أخبار السياسة الدولية

أول رحلة مباشرة بين إسرائيل والإمارات تعبر أجواء السعودية وتحط في أبوظبي

تسيير أول رحلة جوية تجارية مباشرة بين الإمارات وإسرائيل بعد فترة وجيزة من الإعلان عن توصّل البلدين إلى اتفاق على إقامة علاقات طبيعية بينهما، عكس حرصا مشتركا على اختصار المسافات وربح الوقت في ترجمة الاتفاق إلى تعاون عملي في عدّة مجالات، بينما أشّر عبور الرحلة لأجواء السعودية على وجود موقف وسط للرياض من مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل يتلخّص في رفض ممارسته حاليا، دون الاعتراض في المقابل على من قرّروا القيام بذلك.

أبوظبي- حطّت، الإثنين، في العاصمة الإماراتية أبوظبي أول طائرة تقوم برحلة جويّة تجارية بين إسرائيل والإمارات كانت انطلقت من مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب وعلى متنها وفد إسرائيلي أميركي يترأسه صهر الرئيس الأميركي ومستشاره جاريد كوشنر ويضم كلاّ من مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، ومائير بن شبات رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إلى جانب نحو عشرين مسؤولا من المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

واستغرقت رحلة طائرة البوينغ 737 قرابة الساعتين ونصف الساعة فقط، وذلك بفضل اختصار مسار الرحلة التي عبرت الأجواء السعودية بموافقة سلطات المملكة، وذلك في قرار لافت للرياض التي أعلنت رفضها تطبيع العلاقات مع تل أبيب قبل التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، لكنّها لا تبدو في المقابل بصدد القيام بأي إجراء من شأنه تعطيل مسار تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع دول عربية أخرى، وهو موقف وسط من شأنه أن يرضي الحليف الأميركي الحريص على إدماج إسرائيل في المنطقة وبناء علاقات مختلفة لها مع بلدانها، لاسيما بلدان الخليج.

وأظهرت مواقع تحديد مسارات الطائرات أنّ الطائرة الإسرائيلية مرّت فوق العاصمة الرياض لكنّها تجنّبت أجواء البحرين وقطر. وحملت رحلة شركة العال الرمز “إل واي 971” وهو رقم الاتصال الدولي للإمارات وخُطّ على الهيكل الخارجي لقمرة القيادة كلمة “سلام” بالعربية والعبرية والإنجليزية. فيما حملت رحلة العودة رقم الاتصال الدولي 972 الخاص بإسرائيل.

وتعليقا على الخطوة السعودية قال كوشنر عند نزوله من الطائرة “هذه أول مرة يحدث فيها هذا الأمر وأود أن أشكر المملكة العربية السعودية لجعل ذلك ممكنا”.

كما هنّأ كوشنر الإمارات وإسرائيل على إتمام الرحلة التجارية المباشرة الأولى بينهما، مؤكّدا في كلمة على أرض مطار أبوظبي أنّ “السلام أمر ملح لشعوب المنطقة”.

وفي موضوع التسلّح الذي أثير على هامش الإعلان عن سعي الإمارات لاقتناء مقاتلات أف 35 فائقة التطور من الولايات المتّحدة، قال كبير مستشاري الرئيس ترامب إن بوسع واشنطن الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل وتعزيز علاقاتها مع الإمارات في آن واحد.

وقبيل انطلاق الرحلة من إسرائيل أعرب كوشنر عن أمله بأن تكون بداية “مسار تاريخي في الشرق الأوسط”، داعيا الفلسطينيين إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.

وقال في مطار بن غوريون “نأمل أن تكون هذه الرحلة التاريخية، بداية مسار تاريخي في الشرق الاوسط وما وراءه”، مضيفا “يجب ألا يحدد الماضي شكل المستقبل.. هذا الوقت يبعث على الأمل بشكل كبير”.

ومن جانبه قال أوبراين إن الإمارات وإسرائيل ستكونان أكثر أمنا بهذا السلام، وإن التاريخ سيذكر قيادتي البلدين بأنهما صناع سلام.

واختار مائير بن شبات إلقاء كلمته بعد نزوله من الطائرة باللغة العربية، قائلا “وصلنا هنا لتحويل الرؤية إلى واقع”، داعيا دولا أخرى “للمشاركة معنا في صنع السلام من أجل شعوب المنطقة”، ومضيفا “علينا تعزيز القواسم المشتركة لتغيير الواقع”.

ومنذ إعلان إسرائيل والإمارات في 13 أغسطس الماضي عن توصّلهما لاتفاق بوساطة أميركية لتطبيع العلاقات بينهما، تسارعت الأحداث في اتّجاه ترجمة الاتفاق إلى تعاون فعّال بينهما في مختلف المجالات.

وشهد الأسبوعان الماضيان تكثيف الاتصالات بين البلدين، وألغت الإمارات السبت قانون مقاطعة إسرائيل لسنة 1972، منهية 48 عاما من المقاطعة.

وضمت وزارة الصحة الإسرائيلية في وقت متأخر الأحد الإمارات وثماني دول أخرى إلى قائمة “الدول الخضراء” ذات معدلات الإصابة المنخفضة بفايروس كورونا. وعليه تم إعفاء المسؤولين والصحافيين الإسرائيليين المسافرين إلى أبوظبي من الحجر الصحي لمدة 14 يوما عند عودتهم.

