أخبار السودان

وفود فى ضيافتها .. الخرطوم .. تلاقي المصالح

لم تأخذ الخرطوم وقتا كافياً لالتقاط أنفاسها بعد (المخاشنة) الإعلامية التى شهدتها خلال اليومين الماضيين ما بين خطابات السيد رئيس الوزراء ومخاطبات رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان. فالتمرين الديمقراطى الذى تمر به البلاد يحتاج للياقة سياسية عالية تناسب واقع البلد الذى يمر بمنعطف خطير وسط تجاذب إجندات المحاور.
فـ”المخاشنة” تلك استبقت زيارة تاريخية لمسؤول أمريكي رفيع، قبل أني يشهد مطار الخرطوم الدولي وصالة كبار الزوار حركة دؤوبة من أجل استقبال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بعد استقبال رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد الذي وصل مبكراً.

التطبيع على قائمة الأجندة
بومبيو استبق الوصول مغرداً على حسابه في تويتر وهو على متن طائرته قائلا: “تسعد الحكومة الإمريكية بإنطلاق أول رحلة مباشرة من إسرائيل الى السودان”.
معلوم إجندة الرجل فى التغريدة من تغذية لوسائل الإعلام الإسرائيلية والامريكية بمادة تعزز الدعم الإمريكى للتطبيع بما يخدم موقف نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، حيث سارعت وسائل الإعلام الاسرائيلية لنشر خبر عن قيام مؤتمر لسلام الشرق الاوسط بمشاركة السودان ورعاية أمريكية .

بيان متزن 118343711 338395144202682 2930948177452048466 n e1598399525981 – وفود فى ضيافتها .. الخرطوم .. تلاقي المصالح
بيان الناطق الرسمى للحكومة الإنتقالية وزير الإعلام الأستاذ فيصل محمد صالح، نزل برداً وسلاماً على كثير من المراقبين الذين وصوفوه بالمتزن حيث جاء فيه “إستقبل رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو الذى زار السودان ليوم واحد، وناقش اللقاء الأوضاع فى السودان ومسار العملية الإنتقالية والعلاقات الثنائية بين البلدين ومساعى رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وأكد وزير الخارجية الأمريكى دعم الإدارة الأمريكية للعملية الإنتقالية فى السودان، كما أكد دعمهم لعملية السلام وجهود تحقيق الأمن والإستقرار فى دارفور وبقية المناطق المتأثرة بالنزاع، كما أبدى اهتماماً بإجراءات حماية المدنيين فى دارفور فى المرحلة القادمة.
وأكد رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك لوزير الخارجية الأمريكى أن الحكومة السودانية تولى موضوع حماية المدنيين فى دارفور اهتماماً كبيراً، وقدم شرحاً لعملية إنشاء الآلية الأمنية لحماية المدنيين فى دارفور.
وحول الطلب الأمريكى بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، أوضح رئيس الوزراء للوزير الأمريكى أن المرحلة الإنتقالية فى السودان يقودها تحالف عريض بأجندة محددة لاستكمال عملية الإنتقال وتحقيق السلام والإستقرار فى البلاد وصولاً لقيام إنتخابات حرة ولا تملك الحكومة الإنتقالية تفويضاً يتعدى هذه المهام للتقرير بشأن التطبيع مع إسرائيل، وأن هذا الأمر يتم التقرير فيه بعد إكتمال أجهزة الحكم الإنتقالى. ودعا رئيس الوزراء الإدارة الأمريكية لضرورة الفصل بين عملية رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومسألة التطبيع مع إسرائيل.
ولاحقاً اتبع حمدوك مباحثاته مع بومبيو بـ”تدوينة” على حسابه فى فيسبوك ذكر فيها: “أجرينا محادثة مباشرة وشفافة ناقشنا فيها حذف إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، العلاقات الثنائية ودعم الحكومة الأمريكية للحكومة المدنية”. وتابع “نتطلع إلى خطوات إيجابية ملموسة تدعم ثورة ديسمبر وهى الثورة التى أطاحت بحكومة الإنقاذ وأنهت ثلاثين عاما من حكم الفرد القابض”.
وكان بومبيو الذى وصل الخرطوم فى زيارة لعدة ساعات قادماً من إسرائيل، قد إلتقى لاحقاً رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان فى مكتبه بالقصر الجمهورى. حول خلاصة زيارة وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو للخرطوم ومخرجاتها تحدث دكتورعبد الناصر الفكى أستاذ العلوم السياسية ورئيس لجنة التمكين بجامعة إفريقيا العالمية لـ”السياسي” قائلا: “لإول مرة بعد 30 عاما تتوافد زيارات دولية بهذا المستوى إلى السودان والزيارة بحد ذاتها هى حدث لأنها توضح انفتاح حكومة الثورة على العالم ما يؤكد مضينا على الطريق الصحيح وتصحيح صورة السودان السالبة فالآن رجع السودان لدوره الدولى والإقليمى وأتمنى أن لا تكون الزيارة لها أي اشتراطات بمثل ما أعلن حول (التطبيع ) أو غيره. وهى فتح جديد فى بناء دولة سودانية حرة وديمقراطية” ويمضى دكتور عبد الناصر فى حديثه منتقدا الإدارة الأمريكية فى عهد ترامب لأنها مارست دوراً فيه كثير من الأنتهازية السياسية، على حد وصفه، مع الحكومة الإنتقالية لأنها حاسبتها بمواقف وجرائر الحكومة السابقة فى ظل الضائقة الإقتصادية التى تمر بها البلاد من خلال مطالبتها فاتورة لضحايا التفجيرات وغيرها، وتمنى أن تصحح مواقفها تجاه السودان وأن لا يدفع فواتير ليس له فيها ذنب .
وأكد وزير الخارجية الأمريكي عقب مغادرته الخرطوم، وفي تغريدات متواصلة، إنه ناقش علاقات إسرائيل مع القادة السودانيين.
وكتب بومبيو على تويتر أنه ناقش “تعميق العلاقة بين السودان وإسرائيل” مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والجنرال السوداني عبد الفتاح برهان، رئيس مجلس السيادة الحاكم.
وأكد المسؤول الأمريكي البارز على دعم بلاده للسودان، حيث كتب في تغريدة على حسابه الرسمي: “اجتمعت برئيس مجلس السيادة السوداني الجنرال برهان لإعادة تأكيد دعم الولايات المتحدة للحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون ودعم العلاقات الثنائية بين إسرائيل والسودان”.

