دنيا دبنقا
إنّ الإنصراف إلي الإطّلاع، ومُؤانسَة الكُتب والمراجِع والدّوريات، والغوْص في بُحورها وبُطونها، والتسْلية بمواقع التواصل المعرفيّة، وغيرها من أدوات: الوعي والإدراك والإستنارة؛ فضلًا عن مُجالسة الحُكماء، والخُبراء، والصُدور التي تحمل معاني البناء، أؤلئك الذين عركتهم الحياة؛ تُعين الإنسان وتجعله سديد الرأي، وثاقب التفكير، وقوي الشكيمة؛ يستطيع التفاعل والإنفعال مع قضايا ومُشكلات ومظاهر مُجتمعه، بشكلٍ يُمكّنه من الإسهام إيجابًا في معالجة الكثير منها، وتشكيل نمط حياة بصورةٍ أفضل، تؤطّر للسلام والتسامح الإجتماعي؛ فشكرًا للذين قدّموا لنا جهد قريحتِهم المعرفية، وأعانونا للتعاطي مع العلم والمعرفة.
لذلك آثرنا مُصادقة أدواتهم العلمية والمعْرفية، لنقرأ من بين سُطورها، أن الفكر هو: مجموع العمليات الذهنية التي تمكّن الإنسان، من نمذجة العالم الذي يعيش فيه، وبالتالي يمكّنه من التعامل معه بفاعلية أكبر، وتحقيق أهدافه وخططه ورغباته؛ والفكر هو: إعمال الخاطر في الشيئ؛ أما التفكر هو: التأمّل؛ وجملة القول: إن الفكر يُطلق علي الفعل الذي تقوم به النفس، عند حركتها في المعقولات، أو يُطلق علي المعْقولات نفسها؛ فإذا أُطلق علي فعل النفس، دلّ علي حركتها الذاتيّة، وهي النظر والتأمّل، وإذا أُطلق علي المعقولات، دلّ علي المفهوم الذي تفكّر فيه النفس.
أمّا الفكر كأيديولوجيا بمعناها الواسع، فتُعرّف بأنها: مضمون الفكر ومحتواه- أي هي- جملة الآراء والأفكار التي يعبّر بواسطتها هذا الشعب، أو ذاك، عن مشاكله وإهتماماته، أو عن مثله الأخلاقية، ومعتقداته المذهبية، وطموحاته السياسية والإجتماعية؛ وأيضًا عن رؤيته للإنسان والعالم.
ويُعرّف الفكر كذلك، كأداة لإنتاج الأفكار، سواءً منها تلك التي تُصنّف داخل دائرة الأيديولوجيا، أو داخل دائرة العلم؛ وهو أداة بمعني أنّه: جملة من المبادئ والمفاهيم وآليات التنظيم؛ التي تترسخ في ذهن الطفل الصغير، منذ إبتداء تفتحه علي الحياة، لتُشكّل فيما بعد العقل الذي به يُفكّر- أي الجهاز- الذي به يَفهم، ويُؤوِّل ويُحاكِم، ويعتَرِض؛ وهي عبارة عن عناصر مُتداخلة ومُتشابكة، بصورة تجعل منها بِنْية: أي منظومة من العلاقات الثابتة، في إطار بعض التحولات؛ الأمر الذي يعني أنّ الفكر أداة تعمل بثوابت مُعيّنة، وأنّ عملها ذاك لا يخترق حُدودًا مُعيّنة.
كذلك هي الحُدود، التي تنتهي عندها التحولات والتغييرات التي تتقبلها تلك الثوابت، أي التي لا تَمسّها في ثباتها وتماسُكها؛ والفكر كمحتوي هو: جملة من الأفكار والآراء والنظريات، تنتظمها عناصر ترتبط بعلاقات بنْيوية، علاقات تجعل منها أجزاء تستقي دلالتها ووظيفتها، من الكل الذي تنتمي إليه؛ وهي بنية من التصورات والآراء والأفكار والنظريات؛ لذلك دعوتنا أن عمّروا أرضكم بها، تسعدوا بها في حياتكم.
نور الدين بريمة
[email protected]