مقالات وآراء

السيد بيل جيتس: أذكى الأذكياء، أثرى الأثرياء، وصديق الفقراء!!

تابع العالم في غضون الشهور المنصرمة الإتهامات التي وجهت للسيد بيل جيتس بهجوم. هذه الإتهامات التي أتت مرتبطة بتفشي وباء كورونا، الذي تحول في نهاية الأمر إلى جائحة جبارة وعابرة للدول والقارات. لفقت في شخص ببيل جيتس تهم عمياء ليس لها مبررات. بأنه يسعى للتسلط بماله على العالم وقراراته. هذه التهم التي تأتي متدفقة بشكل عاطفي ولا علاقة لها بالشكل العقلاني، لا تناسب إنسان مثل بيل جيتس، بل تمس بشخصيته وتجرحها من دون دواعي أو أسباب. مثل هذه التهم تنصب في نطاق نظريات التآمر. وبتفشي فيروس كورونا عالميا، ولدت نظرية التآمر على بيل جيتس، وألصقت عليه. شخص في غنى عما يحاك به من قول، أو يلفق عليه من تهم لا تناسبه. وحقيقة هذه النظرية التي تلبس له قسرا، تترك إنطباع سلبي ملازم للنفس. بيل جيتس هو العالم المبتكر الذي حارب وما زال يحارب القرصنة بإختراعه في مجال الحاسوب، فهل يا ترى هو قرصان على العالم؟

لنتعرف أولا على من هو بيل جيتس وفي صورة مبسطة: هو ذاك الطالب الذكي، الذي يصنف من أذكى أذكياء العالم. تمكن بيل جيتس من تأسيس عمله وهو طالب بجامعة هارفارد العريقة. الشيء الذي مهد له مع صديقه باول آلان من من تأسيس شركة المايكروسوفت في العام 1975، ومن ثم تطويرها لتكون الرائدة عالميا في مجال الحاسوب والبرمجة. تمكن بيل جيتس لاحقا من القيام على إدارة الشركة بنفسه، الطموح الذي دعمه بمجهوده الشخصي وذكاءه إلى الوصول إلى مرامي الرواد. شخصية بيل جيتس شخصية علمية محطة، تبني على الحقائق العلمية، قبل أن تبني على المكاسب المادية. وإذا لم يكن الحال هكذا، لما تمكن بيل جيتس من المنافسة بما ينتج من منتجات قيمة، وليس لمجال الحاسوب بشتى ضروبه من مخرج بدونها. بيل جيتس يعني في المقام الأول بالجودة وتطويرها تطوير علمي دقيق. الشيء الذي جعل من شركته “المايكروسوفت”، إسم يعرفه كل العالم، ولا يعرف سواه.

هذا المجهود أتى بثمره بعد صبر ومثابرة لما يحتاج له العالم من منتجات معقدة التركيب. إشتهرت هذه المنتجات بجودتها وتطورها، لترفد كل الدول وكل المؤسسات بما تحتاج له في مجال الحاسوب الدقيق. تطورت سبل البرمجة في الميايكروسوفت، ومهدت لبيل جيتس لأن يصبح أكثر شهرة، ولاحقا أكثر ثروة. لم يأتي هذا من العدم، ولكنه أتي نتيجة للمثابرة والعمل الدؤوب والتدبير في شؤون الإدارة والإنتاج بجودة عالية. الشيء الذي يسر لبيل جيتس في نهاية الأمر لأن يتوج في العام 2005 ليصير أثرى أثرياء العالم وإلى يومنا هذا. هنا ليس المجال للإفصاح عما يملكه بيل جيتس من ثروة، فهذا شيء يخصه نفسه، ولكن الشيء الأهم هو إبراز بعض الشيء الذي يعمل من أجله بيل جيتس، والذي يكاد يكون غائب عن حاضرة كثير من الناس، وللأسف حتى عن حاضرة فئة كبيرة من المتعلمين. هنا على سبيل المثال، إهتمام بيل جيتس بمجالات كالصحة والتعليم ومحاربة الفقر في دول العالم.

بيل جيتس هو من الأثرياء النادرين، الذين يهمهم شان العالم ومشاكله الإنسانية. بيل جيتس كأثرى أثرياء العالم، ليس هو فقط إنسان ذو قلب كبير على الفقراء، بل أيضا صديق مقرب إليهم بمشاريع تعني بالإنسانية وسبل تطويرها. للننظر لبعض الحقائق الثابتة: ترفض كثير من شركات الأدوية العالمية تطوير أدوية تعالج أمراض المناطق الحارة. وهذا لأن تطوير دواء واحد من مثل هذه الأدوية يستمر لمدة تتراوح في المتوسط ما بين 10 إلى 15 عام. ويمكن أن يكلف تطوير دواء واحد للشركة المنتجة له ما بين 4 إلى 10 مليار دولار. هذه القيمة المنفقة يجب أن تكسبها الشركة بعد الإنتاج من التسويق. هنا ترفض الشركات الإنتاج لعدم تمكن دول المناطق الحارة من دفع العائد المطلوب أو المتوقع تسويق الدواء، وهذا مثلا للعجز المادي لهذه الدول المعنية. تأتي إجابة بيل جيتس على هذا السؤال، بدعمه الغير محدود في كيفية محاربة أمراض المناطق الحارة، بل حلمه ذات يوم، في القضاء عليها كليا.

