مقالات وآراء

صدق الكباشي..

منصة حرة
|همس عضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين كباشي في أذن عدد من عضوية المؤتمر الوطني المحلول وحزب الأمة في لقاء الحتانة المشهور، بأن الأوضاع الأمنية والاقتصادية سيئة وغير مطمئنة، قائلاً إن الثورة التي نسمع الآن اهازيجها لدى الشباب لم تحدث أي تغيير، فقط غادر النظام السابق ولكن لم يتغيّر شيئاً، “والواحد يخجل يقول أنا مسؤول”.
وبعد عام من الثورة نقول للكباشي “صدقت”، نعم لم يتغير شيء، ونجحت الدولة العميقة في تعطيل التغيير عبر اللجنة العسكرية للمخلوع التي نجحت في انتزاع اتفاق الوثيقة الدستورية الذي يعتبر خيانة للثوار، ولكن نؤكد للكباشي ولدعاة الهبوط الناعم أن الثورة مستمرة ومتعطشة للتغيير، ونعرف أيضاً أن من خططوا ودبروا لمجزرة القيادة العامة مازالوا متعطشين للمزيد من الدماء، وحتى الآن انتهت جولة ولكن المعركة لم تنتهي.
خرج الآلاف أمس في مواكب جرد الحساب، بمناسبة الذكرى الأولى لتوقيع الوثيقة الدستورية، مرددين هتافات تطالب بتحقيق العدالة “الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية”، “الشعب يريد قصاص الشهيد”، “وينو القصاص مرت سنة”، “حقنا كامل ما بنجامل” و”جيبوا السلام وينو السلام”، في مشهد يؤكد أن الشوارع لا تخون.. وصدق الكباشي.
ولكن هذه المرة الخيانة جاءت من داخل مجلس الوزراء الذي جاءت به الثورة ليحقق مطالبها البسيطة بتحقيق العدالة، عندما رفض الدكتور حمدوك استلام المذكرة بحجة أنه “ما فاضي”، تخيلوا رئيس الوزراء مشغولة لدرجة تمنعه من استلام مذكرة في وقت لا يتجاوز 10 دقائق، والشعب السوداني من حلفا حتى الجنينة ينتظر تحقيق مطالب لم تتحقق، بماذا مشغول لهذه الدرجة يا حمدوك، والمطالب لم تتحقق والثوار يطالبون بقيام مجلس تشريعي ومؤتمر اقتصادي وتحقيق السلام، وأن تكون سلطة السيادي تشريفية، وإصلاح المنظومة العدلية والقضائية، تفكيك نظام 89 وهيكلة القوات النظامية والأمنية.. وفعلاً صدق الكباشي.
ويحق لنا أن نسأل بعد عام من تعيين رئيسة القضاة، ماذا قدمت هذه الشخصية للثورة، بل ماذا قدمت للمنظومة العدلية، لماذا لم يتم تفكيك التمكين في منظومة القضاة وتم الاحتفاظ والإبقاء على القضاة الذين عملوا على حماية نظام 30 يونيو غير الشرعي، واجتهدوا في منح الشرعية للسفاح البشير وسدنة نظامه، لماذا لم تتحرك قضية الشهيد المعلم أحمد خير وهي مكتملة الأركان وفقط تنتظر حكم القصاص في درج رئيسة القضاة، لماذا يتم تأجيل قضايا محاكمة البشير وقيادات الحركة الإسلامية الفاسدة التي نهبت وقتلت واغتصبت وقوضت الدستور عبر انقلاب عسكري، لماذا المماطلة؟.. ولكن يبدو أن رئيسة القضاة تحمي “الكيزان” وتراهن على عامل الزمن في انتظار المزيد من العنف والدمار لتجد مخرجاً لهم.. وصدق الكباشي مرة أخرى.
وما حدث بالأمس من عنف مفرط واستخدام الغاز المسيل للدموع واعتقال عدد من الناشطين، عندما إحتج الثوار على ارسال موظفين لاستلام المذكرة المطلبية بحجة انشغال رئيس الوزراء، هو مسلك مرفوض وغير ديمقراطي وغير قانوني، والمواكب التي خرجت شرعية وتسليم المذكرة حق وليس هبة، وحضور رئيس الوزراء لاستلام المذكرة لم يكن مستحيلاً، ولكن ربما هي هدية مجانية للثوار ليعرفوا من هو بجانبهم ومن الذي يعرقل التغيير، ليبدأوا خطوات التصعيد الثوري حتى تتحقق المطالب، والمذكرة “عنه ما استلامها حمدوك”، هتافات الثوار كفيلة بتوصيل مليون مذكرة لمجلس الوزراء.. وصدق الكباشي.
استعجبت واستغربت واندهشت حقيقة، لصمت القبور الذي ظل فيه الوزراء دون تقديم استقالاتهم وهم يشاهدون العنف المفرط ضد الثوار، ولا حتى مجرد احتجاج ورفض لما حدث، متمسكين بكراسي الوزارة أكثر من أرواح الثوار، ولا استثني والي الخرطوم الذي فشل في أول امتحان له في حماية مواكب الثوار، لماذا لم تضع الشرطة مسارات واضحة وطوق أمني حول مجلس الوزراء قبل المواكب حتى لا تحدث تفلتات، ولكن يبدو أن العشوائية مقصودة، والمراهنة على المندسين للتخريب هو سيد الموقف.. وصدق الكباشي.. ودمتم بود

الجريدة
نورالدين عثمان
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..