أخبار السودان

الكشف عن تلاعب “على عثمان” بحساب رئاسة الجمهورية في العهد البائد

طه سلم "سعودي" ملايين الدولارات من حساب الرئاسة

الخرطوم : رقية يونس

لست ساعات متواصلة تخللها فاصل مدته (15) دقيقة فقط عقدت محكمة جنايات جرائم الفساد ومخالفات المال العام  شرقي العاصمة الخرطوم ، جلسة عاصفة في قضية الشاكية منظمة العون الانساني والتنمية والمتهم فيها القيادي البارز بحزب المؤتمر الوطني المحلول ونائب رئيس الجمهورية الاسبق علي عثمان محمد طه ،واثنين اخرين هما الامين العام السابق لمنظمة العون الانساني والتنمية واخر خبير مالي ، وذلك على ذمة اتهامهم بخيانة الامانة للموظف العام من القانون الجنائي لسنة 1991م ومخالفة قانون الاجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007م .
جلسة الامس بات العراك القانوني فيها واضحاً بالحجة والمستند ونص صريح القانون ، لاسيما وان دفاع المتهمين كان جاهزاً يقظاً وهو يناقش المتحرية وكيلة نيابة الاموال العامة غادة محمود، في كل شاردة وواردة بمحضر التحري واي مبالغ مالية وعلاقتها بالدعوى وموكليهم المتهمين الثلاثة، وفي المقابل كان الاتهام (نيابة الاموال العامة ) متقد الذهن ومتأهب كعادته للإمساك بحزمة قضيته وهو يناور بأسئلته ليسجل اهدافاً قانونية تفيد قضية الاتهام، وفي المقابل رفضت المحكمة سؤالاً لممثل الاتهام يتعلق حول الامتيازات التي تحصل عليها المنظمة الشاكية للحصول على العربتين المعروضتين في البلاغ ، وعللت المحكمة بان السؤال غير منتج في الدعوى.

تحريات وتفويض
عقارب الساعة استقرت لتشير الى  التاسعة صباحاً وتزيد بدقائق حيث بدأت جلسة المحاكمة وافادت المحققة والمتحرية وكيلة نيابة الأموال العامة غادة محمود ، بانها شرعت في اجراءات التحري في البلاغ بتاريخ 17/10/2019م ، ونبهت الى ان هناك من سبقوها في التحريات من بينهم وكيل النيابة السابق بالمال العام المعز طه ، واخر بحد تعبيرها ، فيما اوضحت بان وكيلة نيابة الاموال العامة اميمة سعد كانت مشرفة على اجراءات التحريات ايضاً ، وابانت بان الدعوى الجنائية تم فتحها بناءً على تفويض من منظمة العون الانساني في السابق وبعد حلها بالقرار (49)2020م فان الشاكية الحالية في البلاغ هي مفوضية العون الانساني باعتبارها هي صاحبة الاشراف على جميع المنظمات الطوعية والوطنية بموجب القانون المؤسِس للمفوضية ،  واشارت الى انها بدأت اجراءات التحري استناداً على تقرير المراجع بديوان المراجعة القومية ،
في ذات المنحى كشفت المحققة للمحكمة بان النائب العام تاج السر الحبر ، اصدر قراراً بتاريخ 19/ابريل / 2020م ، باعادة التحريات حول كامل مبلغ الدعوى الجنائية  ،وشددت على انها ما استندت عليه نيابة الاموال العامة لاعادة التحريات حول تحريات الدعوى الجنائية .
غير حكومية ..
