أخبار السودان

المؤتمر الدستوري.. هل يرسم ملامح السودان الجديد؟

حسام بيرم- الشرق

عانى السودانيون لسنوات طويلة من غياب دستور توافقي، يحمل تطلعات الشعب للتنمية المتوازنة، ويحمي أركان الحكم الديمقراطي في البلاد.

ولم يحظ السودان بدستور دائم طيلة 65 سنة منذ استقلاله في عام 1956، إذ ظلت دساتيره المتعاقبة تحمل صفة “الدستور الانتقالي أو المؤقت”.

وألغت الوثيقة الدستورية، التي تُوجِتّ بالاتفاق السياسي بين المجلس العسكري في السودان وقوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية)، العمل بدستور السودان الانتقالي لعام 2005، لكنها أستثنت منه بعض القوانين خلال الفترة الانتقالية.

ونصت الوثيقة على إنشاء مفوضية للدستور والإعداد للمؤتمر الدستوري بنهاية الفترة الانتقالية، بحيث يشهد مشاركة جميع السودانيين بما فيهم النازحين واللاجئين.

حراك مجتمعي

منظمة “سودو” للتنمية الاجتماعية، نظمت السبت مؤتمراً نقاشياً للتوافق على القواعد الشعبية الخاصة بالمشاركة في المؤتمر الدستوري، بحضور رئيس مجلس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، الذي تحدث عن إرجاء تشكيل المفوضية الدستورية لحين توقيع اتفاق السلام الشامل بين الحكومة والجبهة الثورية، مطلع أكتوبر المقبل.

©sari.photoمؤتمر نقاشي في شأن المؤتمر الدستوري في السودان -الشرق

وأشار حمدوك إلى أن خطوة الإرجاء، جاءت لضمان مشاركة الحركات المسلحة بصورة فاعلة في تكوين ملامح دستور السودان الجديد.

وأضاف في كلمة ألقاها خلال المؤتمر النقاشي، أن دستور المستقبل في السودان يجب أن يعالج آثار أطول حرب في إفريقيا، ويركز على قضايا تتعلق بعلاقة الدين والدولة، والتنمية المتوازنة، وحماية التنوع.

من جانبه، قدم رئيس منظمة “سودو” مضوي إبراهيم شرحاً وافياً لما يمكن أن يقوم عليه المؤتمر الدستوري، إذ يبدأ بالمجتمع المدني، وتستكمله الدولة ببناء الهياكل اللازمة لإدارة الحوار بين جميع فئات المجتمع.

وأضاف إبراهيم أن المؤتمر الدستوري يجب أن يجمع كل مكونات السودان العرقية والقومية والدينية والثقافية، لكي يعبر عن التنوع الواسع في السودان.

قضايا السلام

الخبير القانوني عز الدين كونكا، قال لـ”الشرق”، إن قضايا الدستور يجب أن ترتبط بقضايا السلام، وتناقش القضايا الشائكة مثل فصل الدين عن الدولة، التي هي مطلب رئيسي لبعض الحركات المسلحة.

وأشار “كونكا” إلى أن الدستور الجديد يجب أن يستمد من روح اتفاق السلام الموقعة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة المختلفة.

الفريق أول محمد حمدان دقلو الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” يصافح أحد قادة الحركات المسلحة – REUTERS

تجدر الإشارة إلى أن اتفاق السلام الموقع بالأحرف الأولى بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة، نصّ على تشكيل مجموعة من المفوضيات لحل القضايا العالقة، مثل مفوضية “الرعاة والرحُّل” وأخرى لـ”الأراضي” وثالثة لقضايا “اللاجئين والنازحين”، بالإضافة إلى الاتفاق على تطبيق نظام الحكم الفيدرالي في أقاليم السودان المختلفة.

وقال كونكا إن الحركة الشعبية لتحرير  السودان ـ قطاع الشمال، طرحت عقد المؤتمر الدستوري في بداية الفترة الانتقالية قبل بدء مفاوضات السلام، وهو طرح سليم كان سيضمن مناقشات جميع القضايا الخلافية للوصول إلى سلام بصورة أسرع.

وأكد أن “المشروع الوطني للسودان الآن، هو صناعة دستور توافقي، وتحقيق سلام دائم، والوصول لهذه النتجية لن يتم إلا بمشاركة جميع فئات الشعب السوداني”.

الوثيقة الدستورية

وتعقيباً على الجدل الدائر في السودان في شأن تعديل الوثيقة الدستورية لاستيعاب متطلبات اتفاق السلام، قال كونكا إن “السلام هو أولوية قصوى للشعب السوداني في المرحلة الحالية”، لافتاً إلى أن “الحركات المسلحة لم تشارك في تشكيل الوثيقة الدستورية لذلك يحق لها طلب التعديل بعد السلام”.

ونص اتفاق السلام على تعديل بعض بنود الوثيقة الدستورية، ومنها تمديد الفترة الانتقالية لمدة عام إضافي، وإعفاء قادة الحركات المسلحة من البند “20” الذي ينص على عدم ترشح أي شخص شارك في الفترة الانتقالية للانتخابات المقبلة.

وأضاف كونكا أن “الدستور يجب أن يناقش آلية بناء جيش وطني بعقيدة جديدة، يستطيع استيعاب الحركات المسلحة ودمجها بصورة سليمة”.

دستور 2005

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في “جامعة الخرطوم” صلاح الدومة، إن “دستور 2005 هو أقرب الدساتير السودانية التي يمكن الاسترشاد بها في المرحلة المقبلة لتكوين دستور جديد، لكن بشرط تنقيح بعض مواد لتكون متوافقة مع المرحلة الجديدة في السودان”.

وأشار إلى أن “المؤتمر الدستوري سيكون المرجعية العليا للتوافق حول دستور السودان، وليس اتفاق السلام مع الحركات المسلحة”.

وشدد الدومة على “ضرورة وضع آليات لمنع الانحراف الدستوري لضمان عدم تكرار التجارب السابقة”، لافتاً إلى أن “الدستور الحالي سيُكتب في ظل دولة لييبرالية، وليس عسكرية كما حدث سابقاً”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..