فحين كانت ثورة ديسمبر الفتيه هللنا وكبرنا وقد أشرقت شمس الحريه في بلادي
فضحكنا ضحك طفلين معا.. وعدونا فسبقنا ظلنا..
وانتبهنا بعد مازال الرحيق.. وافقنا.. ليت انا لا نفيق
ففرحنا واصبحنا احرارا
نزغرد ونصفق ويقبل بعضنا بعضا
آه من قيدك أدمى معصمي .. لم أبقيه وما أبقى عليَّ
وفي حين غرة فاذا بالمنادي ينادي ان لا تفرحوا طويلا
وان لا تضحكوا طويلا
وان لا تعانقوا الوطن طويلا
فنحن أهل الهبوط الناعم نحييكم
والبيان رقم ١ والذي صدر تحت توقيعنا بقصر الشعب
فعودوا من حيث اتيتم
ولتعود قيودكم لتكبلكم من جديد.
عودوا الي اسوار السجون لتحلقكم الاغلال
وليعود السجان ليجلدكم من جديد
وعفوا لا تغنوا كما غني وردي :
اليوم نرفع راية استقلالنا
ويسطر التاريخ مولد شعبنا
يا إخوتي غنو لنا اليوم
يا مهد أجدادي ويا كنزي العزيز المقتنا
كرري تحدث عن رجال كلأسود الضارية
خاضو اللهيب وشتتوا كتل الغزاة الباغية
والنهر يطفح بالضحايا بالدماء القانية
ما لان فرسان لنا بل فر جمع الطاغية
يا إخوتي غنو لنا اليوم
وليذكر التارخ أبطالا لنا
عبد اللطيف وصحبهو
غرسو النواة الطاهرة
ونفوسهم فاضت حماسا كالبحار الزاخرة
من أجلنا سادو المنون
ولمثل هذا اليوم كانوا يعملون
غنو لهم يا إخوتي ولتحيا ذكرى التاريخ
يا إخوتي غنو لنا اليوم
إني أنا السودان أرض السؤدد هذه يدي
ملأى بألوان الورود قطفتها من معبدي
من قلب إفريقيا التي داست حصون المعتدي
خطت بعزم شعوبها آفاق فجر أوحد
فأنا بها وأنا لها
وسأكون أول مقتدي
قلنا لهم لن نغني نشيد وردي الجميل
ولكن اين هو ثورتي التي كانت؟
ومن سرقها؟
من نزع عنها جمالها
والجمال دين الحكماء كما يقول شاعر هندى
فهل تبقت فى حياتنا مآلات نلوذ اليها من عذابات حياة ملؤها الخوف من غد كئيب ؟
وهل بقى فى السودان جمال وقد اكتست كل الوجوه حزنا وعبوسا
أين هي ثورتي التي كانت ؟
ومن سرقها؟
يقول جبران خليل جبران يا ايها الذين حاروا فى سبيل الاديان المتشعبة
وهاموا فى اودية الاعتقادات المتباينة
فرأوا حرية الجحود اوفى من قيود التسليم
ومسارح النكران اسلم من معاقل الاتباع
اتخذوا الجمال دينا واتقوه ربا
فهو الطاهر فى كمال المخلوقات
انبذوا الذين مثلوا التدين لهوا
والفوا بين طمعهم بالمال
وشغفهم بحسن المآل
فتسآلنا اين هي ثورتي التي كانت؟ ومن سرقها؟
وياايها الذين ضاعوا فى ليل التقولات
وغرقوا فى لجج الاوهام
ان فى الجمال حقيقة نافية الريب مانعة الشك ونورا باهرا يقيكم ظلمة البطل تأملوا يقظة الربيع
ومجئ الصبح ان الجمال نصيب المتأملين .
لا اريد اخوتى ان ينطبق علينا قول الشاعر ايليا ابو الماضى :
والذي نفسه بغير جمـــالٍ – لا يرى في الوجود شيئاً جميلا
فحقيقة لم ترى عيناى شيئا جميلا فى بلادى سوى بسمات اهلى الطيبين وكلماتهم الحنونه
فاين هي ثورتي التي كانت ؟
ومن سرقها؟
وعم تتحدثون اخوتي
– زيادات مهولة فى اسعار الخبز اليومى
ورطل اللبن وربطة الجرجير بل كل السلع الاساسية الذرة والسكر والصابون وزيوت الطعام
وتذاكر البصات السفرية واللواري.
حقا فلقد اكتسى الوطن حزنا وبصناعة وطنيه
وليل بلادى اصبح اكثر ظلمة
واسواق بلادى ملؤها الفوضى
وطرق بلادى اكثر وعورة
وما اكثرهم اشباه البوعزيزى التونسى وقد تنادوا
وفى ايديهم قداحات تكاد تشتعل.
فأين هي ثورتي التي كانت ؟
ومن سرقها؟
لم أنعم بها اخوتى وحقا فهي قد سرقت مني
لم انعم بها اخوتي وقد ضاعت مني
بل دعانى بعضهم لسماع الغريب والعجيب ودسيس مان وشوتايم ثم ذهب إلى القصر وقد تركني حبيسا
وقد كنا ركوبا لركشة يكاد ازيزها يصم الآذان
فأين هي ثورتي التي كانت؟
ومن سرقها؟
فنسبة الفقر في البلاد قد وصلت إلى (46%)
حروب وعدم استقرار وغياب عدالة في توزيع الموارد
و غبن اجتماعي وضعف في الإنتاجية
فأين هي ثورتي التي كانت؟ ومن سرقها؟
تدهور صحي وبيئي
وتدهور مالي وفساد
وتدهور زراعي و انهيار للمشاريع في كل مكان
وتقاوي وأسمدة فاسدة
فأين هي ثورتي التي كانت؟
ومن سرقها؟
لقد توقفت مصانع الغزل والنسيج و بيعت وخصخصت عدد كبير من المصانع والممتلكات العامة
وانحطاط كبير في مستوى الإدارة السياسية في البلاد
وتدخل من الدولة في تفاصيل الأنشطة الاقتصادية
فأين هي ثورتي التي كانت؟ ومن سرقها؟
عطاله مقنعه وهجره جماعيه
فأين هي ثورتي التي كانت؟ ومن سرقها؟
ولكن رغم كل هذا الانين وكل هذه الآهات التي في القلوب
يظل الوطن في حدقات العيون
اللهم احفظ السودان من كيد الكائدين
إعطني حريتي أطلق يديَّ .. إنني أعطيت ما استبقيت شيَّ
………………………………..
محمد حسن شوربجي
[email protected]
