مقالات وآراء

الجيش والثورة السودانية

هناك فرق بين أكون ضد الحكم العسكري وحبي للجيش ..نحن نحب ونقدر جيش بلادنا نقف معه اذا خاض حرباً ضد أي عدو لكننا نقف ضده اذا انتهك حقوق المواطنيين أو حقوق مواطنيين دولة اخرى
مازال البعض لم يعد ممكنا لديهم أن تؤكد احترامك للجيش ومع ذلك تطالب بمحاسبة بعض أفراد الجيش المسؤولين عن انتهاكات .. مازال البعض لم يعد ممكنا لديهم أن توجه نقدا لسياسات المؤسسات العسكرية والجيش او فرد فاسد في الجيش بغير أن تُتهم بالخيانة. لقد انتقلت عدوى الفاشية من النظام الفاشي الذي تربع ثلاث عقود في الحكم إلى قطاع عريض من السودانيين والانسان الفاشي هو الذي يؤمن انه يمتلك الحقيقة وحده ويؤمن بحقه في فرض أفكاره بالقوة على الآخرين.
على مدى ثلاث عقود كنا محصورين بين فاشيتين فاشية الاسلام السياسي والفاشية العسكرية. الاسلاميين يعتبرون كل من يرفض حكمهم عدوا للاسلام والعساكر يعتبر كل من يعارضهم عدوا للوطن. النظام الفاشي يغرس في عقول الناس حقيقة واحدة انه الذي يملك الحقيقة وكل من يخالفه عدو للوطن وللدين ويحاسبك بشدة اذا خالفت المنهج المقرر.وما نشهده اليوم من صراعات وعنف وطائفية وتعصب ما هي الا اعراض للمرض الاساسي وهو (الفاشية) وهذه الاعراض طبيعية ومتوقعة وستنتهي مع التوعية والزمن
لقد إستطاع هذا الجيل العظيم ان يفجر ثورة ديسمبر من بين هاتين الفاشيتين فجرها عندما كان (الديناصورات) والجميع متوائم مع الفاشية والدكتاتورية .جيل لا يستحق هذه التهاون والتلكؤ في تحقيق اهداف ثورته ولا يستحق هذه التصريحات التخوينية والمحبطة من جميع المكونات السياسية والعسكرية والتي تنم عن كراهيتهم للثورة لكنني سأجتهد في هذا المقال أن أذكر سبب كره العساكر للثورة
العساكر يكرهون الثورة لأن ثقافتهم ودراستهم وتعليمهم ليس لادارة الدولة ومهمتهم الأساسية هي الحرب ويديرون الدولة وكانهم في حرب ويريدون من الجميع طاعة الاوامر وكل من يعارض افكارهم فهو عميل وطابور خامس ويعتبرون هذه الثورة عبارة عن فوضى ..في الحرب مخالفة الاوامر خيانة ..في المعركة ليس هناك كلمة أقترح او انني أرى وكل من يقترح أو يرى غير الذي يراه الأعلى رتبة يعاقب ..وبنفس هذه العقلية يديرون الدولة وهذا ما يتناقض مع مبادئ الثورة . وتجد في تصريحاتهم عن المدنيين أن هناك مخربين وفاشلين يألبون الشعب على الجيش أو الوقيعة بين الشعب والجيش هذا مجرد ان تسأل عن حقوقك وهم يريدون أن يقولوا لنا هناك من يقوم بتهييج الناس علينا وكأن هذا الشعب أطفال ينتظر من يقوم بتهييجهم لمطالبهم ..
العسكري يعتبر أنه ليس من حق أي مدني أن يوجه له نقدا بينما من حق العسكري أن يضرب أي مدني إذا راه هو يستحق الضرب لأنه يمثل السيادة الكاملة وبقية المواطنيين مجرد عبيد عليهم أن يقبلوا بسيادته ولا يحاسبوه وإلا فإنه سيعاقبهم وهذه العلاقة السيادية هي العقبة الكؤود في محاسبة العسكر او سؤالهم عن استثماراتهم او فساد وانتهكات بعضهم .. السؤال المحير لماذا هناك قطاع كبير من الشعب ليس لديه مانع من عدم مساءلت الجيش ويرى ان مجرد انتقاد الجيش خيانة للوطن!!؟ السبب عندما يعاني الشعب من الإستبداد فترة طويلة يتواءم مع الدكتاتورية أو العسكرية حتى لو قمعه أو ظلمه أو قتله بل ويراه البطل المنقذ!!!
ببساطة نجاح الثورة للعساكر تعني حرمانهم من سلطتهم المطلقة ومن امتيازاتهم ومحاسبتهم علي ثرواتهم وتصرفاتهم وجرائمهم .

ياسر عبد الكريم
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..