في سياق مغاير نبهت المحققة المحكمة الى ان الشاكية منظمة العون الانساني هي منظمة طوعية مسجلة وفق قانون العمل الطوعي والانساني لسنة 2006م، واكدت بانها منظمة غير حكومية ، واشارت الى ان المنظمة مسجلة كتسجيل وطني في مفوضية العون الانساني ، الى جانب تسجيلها كمنظمة دولية في وزارة الخارجية كاتفاقية مقر في السودان ، وكشفت المتحرية للمحكمة بان رئيس المجلس الاستشاري لمنظمة العون الانساني عادل عبدالجليل البترجي ، سعودي الجنسية ، هو من تقدم بخطاب للمراجع القومي لمراجعة شركة القروب الوقفية المحدودة للضمان وشركة الخرطوم للتعليم الخاص (مدارس القبس )، الى جانب مراجعة حساب المنظمة فيما يتعلق بمبلغ (3) ملايين جنيه سوداني عبارة عن دعم مالي من وزارة المالية لصالح مشروعات خدمية للمنظمة .
في ذات الوقت أوضحت المحققة المتحرية للمحكمة بان مدارس القبس وحسب ما أسفرت عنه التحريات هي مملوكة لمنظمة العون الانساني وملكية غير مسجلة حسب افادة (حيدر عبدالله القاضي ) الذي افاد بالتحريات بانه قد تنازل عن مدارس القبس الى منظمة العون الانساني ولكنه تنازل غير مودع بالمسجل التجاري بحد قولها ، ونبهت الى ان مدارس القبس مملوكة لشركة الخرطوم للتعليم الخاص ويمتلكها قروب الوقفية المحدودة للضمان ، ولفتت الى ان هناك قراراً صدر من النيابة بتاريخ 21/6/2020م ، بفصل اجراءات البلاغ المتعلقة بمدارس القبس بمحضر تحري اخر .
دعم مشروع خدمي ..
ولفتت المحققة للمحكمة الى انها قامت باستجواب وكيل وزارة المالية المكلف انذاكد.ازهري ادريس ، حول مبلغ الدعم المقدم للمنظمة من المالية ،وافادها بان المبلغ تختص به ادارة المصروفات بوزارة المالية ، واضافت بان وكيل الوزارة وقتها قال بمحضر التحريات بان الغرض من استخراج وزارة المالية شيكاً من بمبلغ مالي لصالح منظمة العون الانساني كدعم في اطار تنفيذ مشروعات خدمية وليس لغرض اخر ، واردفت قائلة : بانها لاتعرف ماهية هذه المشاريع الخدمية للمنظمة.
دائن ومدين والعربتان ..
في سياق اخر اكدت المحققة المتحرية عند مناقشتها بواسطة ممثل دفاع المتهمين الاول والثاني ، للمحكمة بانها لم تجد مستنداً او دفتراً مالياً يوضح بان المتهم الثاني (خبير مالي ) دائن للمنظمة ، ولكنها استطردت بقولها : بانه وبالتحريات هناك مبالغ عبارة (دائن ومدين) للمتهم الثاني ، وحول معروضات البلاغ العربتان الميتسوبيشي اوضحت المتحرية للمحكمة بانها تحرت حول اسس وضوابط منظمة العون الانساني لتمليك العربات لموظفيها وفق لوائحها حيث اشترط تسليم العربة لموظف عامل داخل المنظمة .
في ذات المنحنى افادت المحققة للمحكمة بانها حجزت العربتين كمعروضات في البلاغ لانه تم شراؤهما بجزء من مبلغ الدعم المقدم من وزارة المالية للشاكية المنظمة ، فيما اوضحت بان المتهم الثاني ليست له اي علاقة بالمنظمة او بمبلغ (1.500000) دولار امريكي .
شكوى ضد المحققة ..
في ختام مناقشة دفاع المتهمين الاول والثاني للمحققة وكيلة نيابة الاموال العامة غادة محمود، كشفت للمحكمة عن تقديم المتهم الثاني شكوى ضدها خلال تحرياتها معه امام النائب العام ، واضافت بقولها : (نعم قدم ضدي المتهم الثاني شكوى للنائب العام ولكن لم يكن هناك اي رد من النائب العام حول الشكوى المقدمة ضدها ومن ثم  واصلت عادي تحريات في البلاغ ولم اتوقف )  .
