مقالات وآراء

البرهان: أيها الشعب الكريم… (مارقني الخلا)..

الشعب السوداني شعب حماسي.. لدرجة العوارة، و أعتذر إن كنت قد تطاولت.
في القصة المشهورة أن أحدهم قرر الطبيب أن يبتر رجله لعلةٍ فيها..
صمد الرجل أثناء عملية البتر و لم يصرخ.. زغردت النساء لشجاعته.. تحمس و قال للطبيب (علي الطلاق كان تقطع التانية كمان)..
و شعبٌ كريم.. لدرجة التندُّر…وهنالك قصة تقول أن أحدهم كان ينتظر خارج غرفة الولادة التي بها زوجته.. خرجت الممرضة و أخبرته أن زوجته قد و ضعت و لدين.. قال لها (علي الطلاق كان تاخدي واحد منهم).
و شعبٌ به بعضٌ من حماقة.. قيل أن سودانياً كان يعاني ألماً شديداً في أحد أضراسه.. عندما دخل للطبيب حقنه في موضع الضرس ليخدره.. فقال (أح).. ضحكت الممرضة، استفزته ضحكتها.. قال للطبيب (على الطلاق كان تقلع الضروس الشُّداد كلهن و تخلي ابن الكلب دا عشان يقعد ينبح براه زي المجنون).
من أسوأ الساسة (العوير).. الذي يمكن أن يضيع البلد كلها بتصرف أهوج..
و من أفشل الساسة الذين يرتجلون خطاباتهم..
عمر البشير عندما كان يغني (قيقم) أغنية دخلوها و صقيرا حام… وهو يرقص منتشياً قال أمريكا و بريطانيا و فرنسا تحت جزمتي، وصرنا نحن تحت الجزمة… (إلى أن أديناه بالجزمة).
في فيلم المرأة الحديدية الذي جسّد حياة (مارجريت تاتشر)، رأينا كيف يُحضّر خطابها .. يكتبه عدد من المستشارين..منهم الإقتصادي و منهم العسكري و منهم الطبيب النفساني و منهم اللغوي..ثم يجلسون معها لمراجعته و قراءته عدة مرات، يحذفون و يضيفون ويعدلون حتى يتفقوا على صورته النهائية.. بعدها يقوم ممثل مشهور أو مخرج سينمائي ليعلمها كيف تقف.. كيف تنطق الكلمة، كيف تكون نبرة صوتها في هذه و كيف تكون في تلك..أين تسكت .. متى تلتفت .. متى ترفع رأسها، كيف ومتى تبتسم..ثم يأتي المختص بالمظهر ليحدد لها نوع و لون ملابسها.. كيف يكون شعرها .. ما الأقراط التي ستلبسها .. ما هي درجة أحمر الشفاه الذي يجب أن تضعه.. كل شيء يكون محسوبا… ثم تقوم بعدة بروفات في حضور كل المجموعة المسئولة عن الخطاب قبل ظهورها في التلفزيون.
خطاب رئيس الوزراء كان قريباً من طريقة مارجريت تاتشر.. مكتوب.. هادئ.. مرتب…مهذب … تشعر بأنه يخاطب الشعب.
خطاب رئيس مجلس السيادة مثل خطابات عمر البشير.. مرتجل.. حماسي.. غير مرتب.. تهديد.. وعيد.. تشعر أنه يخاطب عدوه.. (الشعب).. كأنه يقول للشعب و الحكومة المدنية (مارقوني الخلا)..
إن آفة السياسة الخطابات المرتجلة، مثل ماكان يفعل هتلر… و هو معذور لأنه كان في حالة حرب، له أن يهدد عدوه، أن يحمس شعبه.
رئيس مجلس السيادة لم يكن في وضع هتلر.. كان يخاطب الشعب الذي أتى به.. الشعب الذي قتله جيشه وهو ضيف عنده…على باب قيادته… ولم يستطع حمايته.. الشعب الذي لولاه لما سمع الناس بضابط إسمه عبد الفتاح البرهان.. الشعب سيد الجلد و الراس.. يجب أن يُخاطب باحترام..
الخطاب المرتجل يجعلك تطلب أن تُقطع رجلك الثانية إكراماً لزغاريد نسائك.. أن تقتلع كل أضراسك السليمة عقاباً لضرسك المسوس..
ليس من الحكمة أن يقول أكبر راس في البلد.. على الهواء و هو فاقد السيطرة على نفسه، أن هنالك فاشلون يريدون رمي فشلهم على الجيش.. مثل هذا الكلام ليس محله الهواء.. ذلك كلام يقال في الإجتماعات المغلقة.. و ليس من الكياسة أن يقول أن هنالك من يريد تفكيك الجيش.. ومثل ذلك الكلام يجب أن يقوله لقادة الجيش في إجتماعات سرية.. و يحدد أولئك .. و يكشفهم بالإسم للشعب الذي أتى به … ليس من الفطنة أن يقول أنه لن يعيد شركات الجيش للحكومة.. و أن ما يقولونه عنها كذب، ذلك الكلام كان يجب قوله للحكومة في إجتماعاتها… و عموماً لم يقل أحد أنه يريد تفكيك الجيش.. قالوا يجب أن يُنظف ممن يعيقون ثورته… من سدنة النظام المباد..
متى يفهم ساستنا أن الكلام المرتجل يدل على الخواء و إنعدام الأفكار و بؤس صاحبه؟ متى يفهم قادة جيشنا أنه قد إنتهى زمن التنمر على الشعب..
لو كانت خطبة رئيس مجلس السيادة في الجنود و هم يتوجهون إلى حلايب أو الفشقة لصفقنا له.. و لكنه يقوله في المكان الخطأ .. للناس الخطأ.. ليصفعهم..
و من المضحك المبكي أن البرهان يتناسى قراراته التي فجّرت مليونية 30 يونيو التي أرغمته على إبتلاعها.. الشعب سعادة القائد العام أقوى من الجيش.. الموضوع ليس السلاح الذي يحمله الجيش، الموضوع هو السلاح الذي في الصدور.
سيدي القائد العام و رئيس مجلس السيادة.. السودان مثل حافلة.. حدث لسائقها مكروه و كلفك بقيادتها مؤقتاً، وليس من حقك أن تغير خط سيرها .. أو تفرض سعراً للتذاكر كما تريد.. عليك أن تعلم أنك مؤقت.. (بدل فاقد)..
تنويه: لمن لا يعلمون عبارة (مارقني الخلا) هي عبارة تقال عندما يتشاجر شخصان فيقول أحدهما للآخر (مارقني الخلا)، يعني أطلع معاي برا الحلة، لنتقاتل في الخلاء، حيث لا يوجد أحد من الناس ليفصل بيننا… يعني قتال حتى الموت.. و غالباً لا يتم الخروج الى الخلاء بسبب تدخل الناس.

