
بسم الله الرحمن الرحيم
الادارة
ادارة الزراعة والموارد الطبيعية على أعلى المستويات ، وهي الوزارة المسؤولة، تحتاج لمراجعة كاملة لتساير متطلبات الزراعة الحديثة والتقدم العلمي الهائل في كل المجالات خاصة الادارة وتقنية المعلومات، وتتمكن من تطبيق المقولة المشهورة بأن السودان واحد من أربعة دول مؤهلة لتكون سلة غذاء العالم. للأسف منذ الاستقلال وحتى تاريخه الزراعة في السودان لم ترتقي حتى الى أن تغطي احتياجات البلاد والمواطن، والدليل علي ذلك ما يجري الأن في اسواق الخضروات حيث يصل كجم الطماطم الى 300 جنية وربطة الرجلة الصغيرة الى 100 جنيه و كيلة الفتريته الى أكثر من 1000 جنيه أما الفاكهة فحدث ولا حرج حيث أن كجم الموز 80 جنيه وحبة المانجو أكثر من 50 جنية والقريب فروت والبرتقال أصبحا للعرض فقط!!!.
وزارة الزراعة هي المنوط بها وضع السياسات والاستراتيجيات والخطط الزراعية لكل البلاد ومتابعتها بصفة دورية وتوفير المدخلات بالتعاون مع جهات أخرى، وتوفير الدعم للبحوث لحل مشاكلها الأنية والمستقبلية ووضع الخطط المستقبلية لنا وللأجيال القادمة، ومتابعة التطورات العالمية والأسواق المحلية والعالمية وغيرها من المهام .
تضم هذه الوزارة العديد من الادارات مثل البساتين والارشاد الزراعي والوقاية والاقتصاد الزراعي والغابات والمراعي وغيرها من الادارات التي كان من ضمنها اكثار البذور (مازال مصيرها مجهول). كما يقع تحت مسؤولية الوزير بعض المشاريع القومية مثل الجزيرة والرهد وحلفا والسوكي، ومؤسسات النيل الأبيض والازرق وجبال النوبة..الخ، والزراعة الألية، والمشاريع المطرية اضافة الى هيئة البحوث الزراعية.
الوزير منصب سياسي ووصفه الوظيفي هو العمل على تطبيق برنامج الحكومة والالتزام به. أما الوكيل فوظيفته تنفيذية لكل المهام المتعلقة بهذا البرنامج عبر كل هذه الادارات والمشاريع والمؤسسات والهيئات. بالطبع فان لكل ادارة ومشروع وهيئة ومؤسسة برامج من المفترض أن يكون متفق عليها داخل البرنامج الوزاري عبر خططه واستراتيجياته مع توفير الميزانيات واللوجستيات المطلوبة وبدقة.
بالطبع (سيدعي) كل من الوزراء والوكلاء وكل المسؤولين عن تلك الجهات الزراعية بأن هذا بالفعل كان مطبقا منذ الاستقلال حتى تاريخه. لكن بالنسبة لنا كمحللين وباحثين وأساتذة أكاديميين لم يثبت لنا ذلك والدليل على هذا تصنيفنا عالميا طبقا لاحصائيات المنظمات العالمية والاقليمية رغما عن من نملكه من امكانيات يحسدنا عليها كل العالم.
فلنبدأ بالوزير وبرامج الحكومات المتتالية منذ الاستقلال حتى يومنا هذا وامكانيات ومؤهلات الوزراء. منذ أن بدأنا نهتم بالزراعة كتخصص وتأهلنا له أكاديميا على كل المستويات (حوالى 49 عاما) لم يقع في أيدينا برنامج واحد مقنع وعلمي وعملي وواقعي وطموح لأى من حكومات هذه الفترة (منذ عهد مايو حتى تاريخه) بخطط عمل واستراتيجيات واضحة وعلمية وعملية تقود الى تحقيق طموحاتنا كشعب أو تقود الى ما ندعيه بأننا سلة إذا العالم. نعم كانت في فترة من الفترات (فترة حكم مايو) هنالك مؤتمرات زراعية سنوية، تعقد بهيئة البحوث الزراعية بمدني، لمناقشة الموسم السابق وما يجب أن يجري من تعديلات للموسم الجديد في حضور الوزير والوكيل والادارات والمشاريع والبحوث والجامعات وأحيانا بعض الخبراء الأجانب. لكن هذا ليس كافيا رغما عن أنه مطلوب وضروري كجزء من (المتابعة). كما أن وزارة الزراعة طوال هذه المرحلة لم تحظي بوزراء زراعيين في اغلب فتراتها، وحتى الزراعيون منهم كانوا من (أهل الولاء) وليس من أهل الكفاءة.
وزير الزراعة في عصرنا هذا يجب أن تتوفر فيه معايير خاصة:
- يجب أن يكون له برنامج واضح وطموح يرتقي بالسودان الى مصاف الدول الكبرى زراعيا وبالتالي صناعيا في شكل منتجات زراعية بقيمة مضافة علي كل المستويات بحيث تصل منتجاتنا الى المستهلك النهائي في كل الدول بحيث تكون جاهزة للاستخدام سواء كان صناعيا أو منزليا.
- لديه القدرة على متابعة الأسواق العالمية والمحلية وتتبع تطوراتها على المدي الطويل.
- له مقدرات عالية في تقنية المعلومات وجعل كل ما يدور في وزارته واداراتها المركزية والولائية والمشاريع والمؤسسات بما في ذلك الري والانتاج الحيواني واصدار الأوامر في اطراف اصابعه عبر الشبكة العنكبوتية والحاسوب.
- له استشاريون في كل ما يهم وزارته.
- له علاقات دولية يمكن الاستفادة منها في تطوير الاداء عبر نقل التقانات.
- يؤمن بالعلم والبحث العلمي ومحاربة الفساد.
- يحل المشاكل ميدانيا، وله القدرة على توفير الموارد المالية و توطين صناعة المدخلات محليا.
- يستطيع التنسيق بسهولة ما بين وزارته والوزارات الأخرى مثل الري والصناعة والتجارة بشقيها الداخلي والخارجي والثروة الحيوانية وسفارات السودان في كل الدول.
- من الأهمية بمكان أن يهتم بوضع استراتيجية وخطط عمل قصيرة ومتوسطة وطويلة المدي للزراعة بالسودان عبر مؤتمر جامع ومستشارين محليين وأجانب بنهاية الفترة الانتقالية تكون ملزمة لكل الوزراء الذين سيأتون من بعده، مع اعداد الكوادر اللازمة للتنفيذ وتحديد الميزانيات المطلوبة لها وكيفية الحصول عليها.
في الحلقة القادمة سنتناول الارشاد الزراعي بأذن الله ونساله اللطف (أمين).
الزراعة ومناهج العلوم الزراعية بالكليات (11)
ب/ نبيل حامد حسن بشير
جامعة الجزيرة
25/8/2020م