مقالات سياسية

شمال كردفان فرص التنمية واحتمالات الفشل (3)

محمد التجاني عمر قش

كتبت الأستاذة أمل تبيدي ما نصه: “لقد جرى تعيين الولاة وتأرجح هذا القرار ما بين الرفض والقبول، فلكل ولاية خصوصيتها، وقضايا متشابكة ومعقدة، والواعي من يضع تلك القضايا في قائمة الأولويات، ويسقط كافة المحاولات التي تحاول عزله عن الواقع. والذي يريد التغيير لا يعتمد على التقارير اعتماداً كاملاً، فالحقائق لا تدرك إلا عبر الاحتكاك بالواقع. والوزير أو الوالي الثوري لا يمارس الإقصاء ولا ينهب ولا يستبد.”

هذا الكلام ينطبق بشكل خاص على ولاية شمال كردفان؛ لأن مواطن هذه الولاية يتطلع لحاكم يستوعب متطلباته الحياتية والتنموية، ويمد له جسور التواصل، بحيث يكون ملماً بما يدور من حراك يؤثر على حياته بشكل مباشر، فالإنسان هنا سهل القياد ولديه مطالب بسيطة، ومن يريد أن يقوده عليه أن يكون على قرب منه، وتواصل واضح معه، بأي شكل كان. ومن هذا المنطلق فإن الأستاذ خالد مصطفى مطالب بتأسيس منصة إعلامية ذات مصداقية، وبعيدة عن ممارسة الدعاية السياسية الفارغة، بحيث توفر مادة إعلامية موثوق بها يعتمد عليها عامة الجمهور، والباحثون والإعلاميون الذين يمثلون حجر الزاوية في عملية التنمية وتشكيل الرأي العام.

يقول أحد المشاركين في الاستطلاع: مطلوب من السيد الوالي مخاطبة مواطنيه حتى يوضح لهم مرتكزات حكمه في المجالات كافة، السياسية والاجتماعية والثقافية، والاقتصادية والأمنية، ورؤيته لتنمية الولاية، وتكملة ما هو قائم من مشاريع حيوية، فإن هو فعل ذلك سيفتح له أهله الولاية قلوبهم وأذهانهم، وسيفتحون له دروب الولاية ليلج من أيها أراد، شريطة ألا يمس ثوابتهم ولا يخادعهم بل يصارحهم، وحينئذ سيضمن ولاءهم ومساندتهم له، وسيوفرون له حاضنة سياسية عريضة تمكنه من تكوين جهاز حكومي متجانس، يساعده في النهوض بأعباء الحكم بكل جدارة واقتدار، بغض النظر عما قوبل به من رفض جماهيري، في بداية أمره.

للأسف نعلم أن والينا في مأزق لا يحسد عليه، فمن جانب هنالك معارضة قوية تقودها لجان المقاومة، وليس أنصار المؤتمر الوطني، ضد الوالي، وبتصعيد متواصل، وبالتالي ينبغي على السيد الوالي إيجاد مقاربة واعية للتعامل مع هذا الوضع؛ حتى يضمن الاستمرار في سدة الحكم وتنفيذ برنامجه، إن وجد. وإن لم ينتبه الوالي لهذا الأمر أو إذا حاول مواجهة هذ الموجة العارمة، بلا روية أو بعد نظر، فسيجد نفسه في أتون معركة خاسرة تماماً، وستكون ضحيتها الأولى ولاية شمال كردفان. وفي هذا الصدد، يحتاج سيادته لتكوين حاضنة بديلة للجان المقاومة، لأن الحكم مستحيل بدون عصبة قوية، كما يقول ابن خلدون في المقدمة. وكمخرج من هذا الوضع المتأزم الذي يواجهه، على الوالي مد يده إلى الكفاءات من أبناء الولاية؛ خاصة أولئك الذين لا يُعلم لهم انتماء حزبي صارخ، تفادياً لأي من الخلافات التي لن تكون في صالح الولاية بأية حال.

وأكثر ما يخشاه المراقبون، والوضع كما أشرنا، أن يلتف حول الوالي أناس من ذوي الأجندة الشخصية أو الحزبية الضيقة. ولهذا السبب لا مناص للسيد الوالي الجديد من استدعاء روح النفير حتى يحقق قدراً من النجاح، لأنها تجد الدعم من قطاعات مختلفة في الولاية، كما ينبغي عليه تحريك مشروعات النفير التي توقفت وتلك التي لم تكتمل بعد دون إقصاء لأحد، وإلا سيكون مصيره الفشل المحتوم. بمعنى آخر، إذا كان الوالي يريد خدمة ولايته وأهلها، فعليه الاستعانة بالمخلصين من الناس وتوحيد صفهم، وذلك يتطلب ترك المماحكة والخلافات الحزبية الضيقة، فهنالك من هم على استعداد لمعاونته والوقوف معه من أجل أداء المهمة والأعباء المناطة به، مع الوضع في الاعتبار أن الوالي لا يحظى بأغلبية حزبية أو غيرها!

عموماً، يحمد للسيد خالد مصطفى أنه من سكان الأبيض، وله صلات خاصة مع بعض الناس في بارا وغيرها، كما أنه معلم ذو خبرة طويلة في هذا المجال، وعسى هذه العوامل أن تجعله على علم تام بكافة ألوان الطيف السياسي وتوجهات الناس، وصاحب تجربة في العمل الديواني، وقد تضمن له قدراً من النجاح إذا ابتعد عن الهوجة الثورية العارمة، كما يفعل بعض الشباب المندفعين من الولاة الذين تولوا مناصبهم مؤخراً. ونتوقع منه ألا يجنح إلى تصفية مؤسسات الحكم الاتحادي بإبعاد كبار المهنيين والإداريين وتجريدهم من صلاحياتهم.

باختصار شديد، تواجه السيد خالد مصطفى، عدة مصاعب سياسية وإدارية ولوجستية، وهنالك فرص متاحة أمامه للنجاح، تتطلب منه الحصافة والحنكة وخوض غمار التجربة بعيداً عن الشعارات الجوفاء مع الاستعانة بذوي الخبرة والمعرفة من مواطنيه، دون تحيز لفئة أو إقصاء لفرد أو جماعة. وفي المقابل هنالك احتمالات للفشل تتمثل في موقف مكونات الحرية والتغيير من الرجل، وضعف حاضنته السياسية والشعبية، وبإمكانه التغلب على ذلك إن هو تبنى موقف ورؤية ترتبط بمصلحة أهل الولاية وليس بالأجندة الحزبية. نحن نتطلع لمعرفة وجهة نظر الوالي، وخطته لإدارة الولاية وتنميتها والنهوض بها، ومن حقنا أن نعلم بما يدور في ذهنه، في عهد المدنية والثورة!

محمد التجاني عمر قش
[email protected]

تعليق واحد

  1. (لا مناص للسيد الوالي الجديد من استدعاء روح النفير)
    نفير أحمد هارون متهم الجنائية هو أكبر كارثة وضياع للمال العام في تاريخ كردفان لا يجب تكراره أبداً أبدا. إذا أخذنا هدف الماء كمثال، لم يوفر النفير الماء لسكان الأبيض ناهيك عن قري كردفان التي التي لا يتوفر في 99% منها صنبور ماء. أما خزان بربر الذي تم تحويل حصاد مياهه للابيض لم يخطر ببال الوالي المسجون توفير صنبور مياه واحد في القري حول الخزان من علوبة الي البركة أو كازقيل، قري معركة شيكان الاسطورية التي صنعت السودان الحالي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..