السودان والإرهاب
وفي واشنطن تابعت وزارة الخارجية زيارة مسؤولها الأول للسودان لحظة بلحظة، لتصدر بياناً حوى المحاور التي ناقشها مع المسؤولين السودانيين. ففي بيان رسمي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية مورجان أورتاغوس إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ناقشا اليوم في الخرطوم “الدعم الأمريكي المستمر للحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون وأشاروا إلى أن إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب تظل أولوية ثنائية حاسمة لكلا البلدين “.
ويضيف البيان أن “الوزير ورئيس الوزراء بحثا أيضا التطورات الإيجابية في العلاقة السودانية الإسرائيلية”.
وينتقد مراقبون موقف الإدارة الأمريكية من الوضع الإنتقالى فى السودان لانهم يرون موقفها براغماتياً تجاه إزالة إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فبالرغم من ذهاب حكومة الإنقاذ وتعديل القوانين الجنائية من قبل الحكومة الإنتقالية لكنها تضيف هذه المرة شرطاً جديداً بوضع التطبيع مع إسرائيل مقابل تلك الزيارة. غير أن الرد من قبل رئيس الوزراء كان واضحا فى هذه النقطة بأنه ليس من صلاحيات الحكم الإنتقالى ومعلوم بالضرورة حساسية هذه النقطة لدى الراى العام السودانى الذى تمانع أغلب مكوناته التطبيع مع إسرائيل
وتعد كونداليزا رايس، أخر وزيرة خارجية أمريكية زارت السودان، في يوليو 2005، عقب توقيع اتفاق السلام بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة الراحل جون قرنق، الاتفاق الذي أدى لانفصال جنوب البلاد عن شمالها في 2011.

السياسي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..