مقالات سياسية

ثورتنا ليست للبيع

عبدالدين سلامه

عجبت لتلك الظاهرة الغريبة التي غزت الساحة السياسية في هذه الأيام ، حمدوك يقول للشعب أن الجيش سبب الأزمة ، والبرهان يقول للثوار تعالوا عندي وسأوفّر لكم ماتحلمون به ، والشيوعي يقول في بيان الرد أن البرهان لو لم يسلم الشركات فإنه سيلجأ للثوار لإعادتها ، وكأنما الثوار يحملون ثورتهم ويبحثون عمّن يحتمون به لقيادتها ، أو كأنهم يعرضونها لمن يشتريها منهم مقابل تحقيق شعاراتها .

الفهم المغلوط من جانب القوى السياسية من عسكريين ومدنيين هو ما أدّى لسرقة الثورة وحرفها وإضعافها ، فالثورة باتت تحتاج ثورة تصحيحية تعيدها لمسارها الصحيح بعدما أضحت منهجا سارت عليه العديد من دول المنطقة ، واستنسخت بداياتها في ذات الحراك الليبي القائم الآن في طرابلس العاصمة .

ردّة الفعل الغاضبة من الجيش ودعوة البرهان للثوار بتحقيق مطالبهم حال اللجوء إليه ، أنسته أن الثوّار قد جرّبوا اللجوء إليه ، واعتصموا أمام قيادته ولم يقبل الانحياز لهم إلا بعد مضي أيام ليست قليلة على الإعتصام ، وأنه بعد انحيازه لهم وإعلانه الصريح عن حمايتهم ، تركهم يموتون على أسواره وأبوابه وهو يتفرّج دون أن يفعل شيئا ، وحتى عندما لجأوا إليه ، لجأوا إليه لحمايتهم لا لتقاسم السلطة معهم ، ولكنه تعنّت في تسليمهم البلاد بعد نجاح ثورتهم ، ولم يفعل ذلك إلا بعدما تدخل أجاويد افريقيا والوطن العربي والعالم ، فقبل مرغما بالوثيقة الدستورية التي منحته مجلس السيادة ، والسيادة على معظم المفاصل ، ورغم التسع وتسعون نعجة التي حرم منها الثوار ، لازال يدعوهم لضم نعجتهم الوحيدة لنعاجه وهم أصحاب الحق !!!

من حسنات هذا الموقف الغاضب من الجيش أنه كان بمثابة الإستفتاء الذي أطلق رصاصة الرحمة على أي احتمال لحكم عسكري بالبلاد ، فالسودان ودّع الحكم العسكري الخالص إلى الأبد ، ولكن الخوف الأكبر يكمن في أن يرتدي العسكر قناع المدنية ويتسللون للحياة السياسية للدولة وجرفها من جديد ، وهو ما يحتاج لوضع قوانين تحدد ضوابط إشتراك من يختار الحياة العسكرية في الحياة السياسية ، وتعديل قانون قوات الشعب المسلحة لتكون قوات سيادية مستقلة لاعلاقة لها بالحياة المدنية السياسية .

قيام المجلس التشريعي ضرورة تحتاج مليونيات المليونيات ، وسبب إشكالياتنا الحقيقية هو الفراغ الناجم عن عدم تشكيله ، وبرغم المحاصصات التي تم الاتفاق عليها لتشكيل المجلس التشريعي ، وإبعاد شباب وكنداكات الثورة عنه ، إلا أن إعادة النظر في موضوع المجلس التشريعي ، وإدخال شباب الثورة فيه أمر ضروري ، وعلى شباب الثورة تشكيل مجلس تشريعي شعبي يحمل كامل مواصفات عمل منظمات المجتمع المدني ، فثورة الشباب لايحرسها غير الشباب ، وخليك صاحي ياترس
وقد بلّغت.

عبدالدين سلامة

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..