أخبار السودان

فيضانات السُّودان.. النيل يزيد من أحزان البلاد!!

فاض النيل وتسرّب في وضح النهار، متجولاً بين الأزقة والطرقات الرئيسية في أنحاء كثيرة من البلاد، مُسجِّلاً أرقاماً قياسية وغير مسبوقة خريف هذا العام.

قال عنه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الأحد: فيضان هذا العام أدى لخسائر “مُفجعة ومُوجعة” في الأرواح والمُمتلكات.

وأدّت الأمطار والفيضانات والسيول حتى أمس السبت إلى وفاة (88) وإصابة (44) وانهيار (19.723) منزلاً انهياراً كلياً و(35.412) جزئياً، وتضرُّر (149) مرفقاً، و(318) من المتاجر والمخازن، ونفوق (5) آلاف و(379) من المواشي.

وبحسب وزارة الري والموارد المائية، من المُتوقّع أن يصل حجم تدفق المياه الواردة إلى (800) مليون متر مكعب، مع ارتفاع المنسوب الذي قد يواصل حتى (17.43) متر، مسجلاً بذلك أرقاماً قياسية لم يبلغها منذ قرن كامل.

وتضرّر عدد من القرى الواقعة على ضفاف النيل بمختلف الولايات، وفي عطبرة مدينة الحديد والنار، مهد الثورة، كان النيل هناك يشابهها في ثورتها هذه المرة.

والأحد، ارتفع منسوبا النيل الرئسي ونهر عطبرة، وبلغ منسوب النيل الرئيسي 16.46 سم بارتفاع 2 سم عن أمس السبت، فيما بلغ منسوب نهر عطبرة الأحد 15.84 سم بارتفاع 2 سم عن الأمس وارتفاع 26 سم عن العام الماضى.

وأشارت غُرفة عمليات الدفاع المدني بولاية نهر النيل إلى ارتفاع كبير في مناسيب النيل مما أدى إلى إخلاء بعض المناطق والجزر من المواطنين ونقلهم إلى مناطق آمنة.

ونبّهت غرفة عمليات الدفاع المدني والطوارئ بالولاية، المواطنين، مطالبة إيّاهم بأخد الحيطة والحذر، والابتعاد عن مجاري الأنهار والوديان والمناطق المنخفضة حفاظاً على أرواحهم وممتلكاتم.

وكانت يد النيل قاسية أيضاً على الموسم الزراعي هذا العام، حيث جاءت مخرجات اجتماع لجنة متابعة الموسم الزراعي الصيفي تحمل أرقاماً مهولة عن المساحات الزراعية التي تضرّرت بفعل الفيضان، والتي رصدت تعرُّض (42) ألف فدان للغرق بمشروع الجزيرة و(5000) بمشروع الرهد، إلى جانب (8000) فدان بمشروع السوكي.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لعدد من المناطق التي تضرّرت بالفيضان في نواحٍ متفرقة بالبلاد، وأفاد المواطن مصعب عبد الوهاب والذي يسكن في قرية النوبة بولاية الجزيرة، أفاد (السياسي)، أن هناك زيادة ملحوظة في منسوب النيل، ولكنهم وبمجهوداتهم الشعبية قاموا بتعلية الترس لمواجهة مياه النيل، بحيث قاموا بتعليته بمقدار ما يقارب الـ(70) سم، وأضاف أن الوضع لديهم ما زال تحت السيطرة حتى الآن، مشيراً إلى تخوفهم من زيادة النيل التي لاحظها، وقال إنه لا توجد بقريتهم خسائر مادية أو بشرية.

التصدي بالطرق التقليدية

وفي بربر الواقعة غرب النيل، عانت منطقة أبو كبيدة أشد المعاناة من الفيضان، كما أفادت (السياسي) المواطنة مآب الطيب، التي قالت في حديثها أن عدد المنازل التي تضررت من الفيضان بلغ ما يقارب الـ(200) منزل، وقالت إن الأهالي يتصدون للنيل بالطرق التقليدية، مشيرة إلى أن مياه النيل غمرت نخيل المنطقة، الأمر الذي ينذر بخسارة كبيرة للموسم الزراعي هذا العام.