وقال متحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، الإثنين، بعد وصوله إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي ضمن الوفد الأميركي الإسرائيلي المشترك من أجندة الزيارة تتضمّن بحث التعاون الاقتصادي والعلمي والتجاري والثقافي بين الإمارات وإسرائيل، وإنّ تسيير الرحلات الجوية المباشرة بين الجانبين موجود أيضا على جدول الأعمال.

وورد في تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية بمناسبة تسيير أول رحلة تجارية مباشرة بين الإمارات وإسرائيل جردٌ لأبرز القطاعات التي يمكن أن تشكّل أساسا للتقارب الاقتصادي بين الدولتين.

وجاءت الأبحاث العلمية على رأس قائمة تلك المجالات حيث سبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن أعلن في يونيو الماضي، وقبل الاعلان عن الاتفاق المذكور عن تعاون مع الإمارات في مجال مكافحة وباء كورونا.

ويشكّل قطاع الأبحاث عموما عنصرا مهما في الاستراتيجية الحكومية الإماراتية، ويشمل الأدوية والأمراض والأسمدة وغيرها، كما هو الحال في إسرائيل.

ورأى كريستيان أولريشسن الباحث في معهد بيكر التابع لجامعة رايس في الولايات المتحدة أنّ “الأولوية العاجلة ستكون التعاون في البحث والتطوير لمكافحة كوفيد – 19، وقد تكون هذه طريقة شعبية لتطبيع العلاقات بين الناس في البلدين استنادا لفكرة أن التنسيق في مثل هذه القضية الملحة سيعود بالفائدة على البلدين”.

وبعد الإعلان عن اتفاق التطبيع وقّعت شركتان إماراتية وإسرائيلية في أبوظبي عقدا آخر لتطوير أبحاث ودراسات خاصة بفايروس كورونا المستجد، للمرة الأولى علنا في العاصمة الإماراتية بحضور وسائل إعلام إسرائيلية.

وعن آفاق التعاون في مجال الطاقة بين الإمارات وإسرائيل قالت إلين آر والْد الباحثة في مركز الطاقة العالمي التابع لمعهد المجلس الأطلسي إن احتياطيات النفط الهائلة للدولة الخليجية تمثل نقطة جذب كبيرة لإسرائيل، موضّحة “ستستفيد إسرائيل كثيرا إذا تمكنت من شراء النفط الإماراتي، وستستفيد الإمارات إذ سيصبح بإمكانها البيع لزبون متعطش”.

كذلك يعدّ تعزيز قطاع السياحة محورا رئيسيا للشق الاقتصادي في اتفاق تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية. ونظرا لأن العديد من الوجهات السياحية في المنطقة محظورة حاليا على الإسرائيليين، فإن الملايين الذين يسافرون إلى الخارج كل عام يتجهون عادة إلى أوروبا أو الولايات المتحدة. وسيصبح بإمكان هؤلاء السياح القيام برحلة قصيرة إلى المنتجعات على طول ساحل الإمارات العربية المتحدة. وتريد إسرائيل أيضا جذب الأعمال لقطاع السياحة الخاص بها لاسيما في تل أبيب الواقعة على البحر الأبيض المتوسط.

ويشكل قطاع التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل أكثر من أربعين في المئة من صادراتها، بحسب وزارة الاقتصاد، لذلك تطلق على نفسها اسم “أمة الشركات الناشئة”.

وفي الإمارات، تعتبر دبي خصوصا إحدى أبرز المدن العربية والعالمية استقطابا لهذه الشركات بفضل البيئة الحاضنة والدعم الحكومي لها. وتشير تقارير إلى أن أكثر من 35 في المئة من الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمركز في الإمارات وحدها.

وفي موازاة ذلك، تسعى الإمارات لأن تكون قوة في مجال التكنولوجيا عبر دعمها للعديد من المشاريع والاستثمار في هذا القطاع الرئيسي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي.

وصدّرت إسرائيل في عام 2016 ما قيمته 9.1 مليار دولار من منتجات التكنولوجيا الزراعية، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الزراعة الإسرائيلية.

وفي الإمارات، هناك توجه للتركيز على أسلوب الزراعة الذكية لتجاوز التحديات التي تواجه الزراعة في البلاد، ومنها الحرارة الشديدة وقلة الأراضي الزراعية بالإضافة إلى شح المياه. وبدأت في السنوات الأخيرة تنتشر في دبي مزارع الفواكه والخضار وغيرها على نطاق واسع.

والجمعة الماضية تعهدت الدولتان “بالتعاون في المشاريع التي تتناول الأمن الغذائي والمائي” إضافة إلى “البحث والتطوير وتربية الأحياء المائية والتقنيات الزراعية وغيرها”.

كما تملك إسرائيل شركات رائدة عالميا في مجال تنقية المياه، من بينها “أي.دي.أيي” الرائدة في هذا المجال والتي أقامت 400 محطة في أربعين دولة. ومن جهتها تعتمد الإمارات التي تعاني من شح في المياه ومناخ صحراوي على تحلية مياه البحر لتوفير مياه صالحة للشرب.

وبالإضافة إلى التعاون التجاري والاقتصادي، تلوح الآفاق واعدة لتعاون إسرائيلي إماراتي فعال في مجال الأمن والدفاع.

وتعبيرا عن رغبة الطرفين في تفعيل التعاون في المجالين أجرى وزير شؤون الدفاع الإماراتي ووزير الدفاع الإسرائيلي أول اتّصال هاتفي بينهما بعد إعلان بلديهما عن تطبيع العلاقات بينهما.

العرب اللندنية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..