خليل فرح صوت الشعر ونغمة المزمار

قدلة حافي حالق في عوالم الخليل
|عن مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي صدر في 2018 كتاب: خليل فرح صوت الشعر ونغمة المزمار. تأليف د. جعفر محمد علي بدري، كتب تقديمه د. كمال الجزولي. الكتاب يحوي تسعة عشر فصلاً، سمى الكتاب معظمها بأسماء أغنيات الخليل، أو موضوعات في أغانيه وحياته. الكتاب يُعتبر سياحة في الأدب والغناء والحِس والعمل الوطني وثورة 24 والحياة الاجتماعية وقضاياها في السودان إبان حياة الخليل، وهي الفترة التي تخلق فيها المُجتمع السوداني الحديث. تجد بالكتاب الحكي والسرد والمُقارنة والتوثيق والتحليل لسبر أغوار شعر الخليل ومفرداته المُميّزة.
ستقرأ عن آراء وأسماء مثل عبد الحليم محمد، النور حمد، أبو صلاح، حسن نجيلة، فكري أبو القاسم، أم كلثوم، يوسف فضل. ستقابلك أحداث تاريخية وطقوس شعبية.
اعتنى الكتاب عناية خاصة بالبحث عما يعني الخليل ببعض المفردات والعبارات ومقارنتها مع الشائع عن المعنى.
ومن ذلك، في قصيدته (فلق الصباح)
من جنان رضوان أصلك
لذا كل ربيع فصلك
أتنفّس فوح
تتنفّس ناس
ورياض وبحار
شاع أنّ معنى فوح هو من فوحان العطر والرائحة ويذهب الكاتب أن الخليل قصد الفوح بمعنى بلوغ مرحلة الغليان، فاحت القدر أي بلغت الغليان فأخرجت البخار من جوفها، ويرى الكاتب أنها دعوة من الخليل للثورة والتخلص من الاستعمار.
ومن ذات القصيدة
إنت روضة وليك زهرة
وله كوكب وليك بهرة
ضمخوك للجبير
زعفران وعبير
انت نار في بهار
شاع أن تنطق بهار بضم الباء، في حين أنها بفتحها وهو نبات طيب الرائحة معروف بعين البقر.
وفي قصيدة (ما هو عارف قدمو المفارق) ناقش الكاتب ما يمكن أن يكون من معنى (وارق):
من حطامك أنا شعري وارق
في شن أبقيت للطوارق
غير قليبا في همومو غارق
ولسانا بردو الكلام
يقول الكاتب إن السر قدور يرى أن (وارق) هو الغصن الذي انسلخ عن الشجرة وأورق بعد ابتلاله بماء، ولكنه يذهب إلى أنه الذي جزّ ورقه وأزيل عنه، كما نقول في العامية (ورقنا) الخدرة، وهو ما يناسب نفسية الخليل وإشارته لصحته (عازة جسمي صار زي الخلال).
ويظهر جهد الكاتب وبحثه في حياة ومعاني أشعار الخليل ما ذهب إليه في معنى (جنة بلال) الواردة في قصيدة (عازة في هواك)، والتي كما أورد الكاتب أن وصفها الدكتور مصطفى مبارك (نشيداً قومياً غير معترف به)
عازة ما نسيت جنة بلال
وملعب الشباب تحت الظلال
ونحن كالزهور فوق التلال
تشابي للنجوم وأنا ضافر هلال
ظن البعض أنه نسبها لسيدنا بلال كما نسب الجنة لرضوان في قصيدته (فلق الصباح)، إلا أن الكاتب استبعد هذا الظن واتفق مع طرح محمد جلال هاشم في كتابه (جزيرة صاي، قصة الحضارة) إنها جنينة الشيخ بلال بيرم بقرية صيصاب، التي درج أهل قرية خليل فرح إبان صباه في القرية أن يجروا بها طرفاً من طقوس الأعراس.
تجد بالكتاب أيضاً فصلاً سمّاه (دار فوز) لفك طلاسم صاحبة الاسم، والذي سيكشف جزءاً من حياة الخليل، وشيئاً من العمل الوطني إبان ثورة 24، وكثيراً من شكل الحياة الاجتماعية بأم درمان والخرطوم في عشرينات القرن الماضي، وذلك بسياحة فيما نصّه عدد من الكُتّاب في ذات الموضوع أو الحياة الأدبية والاجتماعية في عمومها.
أثار الكتاب، نقاشاً جاداً ولطيفاً عن شخصية الخليل وأسرار معاني كلماته في العام الماضي بمنتدى دال الثقافي حين تدشينه. خاصة عند تقليب معاني.
يا جميل يا نور الشقايق
أملا كاسك وأصبر دقايق
فمحمد جلال هاشم يرى بعداً وطنياً في (نور الشقايق) وظنه أن جميل هو شخص بعينه صديق للخليل، ويرى الكاتب أنها فوز، صاحبة دار فوز التي بدأ الخليل القصيدة بدارها، فيما رأي كمال الجزولي أنّ الكاتب وإن سمي شخصيات واقعية فإنها تتلاشى مقابل إسقاطه رؤيته وتفكيره، وواصل ضاحكاً: (إن أحداً ادعى له أن قصيدة (بدور القلعة) قد كتبت في أمه، فرد عليه ضاحكاً: (أمك ذاتا شينة وما ممكن تكون بدور القلعة وجوهرها).
الكتاب مما خف وزنه وغلت قيمته، فرغم حجم الكتاب، 368 صفحة، إلا أنه خفيف الظل والروح، يُمكن أن تبدأ قراءته من أي فصل.
الكتاب مُمتعٌ، لمن يهتم بالتاريخ وبالفن والأدب والغناء ولمن يستمتع بالمُقارنة والتوثيق ولمن يهتم باللغة، وهو مُمتعٌ لمن يبحث عن الإيناس، ولمن يرغب في النقاش وتقليب الآراء والترجيح، هو كتاب لا يُمل.
السياسي
اماني ابوسليم
[email protected]
الناس في شنو وانت في شنو؟
سرد جميل ورشيق…دفعني لاغتناء الكتاب …شكرا استاذة اماني سليلة بعانخي…وشبلة عملاق علم الآثار في السودان..بروفسيور محمد ابراهيم ابو سليم..علي قبره الرحمة والمغفرة.
الكتاب منزل pdf