مقالات سياسية

الجيش السوداني شيطان في الجنة! 

خليل محمد سليمان

تحدثنا مبكراً في ايام نجاح الثورة محذرين من خطورة تبني الخطاب الشعبوي الذي يحمل الإنتصار، و الفرح المؤقت، ثم الحزن، و الندامة في حال إنقشعت العتمة بالمعرفة، و الحقيقة!
اليوم لا ادافع عن القوات المسلحة، و المؤسسات الامنية، و لكن سأفتح نافذة ظلت مغلقة عمداً، للتعتيم، و التضليل لنطرح سؤال جوهري.
لماذا تتدخل المؤسسة العسكرية، و الامنية في السياسة؟
لو افترضنا جدلاً ان المؤسسة العسكرية جهاز لا تشوبه ايّ إختراقات سياسية، او تقاطع لمصالح، و صراعات المؤسسات المدنية المعرفة للجميع.
الصراحة.. القوى المسماة مدنية، زوراً و بهتاناً، و المتمثلة في الاحزاب التي توارثت العمل السياسي منذ قيام الدولة الوطنية بعد الإستقلال، هي الوعاء الذي ظل يحمل الداء عبر الحقب، و الازمان.
لا يمكن لأحزاب، و كيانات تتوارث السلطة داخل صفوفها ان تنتج وضع سليم، و تريد الآخرين حراساً علي الابواب.
الجميع يتبنى حملة قوية تجاه المؤسسة العسكرية بضرورة عدم تدخلها في السياسة، و خروجها من مجال الإستثمار لتتفرغ لواجباتها في حماية الوطن ارضاً و شعباً، و هذا هو الإتجاه السليم.
لكي لا نحمل رايات الحق بالباطل يجب ان نقف عند الحقيقة، فالهروب يعني مزيد من التعنت، و الإنقسام.
لو لم تتعافى الحياة السياسية بدايةً بالاحزاب، و ان تصبح مؤسسات مدنية حقيقية تتحقق في إدارتها الشفافية، و التداول الديمقراطي، لا يمكن ان تكون حوامل لنظام ديمقراطي سليم في البلاد.
صلاح الاحزاب السياسية، و الحياة المدنية بشكل منهجي، و تسوير ذلك بقوانين محترمة، و صارمة في التطبيق، سيفرض علي الجميع المثول للأمر الواقع، و إحترامه.
اقولها بصراحة، و انا لست بجزء من المؤسسة العسكرية، و لا تربطني بها اي مصلحة، او صلة منذ عشرات السنين.. لا يمكن ان تسلم امرها، او تبتعد عن مضمار السياسة لتترك الامر لاحزاب، و نخب عبارة عن سماسرة، و حانات قذرة يتوارث الابناء الإنحراف، و الفساد فيها اب عن جد.
احزاب، و كيانات تؤمن بالشمولية، و تعمل لأجلها، و لا تقبل بالآخر، و يترجل رؤسائها بالموت فقط، و السلطة هي غاية في منهج الجميع، و ليست وسيلة لخدمة الشعب، و رفاهيته.
ديكتاتوريات بلباس مدني تمنع الإقتراب من اسوارها كما المؤسسات العسكرية.
و ما آلت إليه نتائج ثورتنا العظيمة لهو خير دليل يمكن ان نهتدي به لنحمل الجميع المسؤلية بالتساوي دون ظلم، او حيف.
هناك مثل سوداني واضح برغم بشاعته سأذكره نصاً مع المعذرة ” غلفة و شايلة موسها تطهر”.
لا يملك هؤلاء ان يطلبوا من الآخرين الإستقامة، و الصلاح، و هم في المنكر، والضلال غارقون.
صلاح الحياة السياسية في السودان يجب ان يبدأ بالمؤسسات المدنية، و علي رأسها الاحزاب، و ان تكون حزمة واحدة.
يجب تبصير الرأي العام بالحقيقة، و عدم إستخدام الخطاب الشعبوي الذي يخدم مصالح آنية كما بانت العورة بعد إنتصار الثورة، و خطاب الياو ياو و الخم، و الإلهاء الذي وضع متاريس، و عوائق امام عجلة التغيير.
الوضع في البلاد يحتاج لميثاق شرف يتواثق عليه الجميع بمبدأ الشفافية، و ترسيخ قيمة الدولة المدنية، و نبذ فكرة التوارث في العمل السياسي.
في البلدان المحترمة، و الديمقراطيات السليمة حتي الاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني تُعتبر ملكية عامة تفرض عليها القوانين الكشف عن مصادر تمويلها، و إستثماراتها.
الجيش لم يعد وحده الشيطان الذي ضل طريقه إلي الجنة.
فالجميع شياطين تتسابق لتحجز مكانها في ادنى منازل الجحيم.
خليل محمد سليمان
[email protected]

تعليق واحد

  1. یاخی عساکرك دیل اضاعوا علی السودان٥٢ من عمر استقلاله البالغ٦٤ سنة.انتو خلیتوا الاحزاب تعمل وتتطور تحت ای دیمقراطیة؟ حاجة عجیبة!!طیب نسیب الاحزاب ما هی الصیغة التی تقترحها اممارسة السیاسة والحکم؟ تحالف قوی الشعب العاملة مثلا؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..