علي العبيد

‫3 تعليقات

  1. العبارة التي إستخدمتها ربما تكون مستخدمة في منطقة جغرافية معينة، ولكن العبارة شائعة الإستخدام اكثر ، والتي لم تكن في حوجة للشرح والتفسير الذي قمت به، هي عبارة ( طالعني الخلا )

  2. أخى الكاتب حتى لو أراد هذا الشعب الأبى تفويض القوات المسلحة فليس خياره هذا البرهان الوهم الذى من لحظته الأولى حاول أن يضفى على نفسه قداسة لا يملكها وطبعا لم يرثها .. حين قال أن جده الحفيان تنبأ له بحكم السودان وهذا يمثل كل مؤهلاته. العسكر اضاعوا السودان وتم استرداده بقرار هذا الشعب وإشارة الشعب للبرهان هى واضحة أن عودوا لثكناتكم فالشعب هو المعنى بأقدار الحكم وتسييره نعم فالجندى مواطن له كل الحقوق ولكنه إختار أن يكزن تحت لواء الجندية فتلك لها قوانينها ووقواعدها.. فمن أراد منهم غير ذلك فليخلع الكاكى ويصير ملكيا. عسكرنا فى السودان يختلفون عن أى عسكرى في الدنيا فهم لم يحاربوا إلا شعبهم وقد اسماهم بالعدو كما أنهم حاربوا تحت لواء المستعمر وهو جل تاريخهم الذى يفخرون به.هى المدرسة ذاتها التى تخرج منها صلاح عبد الخالق الذى يهدد الشعب بالحرب والله لولا هذا الشعب لما عرفنا برهانا ولا صلاحا ولا كباشيا كلهم من لاشى إل لا شئ . لن تجد من يقدم لك ما تمنيت يا برهان والإشارة الوحيدة لك هى أن أبتعدوا وابعدوا الجيش عن ممارسة السياسة والسوق . أداء حموك ليس بمستوى ما كنا نطمح والشعب معنى بتقويمه وتطويره والضغط عليه وتغييره إذا دعا الحال ولكن ليس البرهان من يحث الشعب على ذلك بل ويطلب منه تفويضا بإنقلاب عسكرى. وليعلم البرهان أن مجرد الإستيلاء على السلطة بالقوة تعنى نهاية السودان حتى الخرطوم العاصمة لن يجدها. برهان يحاول التحايل على الفترة الإنتقالية ويمضى في عدم تسليم السلطة الإنتقالية بعد إنتهاء دوورته وهنا بيت القصيد ولكنه نسى أن الشعب بالمرصاد وهو ضالع من قبل فى مجزرة الإعتصام أما دارفور فذلك شأن اخر إذ لم نسمع حتى الأن لأصوات ذوى الضحايا، إنه يتوهم تفكيك الجيش وهو الذى صار فريقا فى جيش لم يقاتل منذ تاسيسه إلا ضد شعبه الأعزل .. إنه في حقيقة الأمر لا يدافع عن الجيش بل عن مصالحه وزمرته لماذا لا تعود أموال الشعب لوزارة المالية وهى الأمين والمؤتمن عليها لا القيادة العامة.ز نعرف الصفقات والعمولات التى شهدتها العاصمة الصينية بكين وبرهان كان بطلها فغذغا لم يرعو نشرناها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..