توجيه وتكليف ..
عند اقتراب الساعة الحادية عشرة صباحاً كان المحامي هاشم ابوبكرالجعلي ، ممثل الدفاع عن المتهم الثالث قد بدأ في مناقشته للمتحرية التي افادت بان علاقة المتهم الثالث (علي عثمان محمد طه) بدعم وزارة المالية للمنظمة الشاكية هو بانه وبحسب افادته بالتحريات كشاهد بتاريخ16/12/2018م بانه كلف ووجه شفاهة وزير المالية الاسبق بدرالدين محمود ،وهو المتهم الرابع في القضية فصل الاتهام في مواجهته لانه هارب، باستخراج دعم لمنظمة العون الانساني بمبلغ (3)ملايين جنيه سوداني ،واضافت قائلة : بان ذلك ما اكده المتهمان الاول والثاني بالتحريات .
قصة الدين المسترد   ..
من جهتها كشفت المتحرية للمحكمة عند مناقشتها بواسطة ممثل الاتهام عن الحق العام وكيل نيابة الاموال العامة ابقراط عبدالله ، بانه ثبت لها بالتحريات بان المتهم الثالث علي عثمان محمد طه ، قام بتسليم رئيس المجلس الاستشاري لمنظمة العون الانساني  سعودي الجنسية عادل البترجي ، مبلغ (1.500000) مليون دولار امريكي على دفعات من الحساب الخاص برئاسة الجمهورية ، منوهاً الى ان المتهم الاول هو من استلم المبلغ على ان يرد بالمكون المحلي ، ونبهت الى ان سعر الدولار وقتها كان يعادل (3)جنيهات وعند رد المبلغ بالجنيه كان قد قفز الدولار لـ(6)جنيهات سودانية بدلاً عن (3) جنيهات .
فيما اوضحت بان هناك مبلغ (3)ملايين جنيه استلمه المتهم الثالث (طه) عبر الشاهد مدير مكتبه انذاك بعد ان قام الاخير باستلامه من المتهم الاول .
وكشفت المحققة المتحرية للمحكمة عن معلومات مثيرة افادت خلالها بانه وعند فشل المدعو رئيس المجلس الاستشاري لمنظمة العون الانساني عادل البترجي  في رد مبلغ (1.500000)دولار امريكي بالمكون المحلي لارتفاع سعر الدولار وقتها قام المتهم الثالث (طه ) بتوجيه المتهم الهارب وزير المالية الاسبق بدرالدين محمود عباس ، باستخراج دعم مالي  لمنظمتي (بان كير ) و(العون الانساني ) تحت مظلة دعومات حتى يتمكن من رد فارق المبلغ للحساب الخاص برئاسة الجمهورية ،وكشفت في ذات الوقت بان وزارة المالية ليس لها اي علم بمبالغ الاستدانة (لعادل البترجي )من حساب رئاسة الجمهورية .
دعم صوري ..
واماطت المحققة المتحرية للمحكمة اللثام عن مزيد من المعلومات المثيرة وكشفت قائلة : بان الدعم المصدق من وزارة المالية لمنظمة العون الانساني هو في الاصل مبلغ دعم (صوري) بغرض رد مديونية مبالغ بالدولار استخرجت من حساب الخاص برئاسة الجمهورية بواسطة المتهم الثالث علي عثمان محمد طه لصالح رئيس المجلس الاستشاري لمنظمة العون الانساني وقتها عادل البترجي .
رفض طلب ..