يحمد لبيل جيتس، وبناء على نتائج ثابتة، إهتمامه الزائد بتوفير الدواء والأمصال لإنسان الدول الفقيرة. نجد مثلا إهتمام بيل جيتس الفائق بمرض الملاريا. “المرض الذي كان جزءا من بحثي، لتحضير رسالة الدكتوراه”. وقتها مول بيل جيتس من ثروته أكبر وأنجح برنامج لمكافحة الملاريا في الدول النامية، وحمل البرنامج إسم “مشروع دحر الملاريا”، أو مشروع “ذا رول باك ملاريا”. وهنا يتمثل الإهتمام العلمي لبيل جيتس بمشاريعه، ليس فقط تمويله للعلاج من أدوية وسبل مكافحة الناموس الناقل في شتى أطواره، بل تمويله للبحث العلمي لهذا المرض الذي يصاب به في كل عام حوالي 500 مليون شخص، ويموت بسببه حوالي 2 مليون شخص، منهم أكثر من مليون طفل تحت سن الخامسة من العمر. لم يعمل بيل جيتس لمفرده في هذا المشروع، بل إتخذ من منظمة الصحة العالمية مرجع هام، للتحري أكثر في المجال الطبي، وصحة سير مشروعه الذي أدى لأول مرة في تاريخ الطب لدحر الملاريا. بيل جيتس هو من قلائل الأثرياء في العالم الذين يسخرون ثروتهم بسخاء كمنح دراسية للطلاب الفقراء والمتميزين في أعرق الجامعات.

هذا النجاح شجع بيل جيتس ليكافح أكثر من أجل الإنسانية ومستقبل إنسان العالم. إجتهد بيل جيتس في تطوير مصل، ربما جعل ذات يوم من الملاريا مرض مندثر، مثله مثل مرض الجدري الذي تلاشى بسبب تطعيمه على نطاق العالم. إهتمام بيل جيتس بالأوبئة الفتاكة لا يأتي عن فراغ، بل يأتي لإدراكه المطلق، بأن الوبائيات الفتاكة هي من أخطر أعداء الإنسان، التي يكون ضحيتها في المقام الأول الفقراء من الناس. وهنا كمثال، مرض الملاريا الذي ينتشر في الدول النامية، ويتأثر به الفقراء. من هنا يأتي أيضا إهتمام بيل جيتس بفيروس كورونا ونتائجه. هو أول ملياردير يتدارك خطر هذا الفيروس على الدول الفقيرة. الشيء الذي جعله يلتزم بالتمويل لتوفير المصل الواقي منه، والشيء الذي لم يفهمه حتى الآن، المروجين لنظريات المؤامرة ضده من دون حق. عمل الخير الذي يقدمه بيل جيتس وزوجته ميليندا جيتس للغير ومن دون شروط، شجع بعض آخر من الأثرياء، متأثرين ومتذكرين بفعله للإنسانية.

بيل جيتس يعمل مع زوجته مليندا جيتس يد بيد من أجل تحقيق أهداف سامية تخدم العالم وإنسانه. فهم الأثنين من المقربين للفقراء بما يملكون من ثروة طائلة. ولا تخطيء العين منظمتهم الطوعية “بيل وميليندا جيتس فاونديشن”، والتي تعمل في كثير من الدول وفي شتى المجالات، وتسخر لخدمة الإنسان أينما كان. تهتم منظمتهم في المقام الأول بالتعليم والصحة والعدالة الإجتماعية بمحاربة الفقر. في الصحة بمكافحة الأمراض الإلتهابية كالسل والملاريا والأيدز، وفي التعليم ببناء المدارس، وتخصيص منح دراسية للطلاب الفقراء. كل هذا يأتي من دون طلب شكر أو مقابل مادي، لما يقدموه للفقراء من الناس، وهم أغنياء عن حقوق الضعفاء والمحتاجين. لقد قال بيل جيتس في لقاء من لقاءاته، بأنه يملك مال وفير، وأنه لا يحتاج لكل هذا المال. هدفه أن يقتسم ماله مع إنسان العالم، وخصوصا الفقراء، والذين هم يحتاجونه أكثر من غيرهم – فهلا سمعنا وفهمنا الرسالة التي يحملها بيل جيتس تجاه هذا العالم!!

د. حسن حميدة – ألمانيا

E-Mail: hassan [email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..