أهم الأخبار والمقالات

وسائل تفتيت الثورة وكيفية مواجهتها

محمد الأمين ابوزيد

يعتمد قيام أي ثورة في التاريخ على نضوج الظرف الذاتي والموضوعي المرتبط بأسباب الفساد العام والاستبداد والتسلط والقهر من سلطة حاكمة، ومن ناحية أخرى لابد للثورة والتغيير من حركة ثورية ناضجة تقود الجماهير نحو تحقيق أهدافها الثورية الاستراتيجية التي آمنت بها وقدمت فى سبيلها التضحيات الكبيرة.

إن حركة الثورة لن تنجح بمعزل عن دور الشعب وتعبئته مهما تعاظمت قدرات قيادتها السياسية، ولكن الجماهير لا تقوم بتنفيذ أهداف الثورة انما تقوم بها نيابة عنها الطليعة الثورية التي تتولى مهام تحويل أهداف الثورة وطموحات الجماهير إلى واقع معاش .

تنجح الثورات عندما تتوحد إرادة الجماهير صاحبة المصلحة في التغيير بكافة قواها الثورية في الأهداف والأدوات والوسائل لبناء النظام البديل، وتفشل بالمقابل عندما تقتصر أهدافها في إسقاط النظام القديم فقط دون التوافق على أسس البناء.

إن جدل الثورة والتغيير يقول بأن سقوط النظام هو بداية الثورة الفعلية، لأن الثورة هي حالة صراع طويل ومعقد بين القديم والجديد، بين الفساد ونقيضه، بين الهدم والبناء، ولأن قوى النظام القديم لن تتنازل عن مصالحها ومكاسبها بسهولة وستصارع بكل الوسائل لاجهاض التغيير وممارسة الابتزاز واستخدام كل وسائل التفتيت لاسيما إذا اتاحت لها ظروف التغيير الثوري فرص التقاط الانفاس وتجميع الصفوف، وهذا للأسف ماحدث في سياق تطور الثورة في مجتمعنا السوداني.

بعد عام من السقوط لنظام الانقاذ تقف ثورتنا على مشارف الصراع مع اعدائها عند محطة مواجهة وسائل التفتيت التي عادة ماتقوم بها أجهزة أمن داخلية وخارجية عدة وسائل :
1/ العمل على تقسيم جبهة تحالف الثورة بزرع التناقضات داخله من خلال تعظيم الذاتي على الموضوعي، والتنافس بديل للتوافق، بدأت ضربة البداية بتجمع المهنيين وانتقلت للحرية والتغيير ولجان المقاومة.

2/ زرع حالة من عدم الثقة والشكوك بين مكونات الثورة وخلق نوع من العزلة بينها والجماهير.

3/ المحاولات المستميتة لشيطنة الأحزاب وتحالف الثورة بغرض ابعادها عن المشهد لتعزيز هيمنة العسكر والعناصر غير الثورية تحت دعاوى المحاصصة والمكسب، في محاولة لتزييف وعي الجماهير بتخلي قوى الثورة عن مهامها في التغيير ليسهل الالتفاف، وللأسف تناغمت مع هذه المسوغات قوى من داخل خندق الثورة لشئ في نفسها !!!!

4/تفريغ شعارات الثورة والالتفاف عليها بالتشكيك في أى خطوة وتقزيمها لوضع حاجز نفسي لاحباط الجماهير تجاه التغيير وتهيئة مناخ الردة.

5/ محاولة اختزال التغيير في البنى الفوقية وبقاء البنى الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي تعرقل مسيرة التغيير.

6/ اشعال النزاعات الجهوية والقبلية وتفتيت النسيج الاجتماعى واستخدام التوازنات القبلية لاضعاف قرارات الحكومة الانتقالية (تعيين الولاة نموذجا).

7/تخريب الاقتصاد الوطني من خلال خلق الأزمات لاضعاف ثقة المواطن فى التغيير.

8/تعمل قوى الردة بالتنسيق مع المراكز الاستخبارية الدولية لتمرير أجندة مستغلة الظروف الاقتصادية الراهنة.

9/توسيع حالة عدم الانسجام بين الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية.

10/ العمل على تحويل الثورة إلى حالة اصلاحية فوقية وعدم بلوغ المرحلة الانتقالية لأهدافها في تأسيس قاعدة للانتقال الديمقراطي.

