مقالات وآراء

المجلس التشريعي الآن

من المستفيد من التلكؤ في قيام المجلس التشريعي ، لأشك هم أعداء الثورة ،  فهذا التماطل والتأخير في قيام المجلس التشريعي ، ينتقص كل صباح من ألق وبريق الثورة السودانية ، ليس هناك سبباً لتأخير قيام المجلس التشريعي،  إلا إذا أراد لنا المماطلون أن ننساق لدرب تحسم فيه الأمور فيما بعد بالقبلية والتكتلات الجهوية.
هذا لن يزيد الثورة إلا خبالاً وتخلفاً . لن يتوانى في قيام المجلس التشريعي إلا من أراد أن يحكم الشعب السوداني بعيداً عن الديمقراطية التي اختارها وارتضاها، وأراد أن يسوق الثورة السودانية إلى مورد الهلاك ، ولن يتواني في قيام المجلس التشريعي إلا من أراد أن يحكم الشعب السوداني بأجندة خفية .وأراد أن يقتل الأمل في نفوس شباب الثورة ، الذين يعملون لتواصل الثورة مسارها وتبلغ غاياتها.
لن يتوانى  في غياب المجلس التشريعي إلا من يريدون حشر الثورة في مستنقع الوحل والضياع ، وهي الثورة التي فتن العالم بوسامتها وجمالها وسلميتها وعديلها ، فجاءت تحمل التضحية عبر دماء شهداءها ، و المثابرة  في مسيراتها التي استمرت رغم القتل والرصاص والتعذيب والتنكيل من قبل الظالم المتسلط ، ولم تتأخر في ميقاتها يوما واتخذت من الساعة الواحدة عنواناً لها ،  وجاءت تحمل  الثقافة في جدارياتها وفي شعاراتها ، وتحمل  التوحد والتعاضد والترابط في اعتصامها .
لأشك أن النصيب  الأكبر في معاناة الناس من بعد نجاح الثورة وحتى الآن هو غياب المجلس التشريعي ، فهو السبب في  التثاؤب والبطء الذي ظل يلازم  أداء الحكومة الانتقالية  والسلحفائية التي تميزها حتى اليوم ، هبت الثورة وخرج الناس وتحدى شباب الثورة الموت بصدور عارية ، فكانت دماء الشهداء ، ولم تجف دموع أمهاتهم بعد ، وكانت معاناة الجرحى الذين لم يكتمل علاجهم بعضهم حتى الآن   والمفقودين الذين مازالوا بعيدين عن أهلهم وذويهم، كل هذا  والثورة لم تبلغ غاياتها بعد ، ومازال الناس يكتوون بنار المعاناة المتواصلة في معاشهم وأمنهم .
البرلمانات والمجالس التشريعية هي  رأس الرمح في الديمقراطية ، ولا يوجد حكم ديمقراطي بدون برلمان يمارس  مهام  التشريع والرقابة على أداء الحكومة ،  ومن خلاله يحاسب الوزراء ويقيمون وتصحح الانحرافات في خططهم ، ولن يؤدي  أي جهاز تنفيذي دوره بالصورة المطلوبة ، ما لم يكن هناك جهاز رقابي يراقب أداءه  لهذا كانت البرلمانات في كل الدنيا ، فلايمكن أن تجعل جهاز تنفيذي يعمل بدون مجلس تشريعي ، خاصة في هذه الظروف التي تعيشها البلاد ، وهذه التركة المثقلة من التردي الاقتصادي وانهيار التعليم  والنظام الصحي وفشل السياسات والمنازعات والحروب ، والفساد الذي عم سنينا عددا ، وتبديد أموال وثروات البلاد  بفعل النظام المخلوع ، وستتضاءل جهود  الحكم  الذي ينقصه المجلس التشريعي ، ولحكومة ثورة جاء بها الناس من أجل الديمقراطية، حتى الحكومات الفاشلة  تأتي بالبرلمانات ولو كان دورها صورياً  كما فعل النظام البائد .
إن الحكومة دون اكتمال هياكلها تعاني من البطء وعدم الفاعلية، وسيتزايد عليها الضغط بعد كل فترة من الشارع، وأن تميل كل مرة للتعديلات الوزارية، فهذا ليس حلاَ ناجعاً، فتغيير الأسماء دون تغيير السياسات لن يفيد .
كنا نأمل في مجلس تشريعي للثورة تمثل فيه لجان المقاومة وشباب الثورة ، ليرسموا ملامح المستقبل لوطن يحلمون به كثيراً  بعيداً من نيران الاحتراب والتشرذم ، و لترى أهدافهم التي ضحوا من أجلها بأنفسهم النور وتتحقق على أرض الواقع ، هذا المجلس التشريعي الذي نتمنى أن يأتي بعيداً عن محاصصات مفاوضات السلام ، فلا يأتي بنواب يتثائبون وينامون في الجلسات ويحلمون كما كان في العهد البائد.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..