الخـــــــــائن !!!

حين رأوا أن الرجل يشاطرهم الرأي ، و يقاسمهم الفكرة .. حين أبدى لهم تأفُّفه من حكم المنافقين ، و عاهد زملاءه على المُضيِّ معهم حيث يمضون ، وثقوا فيه و ضمُّوه إليهم ، و أفشَوا له أسرارهم ..
• ثم حانت اللحظة التي حزموا فيها أمرهم ، و عزمُوا على التنفيذ ، و تقاسمُوا المهام ، و أوكلُوا إليه قسطه منها ، و حدَّدُوا ساعة الصفر.. كانُوا واثقين أنّ أمرهم لن ينكشف حتى يبلغُوا هدفهم ، فقد ظنُّوا أنّه ليس بينهم “خائن” ..
• أمّا هُو ، فلعلّه لم يكن ينوي الخيانة ، و لكنّ قلب الجبان ليس بيده ، فما إن خلا الرجل إلى نفسه ، و راح يفكِّر في ما هم مقدمون عليه من مغامرة لا يعني الفشل فيها إلا الموت .. حتّى خفق قلبه و حاصرته الكوابيس المرعبة ، تصوّرَ نفسه أمام (الدروة) و الرصاص ينهمر على صدره.. تخيّل الحال التي ستكون عليها عائلته حين يقال لها إنّ ابنها الضابط الشابّ ، الذي تنتظر اليوم الذي يصبح فيه جنرالاً عظيماً و قائداً مرهوباً ، قد حوكم عسكرياً و أُعدم و دفن في مكان مجهول.. أرعبته الفكرة فلم يعُد يملك السيطرة على “أخلاقه” ، فقرر أن ينجو بنفسه..
• تسلَّل الخائن من بين زملائه خلسةً ، و مضى إلى حيث قادهُ جُبنه .. و أفشى سرَّ زملائه .
• لعلَّهُ كان حزيناً و هو يرى زملاءه الضبّاط الشباب ، يُساقون إلى صحراء قاحلة ، و يؤمرون بحفر “قبرهم” الجماعي ، ثم تُطلق النارُ على ظهورهم ، ثم يتمُّ جرُّهم إلى الحفرة التي أُكرهوا على حفرها ، ثمّ يهالُ التراب عليهم و بعضهم ما يزالُ حيَّاً..
• لعلّهُ كان حزيناً إذ ذاك ، و لكنّهُ نسي سريعاً ، خصوصاً بعد أن كافأوه بالرُّتب السُّحت و بالمال السُّحت .. كافأوه على الخيانة فقرَّبوه من سيِّده و أصبح يتلقّى التعليمات منه مباشرة .. و خلال ما يناهز ثلاثين سنة ، نسي تماماً أنّه خائن جبان ..
• سوف ينكشّف قريباً ، قريباً جدّاً ، أمر ذلك الخائن الذي وشى بشهداء رمضان ..
*************** ****************
• في إحدى الحافلات التي تعمل في بعض ضواحي الخرطوم بحري ، كان الفتى “حمّاد” ، الذي لم يبلغ العشرين ، هو “الكمساري” ، و كان قد أنجز عمله في تحصيل تعرفة الحافلة من الركاب ، حين رأى في مقاعد الحافلة الخلفية عدداً من الشباب يعلو نقاشهم حول مصير (قتلة الشهيد أحمد الخير) الذين تمَّ الحُكم بإعدامهم منذ ما يقارب السنة ، و لم يتم ، و لم يُعلن حتّى ، موعد التنفيذ ، بعد أن مرّ الحُكم بكل مراحل التقاضي حتى المحكمة العليا التي قيل إنّها أيّدت الحُكم..
• بعض الشباب علّق قائلاً إنّ “الجماعة ” يؤخرون التنفيذ حتّى يفرجها الله “بإنقلاب” فيُطلق سراحهم بعد أن يتم “تحرير” البشير و بقية عصابته ..
• حينها تدخّل الفتى البسيط “حمّاد قائلاً بتلقائيّة : (وحاااات الله هسّع دي كان واحد فيكم كتل له كوز ، باقي اليوم ده يتحاكم ، و باكر دغش ينفذوا فيهو حكم الإعدام)…
صدق الفتى حمّاد..
علي يس