أخبار السودان

مَنَصّات التواصُل الاجتماعي : نفاجٌ بين المُواطنين والسُّلطة

رَوْح ناصر
غَرّدَ وزير الحكم الاتحادي يوم 5 أغسطس على حسابه بمنصة تويتر قائلاً: “لمزيد من تعزيز الثقة بيني وبينكم، فقد تمّ بحمد الله توثيق صفحتي على تويتر بالعلامة الزرقاء وبذلك ستكون هي المصدر الوحيد على منصة #تويتر لمواقفنا وبياناتنا وقراراتنا. كما نعمل الآن على إكمال توثيق صفحتنا على #فيسبوك”.
لا يستخدم السودانيون منصة “تويتر” بشكل واسع، حيث يقتصر مستخدموه على المسؤولين الحكوميين ومسؤولي الأحزاب السياسية بالإضافة لبعض من فئة الشباب، وبالنسبة للحسابات المُوثقة فيتم التأكد من حقيقتها أولاً، ومن ثم التأكد من المعلومات الأساسية لكل شخص، ومن ثم تُمنح لها العلامة الزرقاء.
بعد ثورة ديسمبر المجيدة وتعيين الوزراء والحكام المدنيين، بات أمر التواصل مع المواطنين السودانيين في مواقع التواصل الاجتماعي أمراً بالغ الأهمية، فالفئة الشابة بصورة عامة تنشط من خلالها، وحتى الحشد والتعبئة للاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات، كانت تتم من خلالها، والملاحظ أن جميع المسؤولين الحكوميين يتعاملون مع المواطنين من خلال هذه المنصات الاجتماعية، وأبرزهم رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، فمنذ تسنمه منصبه وهو يرسل بياناته في صفحاته على منصتي “فيسبوك” و”تويتر”، ويتفاعل المُواطنون مع منشوراته بصورة كبيرة مدحاً أو نقداً له ولحكومته.
استجابات غير مسبوقة 222 1 – مَنَصّات التواصُل الاجتماعي : نفاجٌ بين المُواطنين والسُّلطة
غرّد مواطن سوداني على منصة “تويتر” بصورة لكوبري النيل الأزرق في مدخل مدينة بحري بالعاصمة الخرطوم، لجُزء من السياج الحديدي غير موجود قائلاً: “قمة الاستهتار وعدم وجود أبسط قواعد السلامة، هو حال كوبري النيل الأزرق اليوم، إزالة جزء من السياج الحديدي الجانبي، وإزالة جزء من ألواح الصاج في منطقة عبور المشاة وغير مثبتة بالصورة المطلوبة؛ هذا الفعل يعتبر جريمة وقد نفقد أرواحاً بسبب هذا الاستهتار”.
فردّ عليه وزير البنى التحتية والمواصلات هاشم بن عوف قائلاً: “شُكراً جزيلاً على التنبيه. تم التحري عن الصورة والاتصال فوراً بالولاية. بالرغم من اغلاق مسار المشاة لعمل تجهيزات إنشائية، إلا أن ترك الفجوة خطر على العُمّال ومهندسي المشروع أثناء عمل الصيانة. سأتابع الوعود بعمل ترتيبات السلامة المهنية وأوافيك بالمُستجدات اليوم”.
وقد لقي هذا التفاعل من قبل الوزير مع المُواطنين، استحساناً كبيراً على مَنَصّات التواصُل المُختلفة.
سخط كبير.. وأحوال لا تدوم
بالرغم من أن الحكومة الانتقالية انتبهت لضرورة التواصل مع المواطنين السودانيين ومتابعة أعمالها من خلال هذه المواقع الاجتماعية، إلا أنها لم تصل بعد للطريقة المثلى لتتعامل بها مع المواطنين في المواقع الاجتماعية، حيث يقتصر الأمر على نشر البيانات ومُتابعات أعمالها اليومية، بدون قراءة للأوضاع وتعليقات المُواطنين لمعرفة كيف يرى الرأي العام أداءهم، فبَات اليوم السخط من الحكومة الانتقالية هو حديث المواقع الاجتماعية، الكل يتحدث عن غلاء الأسعار، وانعدام الوقود والمُواصلات وضعف الخدمات، بالإضافة لأزمة الخريف التي ألقت بأعبائها الكبيرة على المُواطنين هذا العام، ومن خلال نظرات سريعة على صفحة 6 – مَنَصّات التواصُل الاجتماعي : نفاجٌ بين المُواطنين والسُّلطةمجلس السيادة الانتقالي وصفحة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، يمكننا أن نصل لهذه المعلومات، فبالرغم من أنّ المُواطنين كانوا يتفاعلون إيجابياً مع حسابات المسؤولين الحكوميين، إلاّ أن هذا الأمر لم يستمر بسبب أن الحكومة لا تُوفِي بوعودها.
