مقالات سياسية

أيام زمان كانت أيام

جعفر عباس

يبدو أننا شديدو الاعجاب بالشعراء الجاهليين، بدليل إدماننا للبكاء على الأطلال: يا حليل الراحو وخلو الريح تنوح .. يا حليل زمن الدستة فيها 16 حبة .. يا حليل كرومة وردي .. وجكسا وبرعي .. يا حليل قطر كريمة (مع ان أحد شعراء ما يسمى بالزمن الجميل قال: قطر كريمة الما بيتأخر/ مرة أتقدم وفات الدامر/ لكن قطرنا شهر في بربر مستنيهو يجي ويلاقينا/ لا تمحِنّا ولا تبلينا/ شر السكة حديد أكفينا/ واحد وعشرين شوال حلبة/ مرة شحنتها خشم القربة/ نص الشحنة طلع في الدبة وباقي الشحنة طلع في أثينا).. يا حليل زمن الخروف بطرادة (وما في زول عنده طرادة).

وانظر الصورة المرفقة التي تحكي عز الجنيه السوداني، واسأل نفسك: نحروه أم انتحر؟ والكلام عن انه لم تكن هناك عملة خاصة بدولتي قطر والإمارات أيضا نوع من الفشخرة الفارغة، فللبلدين اليوم عملتان شديدتا “الصعوبة”، ولا نفتأ نذكر أنفسنا بأننا علمنا السعوديين لعب الكورة، وما علينا ان ننتبه الى ان السعوديين صاروا الحُوار الذي غلب شيخه؛ ومن حيث لا ندري فإننا كمن يبكي على رحيل الاستعمار فأطلال مشروع الجزيرة والسكة حديد وخزان سنار والبريد والخدمة المدنية وجامعة الخرطوم والجيش القادر على دحر الطليان كلها من صنع البريطان؛ والمصريون المعاصرون مثلنا كلما أحسوا ببؤس حالهم الراهن صاحوا: إحنا اللي بنينا الهرم وخرمنا التعريفة.

ونحنا ونحنا الشرف الباذخ، والبدور الدم يجي عندنا “الله لي يا الله” (وتقطعت أوصال بلادنا ولم نبذل إلا دماء بعضنا البعض، ويا سلام على جيش الهنا، ويا سلام على ساسة السرور الذين زجّوا بالجيش في فتن من صنعهم).

لا تُبني الأمم على ماضي الذكريات، ولا الحكومات وحدها مسؤولة عن البناء، وكيف لا يتقدم الوطن الى الخلف ولا يوجد هناك احترام للعمل العام والمال العام، والرشوة صارت “إكرامية” وهي كلمة من مشتقة من الكرم والتكريم، والعبث بالوقت صار ميسما خاصا بنا بدرجة ان عبارة مواعيد سودانية صارت تعني عدم احترام المواعيد والمواقيت.

ولا يغير الله ما بقوم ما لم يغيروا ما بأنفسهم وبالتالي فالتحدي الأكبر الذي نواجهه هو بناء المواطن الصالح “الهميم” القادر على التجانس واللعب مع “التيم”، وبعدها فقط سننجح في إعادة بناء الوطن.

جعفر عباس

‫3 تعليقات

  1. أستاذ جعفر في الموضوع ده مافي زول بكي او تباكي علي ايام او تفشخر علي قطر و الإمارات هذه تغريدة للكاتب السعودي تركي الحمد فإذا كأن يبكي علي ماضي الجنيه او يسخر من حاضره او يتفشخر علي قطر و الإمارات فليس لنا كسودانيين دخل فيها و ان كان ده جنيهنا فما تجلدنا في الفاضي و المليان كفاية علينا البرهان و حميدتي و البعوض

  2. لاول مرة اقرأ موضوعا صادقا وجادا للاستاذ جعفر عباس
    نعم المشكله الأساسية هى بناء المواطن الصالح الوطني المخلص الصادق
    بدون ذلك مش نجيب حمدوك ولا حرية وتغيير
    ولا …ولا …
    ما في فائده
    وخليكم من النفخة الكاذبة
    نحنا احسن ناس… والتغني بالماضي
    ليس هكذا تبنى الاوطان

  3. لك التحية أستاذ جعفر وللكاتب السعودي تركي الحمد وله الشكر على تذكيرنا بماضينا وذلك الزمن الجميل الذى نحن له …كنا بخير حتى أتت عصابة بنى كوز ودمرت كل شئ جميل فى بلادنا …ولكن كلنا أمل فى هذا الشباب الذى فجر ثورة ديسمبر العظيمة التى نقلتنا من درك الظلم والإستبداد إلى فضاءات الحرية والحياة الكريمة ….
    وكلى ثقة فى أنه لو أعطيت الفرصة لهؤلاء الشباب سيكون القادم أجمل للشعب السودانى وقلتها مرارا والله لو كنت مكان الرئيس حمدوك لفتحت باب القبول لكليتى الشرطة والحربية على مصراعيه لقبول من يرغب بالإلتحاق فلن نجد جنودا أصدق وأأمن من شباب المقاومة ..ولقمت أيضا بتعيين العديد منهم ولو متدربين بكل مرافق الدولة ووزارتها فلن أجد عينا ساهرة أفضل منهم …ولو كان عندى إمكانيات لبعثت الكثير منهم للتعلم وإكتساب المهارات إلى شتى أنحاء العالم لزيادة تأهيلهم فلن أجد خير ا منهم فكثير منهم هو القوى الأمين الذى سيبنى هذه البلد…
    أما أهم شئ فى ماضينا إتجاه السعودية هو ليس تدريب فريق الكرة فحسب …بل أهم من ذلك بكثير …وهذه معلومة أهديها للمثقف السودانى قبل المواطن العادى والتى يجهلها الكثيرون وهى أنه حينما تم التنقيب عن البترول فى السعودية للكان ذلك بضمان مشروع الجزيرة السودانى …والمعلومة متاحة لدى عمكم قوقل ما عليكم إلا كتابة مشروع الجزيرة وشركة أرامكو.. وستجدون عن قوقل الخبر اليقين ….
    ليت الماضى الجميل يعود يوما لأخبره بما فعله الكيزان المجرمين ….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..