، إذ أن البلاد تمر بسلسلة متصلة من الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، وكارتدادات لتلك الأزمات ارتفعت الأصوات المناوئة للحكومة الانتقالية متهمة إياها بالفشل في تحسين الأوضاع الاقتصادية المنهارة وغلاء المعيشة نتيجة ارتفاع التضخم إلى معدلات غير مسبوقة.
وبدا أن المجتمع الدولي أضحى يخشى من انهيار الدولة وإجهاض التجربة الديمقراطية في السودان قبل تخلّقها؛ لذا سارعت الإدارة الأمريكية في دعم الحكومة الانتقالية ومساندتها بإعلان وزارة الخارجية فرض قيود على منح تأشيرات دخول لأراضيها لمسؤولين من العهد السابق جريرتهم تقويض الحكومة الانتقالية المدنية. وجاء في بيان الخارجية الذي لم يأتِ على ذكر أسماء بعينها سيشملها القرار أن وزير الخارجية الأمريكي سيقوم بتنفيذ قيود التأشيرة بموجب قانون الهجرة والجنسية على أفراد مقيمين داخل السودان وخارجه. ولعل هذا التحديد الأخير يقود إلى إدراك الإدارة الأمريكية للجهود التي يبذلها من هم خارج البلاد من منسوبي النظام البائد لتقويض الحكومة المدنية في الداخل. ولا يستبعد محللون أن يكون منسوبو النظام السابق الذين لجأوا إلى تركيا مع أسرهم بعد انهيار نظام الإنقاذ هم المعنيون بالقرار الأمريكي، إذ يحمل معظهم الجنسية الأمريكية مما يسهل لهم الدخول إلى الولايات الأمريكية متى ما رغبوا ذلك، كما أنهم ومن منفاهم الاختياري يحيكون المؤامرات ويضعون الخطط لإفشال الحكومة الانتقالية.
ويرى محللون أن قرار الإدارة الأمريكية فرض قيود على مقوضي الحكومة الانتقالية يؤكد أن الأزمات التي تمر بها البلاد مفتعلة، وأن الأيادي العابثة بأمن المواطن والوطن معلومة لدى المجتمع الدولي فأكثر ما يضعف الحكومة هو الانفلات الأمني والأزمات الاقتصادية، وجميعها تؤدي إلى الفشل.
في ذات السياق يرى مصدر دبلوماسي أن الإدارة الأمريكية قد لا تكون تمتلك في الوقت الحاضر قائمة بأسماء أشخاص بعينهم يعرقلون الفترة الانتقالية لكنهم سيعتمدون على تقارير المخابرات الأمريكية ومخابرات الدول الصديقة في المنطقة، ومتى ما تقدم أي شخص من الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في التقارير الاستخباراتية بطلب للحصول على تأشيرة دخول ستتم عرقلة دخوله إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرض حظر عليه.
ويرجح المصدر اعتماد الأمريكيين وبصورة كبيرة على التقارير الواردة من دولة الإمارات تحديداً نسبة للتنسيق العالي بين الدولتين في قضايا المنطقة. ولا يُستبعد في ذات الوقت اشتمال القائمة على عسكريين لديهم ميول إسلامية وقيادات من الشرطة والأجهزة الأمنية.
لا سيما أن الهشاشة الأمنية واشتعال نار الفنتة القبيلة في مناطق متفرقة من شرق وغرب البلاد قد يجعل من السهل تحميل الأجهزة النظامية مسؤولية الأحداث .
الدين ساتي 200×300 – واشنطن .. مُقوِّضو التحول الديمقراطي.. ممنوع الدخول
نور الدين ساتي
ويرى مصدر عسكري تحدث لـ(السياسي) أن قيادات الأجهزة الأمنية المختلفة غير منتبهة بشكل كبير لما يحدث من انفلاتات أمنية وأن الفتن التي تشهدها مناطق عدة في البلاد مفتعلة القصد منها إفشال حكومة الثورة.، و نجاح الثورة يعني إرساء الحكم الديمقراطي في البلاد وهذا يعني أن المحاسبة قد تطال الفاسدين في كل أجهزة الدولة، وأيلولة الشركات الأمنية التي تتبع للجيش لوزارة المالية كما يعني ذهاب القوة والسلطة وإخضاعهم للمحاسبة لا سيما أن هناك رتب عليا في الجيش تنمتي إلى الحركة الاسلامية”.
وتابع: “من هنا ك من يرى أن مصلحة العسكر إفشال الحكومة حتى يكون لديهم مسوغ قانوني للانقضاض على الحكم واستلام السلطة بجحة منع البلاد من الانزلاق نحو الفوضى فيتحولون من خانة المتهم إلى خانة المنقذ وذلك بعد أن يفقد الشارع الثقة في الحكومة نتيجة ضعفها، وبالتالي يوفروا لأنفسهم الحماية الكاملة”.
وتأتي القرارات الأمريكية الداعمة لحكومة الثورة بالتزامن مع وصول سفير السودان لدى واشنطن إلى الولايات المتحدة الأمريكية كأول سفير يمثل السودان لدى واشنطن بعد إعلان الأخيرة ترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير.
وعلى الرغم من الترحيب الذي وجده سفير السودان في واشنطن نور الدين ساتي من قبل الخارجية الأمريكية ممثلة في مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية الذي أكد أن الإدارة الأمريكية تتطلع إلى إقامة شراكات اقتصادية مع السودان مثلما أكد دعم بلاده للحكم المدني والانتقال الديمقراطي في السودان؛ إلاّ أن متابعين استنكروا وصول السفير نور الدين ساتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية مُستبقاً حتى تسمية الإدارة الأمريكية مرشحها لتولي منصب السفير في الخرطوم.
بوكر 300×157 – واشنطن .. مُقوِّضو التحول الديمقراطي.. ممنوع الدخول
كوري بوكر
واعتبر مصدر دبلوماسي تسلم سفير السودان لمهامه في واشنطن قبل تسمية السفير الأمريكي خرقاً للعرف الدبلوماسي ومبدأ لمعاملة بالمثل: “كان على الأقل ينتظر تسمية الإدارة الأمريكية لسفيرها ثم يغادر لاستلام مهامه”.
وغداة وصول السفير ساتي إلى واشنطن حث السيناتور الأمريكي كوري بوكر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجيته بومبيو تسمية السفير في السودان لدعم الحكومة المدنية.
السياسي