ازاء وسائل التفتيت المذكورة ولكى لا يتهمنا البعض بتعليق الشماعة على نظرية المؤامرة فإننا لانعفي حكومة الثورة من مسؤليتها في العجز والتلكؤ وعدم الانجاز وبالنتيجة فالشعب من حقه أن يمارس آلياته المطلبية والاحتجاجية في وضعها في المسار الصحيح واجبارها على احترام أهدافه وتطلعاته.

ان متطلبات الخروج من حالة الاحتقان السياسي الراهنة في مسار الثورةتتطلب:
1/ ان تعي الحكومة الانتقالية انها حكومة ثورة جاءت بتضحيات عظيمة لتلبي أهداف الثورة ومصالح الشعب لارغبات واستشارات مراكز.

2/ ان تعمل الحكومة الانتقالية على التنسيق والتشاور مع حاضنتها السياسية والتمسك ببرنامجها.

3/اتخاذ إجراءات جادة وحازمة لوقف التدهور الاقتصادي ومعاش المواطن .

5/ على قوى الحرية والتغيير أن تصلح الخلل في بنية تحالفها وتوسيع قاعدته وردم الهوة بينها وبين لجان المقاومة والاسراع بانعقاد المؤتمر التأسيسي والحفاظ على وحدة جبهة قوى الثورة.

6/ تجميد الصراعات العدمية بين أطراف الحرية والتغيير وبناء العمل الجبهوي على أسس صحيحة والتزام جانب الشفافية مع الشعب.

7/ على المكونات الثلاثة مجلس وزراء ومجلس سيادة وحرية وتغيير الجلوس لتقييم الأداء ومعالجة الاختلالات بكل شفافية ووضوح وأن يفهم الجميع أن نجاح الفترة الانتقالية مرتبط بالانسجام لا الصراع.

8/ على الجميع أن يعي أن عودة التعافي لاقتصاد البلاد يكمن في ايلولة شركات الجيش والأمن لوزارة المالية والتراجع عن سياسات روشتة البنك الدولي وصندوق النقد والاحتكام للمؤتمر الاقتصادي القادم.

9/على قوى الحرية والتغيير العمل على تشكيل المجلس التشريعي بأسرع فرصة بالتنسيق مع كل المكونات.

10/ على الحكومة وحكومات الولايات الانكباب على مهام تنفيذ الوثيقة الدستورية ولاسيما تفكيك النظام القديم ومحاكمة رموزه والانتصار للشهداء بالقصاص العادل.

إن معالجة الأخطاء والتشوهات وجوانب القصور والمكاشفة مع الشعب وتمتين جبهة تحالف الثورة والالتزام بأهدافها واعلاء رايات التوحد الوطني هو الطريق الآمن الذي يجنب البلاد المخاطر.

✒محمد الأمين ابوزيد
[email protected]

تعليق واحد

  1. ما قلت الا الحقيقة المجردة ولكن حكومة الثورة مقعدة ومجردة من كل الاليات الضرورية منها الاقتصادية والامنية الخ ولكن بالنسبة للحاضنة السياسية انا ازعم وبدرجة 80% ان هنالك اختراقات حدثت لهذه الكيانات بطرق ما ادي الي اختلال الوفاق مما اثر علي الحاضنة وهذا وارد جدا ومن الجانب الاخر ليس هنالك توافق بين المكون العسكري والمدني المكون العسكري دخل حلبة الصراع السياسي من باب المحافظة علي ما يعتقد المكاسب الذاتية (قساد مالي مفترض, او طمعا في الاستخلاف او عدم قناعة بالثورة بالاساس) والاهم هو الانتماء الايدولوجي للحركة الاسلامية وواهم من يعتقد ان الجيش (ممثلا في قياداته) بعيد عن الانتماء للاسف للحركة الاسلامية وبهذا هم يحاولون ويجتهدون بطريقة مستمرة لانقاذ ما يمكن (الشركات الامنية مثالا) الثورة تعتمد علي الشباب ولجان المقاومة وكثير منهم بعيد ين كل البعد عما يحدث بالاضافة الي اعمال التشكيك والتشويش عليهم وتحيدهم بعيد عن الصراع ولكن علي حكومة حمدوك ان تقوم بتكوين اجسام مضادة سمها ما شئت للقيام بحماية الثورة وضحض الافتراءات من هنا وهناك والا الدخول في دورة شريرة اشؤا من ذي قبل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..