ويقول المواطن التقي الجيلي وهو أحد سكان الجزء الجنوبي لمدينة ربك حاضرة ولاية نهر النيل، إن النهر عندهم شهد زيادة ملحوظة خلال ساعات اليوم، وأفاد أن الجيد في قريتهم أن المباني السكنية بعيدة عن النيل بما يقدر بثلاثة كيلومترات، مشيراً إلى أن ضرر الفيضان قد وقع على بعض الأراضي الزراعية في المنطقة، والتي هي بالقرب من النيل.

زيادة مفاجئة:

أما في الولاية الشمالية، بالتحديد في قرية مقاشي الواقعة خلف خزان سد مروي بحوالي (45) كيلو متراً قال المواطن عبد المجيد محمد أحمد لـ(السياسي)، إن الفيضانات عادة في المنطقة تكون متدرجة، ويقاومونها بالجهود الشعبية، ولكن قبل أسبوعين زاد مستوى النيل لما يقارب الثلاثة أمتار في يوم واحد، لتغمر المياه ست قرى بالكامل في المنطقة، وأدى ذلك إلى غرق المساحات الزراعية بالكامل، وتلف محاصيل البلح، وأضاف أن الأهالي يعتمدون على محصول البلح بشكل أساسي كمصدر رزق لهم، وفيما يخص الناحية الصحية، تحدث عبد المجيد عن تردي الأوضاع الصحية لديهم بالمنطقة، نسبة لمياه بحيرة السد التي غمرت المنطقة والتي وصفها بالمياه الراكدة والمتعفنة، وأدى ذلك إلى توالد البعوض والذباب بالقرية ونفوق الحيوانات، مشيراً إلى انتشار الإسهالات المائية، واصفاً الوضع لديهم بالكارثة البيئية، وتعرض عدد مقدر من المنازل لديهم إلى الدمار، وأضاف أن أهالي المنطقة قد كوّنوا مجموعات إغاثة بمجهوداتهم الشخصية، وأرجع أسباب تأخر وصول الإغاثات لهم لوجود الدولة العميقة على رؤوس المحليات، وقال إن عضو مجلس السيادة محمد الفكي، على اتصال دائم بهم ويقف على الأمر بصورة شخصية، مُشيراً إلى غياب بقية الجهات المسؤولة عن الحدث.

قطع الطرق

وقال القيادي بالحرية والتغيير أدهم الهادي حماد بقرية الدباسين بشرق سنار، إن هناك أضراراً كبيرة لحقت بالولاية سبّبتها السيول والأمطار الأخيرة، من بينها تعطل طريق “44 ود تكتوك” والذي يحمل على عاتقه مسؤولية ربط عشرات القرى بمدينة سنار، الأمر الذي أدى إلى عزلها لأكثر من أسبوع، وأدت السيول أيضاً إلى انهيار عدد كبير من المنازل والردميات وألحقت الضرر بالكباري.

ترقباً وحذراً ينظر الجميع إلى الفيضان الذي لم يسبق له مثيلٌ قريباً، وما زال السؤال المطروح، ألم يحن الوقت للبدء في معالجات جذرية لعدم تكرار أضرار وخسائر فيضان النيل البشرية والمادية.

في هذه الفترة تسود حالة من الترقب والحذر بسبب فيضان النيل الذي لم يسبق له أن وصل لمثل هذه المناسيب في ذاكرة التاريخ القريبة، لاسيما أنه قد تسبب في أضرار كبيرة وخسائر بشرية، ولا بد للسلطات المعنية الاستفادة من فيضان النيل بعمل البنيات التحتية التي تعمل على خلق فائدة كبيرة من فيضان النيل، إضافةً إلى تلافي الأضرار التي يخلفها الفيضان.

الخرطوم- تسنيم خوجلي/السياسي

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..