وأبرز ما يُثير السخط هذه الأيام هو الأموال التي جُمعت في حملة “القومة للسودان”، والتي كان من المُقرّر لها أن تُوظَّف في توفير الأدوية المُنقذة للحياة وأدوية الأمراض المُزمنة، وتوفير الإمداد الكهربائي، وتحسين البنى التحتية والاستعداد لموسم الخريف بحسب مكتب رئيس الوزراء، وللمُفارقة هذه هي المشاكل الأساسية التي يُعاني منها المُواطنون، وقد بلغت جملة تبرعاته بالعملة المحلية 125,496,075 جنيهاً، وبالعملة الأجنبية 41,080 دولاراً بحسب موقع القومة للسودان الرسمي.
مُفارقات كبيرة
على عكس التفاعُل السلبي هذه الأيام من قِبل المُواطنين مع وزراء الحكومة الانتقالية، يبدو التفاعل مع الحكام المدنيين – الذين تم تعيينهم في 23 يوليو الماضي – إيجابياً، وقد نال استحساناً كبيراً من قبل مواطني الولايات، فحاكمتا الولاية الشمالية ونهر النيل تحظيان بتفاعل كبير وإيجابي من مواطني الولايتين، خصوصاً وأنهما بدأتا العمل مباشرة في حل إشكالات الحياة اليومية للمواطنين بالإضافة للعمل على تفكيك التمكين لنظام 30 يونيو في الولايتين.
وقال مؤسس وعضو منبر المغردين السودانيين عثمان أبوصالح، إن المسؤولين الحكوميين يُولون اهتماماً فائقاً وحرصاً زائداً على مواقع التواصل الاجتماعي، وانه وبصورة عامة فإنه بعد الربيع العربي في البلاد العربية والثورة السودانية، قد أصبحت المُؤسّسات الحكومية تتّجه نحو التفاعل الإسفيري وتُحدّث أخبارها من خلال مواقع التواصُل الاجتماعية، بينما يختلف المسؤولون في نشاطهم بحسب الطابع الشخصي لكل واحد منهم، مُشيراً إلى وجود نقلة نوعية في استخدام المسؤولين للمواقع الاجتماعية، وأضاف أبو صالح أن وزير البنى التحتية والمواصلات هاشم بن عوف يُغرِّد بصورة مستمرة على منصة “تويتر” بخصوص ما تفعله وزارته وما تخطط له، كما أنه يتبنّى مقترحات المتابعين له على المنصات الاجتماعية،44 – مَنَصّات التواصُل الاجتماعي : نفاجٌ بين المُواطنين والسُّلطة وقال: “مما كان مُلفتاً أيضاً أن وزارة الداخلية كانت قد غردّت أيضاً على “تويتر” وردّت عليها إحدى المتابعات قائلة “الكلام ده جد؟”، فسارعت وزيرة الخارجية بالرد عليها “والله صح”!
أما على منصة فيسبوك، يشير أبو صالح إلى أنّ وزير التجارة والصناعة مدني عباس هو الذي يتفاعل بصورة شخصية مع المواطنين ويكاد يكون يومياً، لكن توجد مشكلة تتعلق باستخدام هذه المنصات، فبدلاً من كونها منصات تعرض مُحتوى برسائل إعلامية مُختلفة، فهي تقتصر على كونها منصة إخبارية فقط، وهذا يُلاحظ في الحساب الرسمي لرئيس الوزراء د. حمدوك، فبناءً على ذلك يجب أن يُغيِّر مكتب إعلام رئيس الوزراء منهجيته الإعلامية، لتكون قادرة على إيصال محتوى حديثه بمختلف الطرق.
وختم أبو صالح حديثه بأن الصحافة هي السلطة الخامسة في عالم اليوم الحديث، لذا تلقى الصحافة الإلكترونية، تنافساً كبيراً بين المواقع الإخبارية المختلفة، لذا يجب أن نُوجِّه هذه السلطة التي في أيادينا نحو إتاحة المعلومات الحقيقية، لتواصل دورها في الضغط على حكومة الفترة الانتقالية لتنفيذ مطالب الثوار وتحقيق أهداف الثورة المتمثلة في “حرية.. سلام وعدالة”.
السياسي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..