عند الساعة الثانية عشرة الا (15) دقيقة امرت المحكمة برفع جلسة المحاكمة ومن ثم معاودتها بعد ربع ساعة لسماع اول شاهد اتهام وهو المراجع بديوان المراجعة القومية ، حينها اعترض جميع ممثلي دفاع المتهمين على ذلك ،والتمسوا من المحكمة ترتيب الاجراءات وسماع الشاكي اولاً ومن ثم شهود الاتهام، وعللوا بانه لايوجد ما يحمل على تجاوز سماع الشاكي بعد شهود الاتهام، الا ان المحكمة رفضت طلبهم واستخدمت سلطاتها الممنوحة لها بموجب المادة (140) من قانون الاجراءات الجنائية المتعلقة بالتقديم والتأخير وقررت سماع المراجع.
مراجعة وقانون
من جانبه مثل مدير المراجعة الجنائية بديوان المراجع القومي النور مكرم عبدالرحمن النجومي ، واقسم مغلظاً بان الحق لاسواه بوصفه شاهد اتهام اول ،  وقال بانه قام بمراجعة الشاكية المنظمة بخطاب صادر من رئيس مجلس ادارة شركة قروب الوقفية ومنظمة العون الانساني وشركة الخرطوم للتعليم الخاص عادل البترجي ، منوهاً الى انه وبموجب نص المادة (3) من قانون ديوان المراجعة القومية لسنة 2015م  كُلف بمراجعة المنظمة باعتبارها من الجهات الخاضعة لمراجعة الشركات والمؤسسات التي تسهم فيها الدولة.
تصرف في الدعم
وكشف شاهد الاتهام الاول المراجع للمحكمة بانه من خلال المراجعة وجد دعماً من وزارة المالية للمنظمة بمبلغ (3)ملايين جنيه لدعم مشروعاتها ،لافتاً بان المبلغ دخل حساب المنظمة (5606)على بنك النيل فرع عفراء بالخرطوم بتاريخ 29/12/2014م ، مشيراً الى انه وبالمراجعة اتضح ان مبلغ الدعم حول الى حساب وديعة خاص بالمنظمة بالرقم (6574) بتاريخ 31/12/2014م ، ونوه المراجع الى انه وبالمراجعة وجد بانه تم التصرف في مبلغ الدعم بشيكين الاول بمبلغ (930) الف جنيه سوداني لصالح شركة دال للسيارات عبارة عن مقابل شراء عربتين ميتسوبيشي ،اضافة الى مبلغ بشيك اخر قدره (2.70) مليون جنيه سوداني لصالح المتهم الثاني ، موضحاً بانه استفسر المدير المالي للمنظمة حول استخراج مبالغ الشيكين (الدعم) وافاده بانه قام بدفعها حسب توجيه المتهم الاول الامين العام السابق لمنظمة العون الإنساني.
عدم استغلال الدعم
في ذات السياق اوضح شاهد الاتهام الاول (المراجع ) للمحكمة، بانه وبالمراجعة تبين له بانه لم يتم استغلال مبلغ الدعم الصادر من الحساب العام لوزارة المالية لصالح منظمة العون الانساني – حسب الهدف المصدق له وهو دعم مشروعات المنظمة ، بحد قوله ،لافتاً الى انه وبالمراجعة ان جملة المبلغ المعتدى عليه من حساب المنظمة الشاكية بحسب تقرير المراجعة في البلاغ هو مبلغ (3)ملايين جنيه سوداني.
أوامر المحكمة
وامرت المحكمة برئاسة القاضي رافع محمد عبدالنور معلا ، باعلان الشاكية في البلاغ فاطمة سالم، من مفوضية العون الانساني للمثول امامها في الجلسة المحددة بـ(الاحد) القادم ، وذلك لسماع اقوالها في القضية ، وحذرت المحكمة الشاكية من الغياب لاسيما وانه تبين بان المحكمة سبق وان اعلنت الشاكية بجلسة الامس الا انها لم تمثل بالمحكمة.
في ذات السياق امرت المحكمة باعلان شاهد الاتهام الثاني المدير المالي لمنظمة العون الانساني الشاكية.

صحيفة الإنتباهة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..