مقالات وآراء

في ظل الحرية سلوكيات سلبية

ان تكون حراً لا يعني أن تتعدى على حريات الآخرين ، وتجبرهم على سماع صوتك النشاذ وانت تغني داخل الحمام. كما لا تعني الحرية أن تفعل كل ما تريده وترغب دون اعتبار للعادات والتقاليد وثقافة المجتمع الذي تعيش فيه، فلا بد لك أن تتأكد من مكابحك قبل الإنطلاق ومن سرعة سيارتك أثناء القيادة، لأنك إن فعلت تكون ملتزماً بالمواصفات الفنية وبالحدود القانونية التي تحميك وتحمي غيرك من العواقب غير المحمودة.
فالحرية لا تسمح لك أن ترسل مقطعاً غير أخلاقي عبر وسيلة التواصل الإجتماعي ” الواتساب” الى احد المعارف ، حتى ولو عن طريق الخطأ، أو ان تنشر تفاصيل جسمك وتتلوى امام الكاميرا كما الثعبان ليشاهدك الجمهور ويتأوه.
لا شك ان وسائل التواصل الإجتماعي لها آثار ايجابية متعددة ، كما أن لها سلبياتها المتعددة. فهذه البرامج هي نتاج ومعطى من معطيات الثورة الإعلامية الحديثة، لها استخدامات مفيدة للغاية إن احسنا التعاطي معها ، ولها ايضاً آثار ضارة للغاية حال سؤ استخدامنا لها.
قد يعود لجوء الشباب الى مثل هذه القفزات الهائلة في الفكر والسلوك ، أياً كان ، الى الفراغ الكبير الذي يعيشه ، وهناك ثلاثة أشياء اعتبرت من الأمراض التي تصيب المجتمع وهي الشباب والفراغ والثراء، فالشباب الذي لا يعمل عملاً منتجاً مصيره الضياع. كمثال كم من الشباب الذي تشاهده على الشوارع الرئيسية يطارد اصحاب السيارات بيعاً لمنتجات متنوعة أو طلباً للمساعدة . وقد تجدهم متحلقين جالسين على الأرض وسط الأحياء ، كل واحد منهم منهمكاً بكلياته يدس انفه ويحرك اصبعه وعيناه ثابتتان على شاشة جهاز الهاتف النقال.
هذا الشباب ، اذا دعوته الى عمل حملة لنظافة ما تبقى من جلود خراف الأضحية جافة تطلق روائح كريهة ، واكياس النفايات الملقاة على اطراف الازقة والشوارع ، أو فتح جداول لتصريف مياه المطر الراكدة في الميادين والمساحات الخالية لا يكترث. وعلى العكس من ذلك تماماً ، اذا اعلنت عن تنظيم تظاهرة ضد الحكومة ، يهب واقفاً لحرق الإطارات وقفل الشوارع بالمتاريس، في سلوك أقل ما يمكن أن يوصف به هو انه محير!!
واذا كان الثراء من ضمن الاسباب التي تلهي الشباب عن العمل المنتج الذي يعود بالفائدة له ولأسرته ولمجتمعه ووطنه، فإن هذا السبب لا يمكن تعميمه على شباب السودان الذي وصفناه اعلاه ضمنياً بالخمول والكسل. فنحن مجتمع ينتشر فيه الفقر في معظم العائلات، نعيش رزق اليوم باليوم.
الحرية لا تعني أن تفعل ما يضرك ، والمسؤولية الإجتماعية تحتم عليك ان لا تتغافل عن ما لا يضرك وان تتركه ليضر الآخرين.
من واجبات الدولة أن تعمل على ترشيد الشباب وتهيئ لهم الفرص في التعليم والصحة والعمل ، ان تعمل على الإستفادة من طاقاتهم الهائلة في ما يفيد الوطن السودان، أن تضع استراتيجية وطنية وخطط وبرامج للعمل حتى يجد ما يربحه من مال احترامه ، فالثروة بلا عرق لا تجد الاحترام ولا الإعتناء والتقدير.
الشباب هم عماد الحاضر وأملنا في المستقبل.. لا بد من الالتفات اليه..
رسالة واحدة محذوفة في هذه المحادثة. راجع الرسالة أو احذفها نهائيًا.

فيصل سعدالدين احمد
[email protected]

‫2 تعليقات

    1. الحرية من الزاوية التي أقصدها في المقال اعلاه اعني بها قدرة الفرد على مزاولة اعمال او ممارسة أنشطة دون ان يجبره على ممارستها احد ولكن بشرط الا تكون مخالفة للقانون الذي ينظم المجتمع. واذا رجعت للمقال المقصد واضح ، نشاط وممارسات الشباب المنتشر في الشوارع ( الأنشطة : منها استخدام الضار لبرنامج الواتساب او بيع مناديل او فاكهة او التسول ) ..
      ان شاء الله الفكرة وضحت ..وشكرا على المداخلة والتعليق..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..