مقالات وآراء

أبطلوا التيمم أيها الثوار

عبدالدين سلامه

بكت السماء والأرض بحرقة في عام 1988 م وهي تودع ديمقراطية انتظرها الشعب أكثر من عقد ونصف، ولم تكتمل فصولها، وهاهما تبكيان من جديد بعد توقيع اتفاقيتي المحاصصة في جوبا وأديس، ولكن حرقة البكاء هذه المرة تبدو أشدّ، فهل هي دموع خوف من الآتي أم دموع فرحة عارمة به ؟؟؟

قوادم الأيام وحدها هي من سيجيب على هذا السؤال، ولكن المثل الكردفاني يقول (الخريف الليّن .. من رشاشو بيّن)، ورشاش النخب السياسية الحاكمة وغير الحاكمة الذي نراه، لايبشر بخريف جيد ولاحصاد يستحق فرحة أو قلق الانتظار، ومستقبل البلاد لايستطيع أقوى المحللين التنبؤ به، لأن صراعات المحاور المشتدة بأيادي سياسيي الداخل خلطت كل أوراق مستقبل الثورة، وتوزيع تهم الانحراف والفشل والتخوين بين النخب السياسية بلغ مستوى غير مسبوق، والعمل التنفيذي غدى صفرا كبيرا على الشمال.

مشاكلنا كبيرة، وتحتاج لتكاتف الجهود، ففصيل واحد أو مكون واحد، مهما ملك القوة والقدرات لن يتمكن منفردا من حلحلة العقد الكثيرة، وتقاسم الحلول هو السبيل الأفضل لسرعة حلحلة المشاكل والعقد، وحركات محاصصات جوبا التي دعاها البرهان للإسراع بالقدوم للخرطوم للمشاركة في السلطة، لم تفكّر في مشاركة أهلنا محنة وكوارث الفيضانات، ولم تأتي بجنودها لمدن السودان المنكوبة ليشاركوا في إنقاذ أصبح فرض عين لا كفاية على كل من يحمل جينات هذا الوطن، ربما قد يكون جنودهم يجيدون القتل لا الإحياء، واكتفى بعضهم بالتأسي على الوضع كأفضل تعبير، ولعمري هذا هو السقوط الأول للجبهة الثورية، وذات المفهوم ينطبق على أحزاب الداخل التي لم تهب للغوث، ولم نشاهد زعيما سياسيا واحدا بمن فيهم رئيس وزراءنا، يخوض المياه ويتفقد أحوال رعيته المنكوبة.

الإستماتة في محادثات تقاسم الثروة والسلطة التي كانت سببا لفصل جنوبنا العزيز، والتي استغرقت عاما كاملا من عمر ثورتنا الحالية، يبقى الوقوف مع الشعب وقت الأزمات والكوارث، وتسخير الإمكانات المتاحة، من أهم ضرائبها واستحقاقاتها، وهو مايجب أن يفهمه جميع المقاتلين والساسة، فالوطنية ليست شعارات وتصريحات إعلامية جوفاء تختلف مضامينها عن واقع التفكير العملي، ولكنها قناعة وتفاعل مع كل أحاسيس الوطن.

الوطن يحتاج رجال دولة لارجال أحزاب أو ناشطين أو متزمتين، يحتاج لمواطنين يملكون الكفاءة وينعمون بالدراية ويحسنون التّصرّف ويدافعون عن رؤيتة لا عن أهداف المحاور، وأن يكون همهم البناء لا الكراسي، والمباديء لا الشهرة.

السلطة الشعبية الموازية هي المطلب الحقيقي والضامن الحقيقي لمستقبل الوطن، وهي الرقيب والضابط لمسيرة الساسة، ولابد للثوار من الحرص على ثورتهم قبل أن تضيع ويضيع معها الوطن، فمابعد الفيضان لن يكون كما قبله، لأن مايحتاجه السودان من بناء ذادت كلفته ورقعته، وصراعات الساسة لن تقدمنا قيد أنملة.

على الشباب نبذ كل الخلافات وعقد مؤتمرات شبابية جامعة لتحديد ورسم خارطة طريقهم لحكم البلاد وتنفيذ كامل مباديء ثورتهم التي قاموا من أجلها وقدموا الشهداء والدماء مهرا لها وقابلوا البطش والرصاص بسلمية وصدور عارية  من أجلها، وعليهم أيضا تحديد موعد الانتخابات والضغط على كل الساسة بقبوله، فالساسة وكلاء لحراسة ثورتهم، وبحضور الماء يبطل التيمم

وقد بلغت

عبدالدين سلامه
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..