مقالات سياسية

خواطر اليوم الأول للعمل في الواقع بعد نصف عام من العمل في العوالم الافتراضية

الهام عبدالخالق

كما تكهن الجميع اننا نعيش عصرا جديدا في كل النواحي خصوصا عالم العمل . وأن عالم العمل قد انقلب رأساً علي عقب بعد جائحة الكرونا. صرح السكرتير العام للامم المتحدة” ان بيئة العمل لا يجب ولن تكون علي ما كانت عليه قبل كارثة الكرونا”. وأن كارثة الوباء قد اضافت وقودا علي ازمة كانت سلفا مشتعلة. اهم معالمها وجود الملايين علي هامش الحياة العملية في ظروف عمل طاحنة وبشروط مجحفة لا تضمن ولا تؤمن مستقبلا لهم” .مع انفجار الازمة والان ونحن نحاول الخروج منها يخطو العالم حثيثا نحو ازمة اقتصادية لا ندري مآلاتها . ولحين اتضاح الرؤية فيما يتعلق بالازمة الاقتصادية ، دعونا نتأمل تفاصيل اليومي في بيئة العمل وكيف تختبر في تغييرات ما بعد الكرونا علي مستوي اليومي .

خاطرة أولى:

كانك تتعلم في اداء وظيفتك لاول مرة . اولا كمية البروتوكولات الصحية يخيل اليك انك تعمل في مؤسسة صحية مثلا مستشفي او عيادة بدلا عن مكتب عمل اجتماعي وتوظيف . بل اعتقد جازمة ان بروتوكولات النظافة في المستشفيات كانت اقل تشددا لما هو عليه حالنا الان بعد الكرونا.. مشهد المكتب الذي تركته منذ ستة اشهر كما هو لم يتغير حتي كوب ماء بما فيه من ما تبقي ، وبقايا كوب قهوة. كانما وقعت صاعقة فرمينا مافي ايدينا وركضنا دونما النظر الي الخلف … تماما كما في افلام الكوارث الطبيعية . حينما كان الشخص المسئول يشرح بروتوكولات التعقيم والتي يجب ان تتم بعد اي ملامسة لاي سطح او مقابلة وكلائك .. ضحكت وزملائي وقلنا للمسئول اذا كنّا سنقوم بكمية النظافة والتعقيم هذه متي سنقوم باداء وظائفنا .
لم يعد بالامكان تقديم استشارة لشخص وهو يجلس امامك دون حاجز .. حاجز بلاستيكي علي الوجه وكمامة علي وجه الشخص امامك وحاجز بلاستيكي آخر بيني وبينه .

خاطرة ثانية:

. تغيرت قواعد اللعبة .. يعتمد عملي علي مقابلة الناس يوميا بغرض الاستشارات مهنية ، وظيفية وتعلمية. وطبعا لا يتوقف الامر علي هذه الاستشارات بل في العادة تتحول الي استشارة اجتماعية يشاركك فيها الشخص بكل تفاصيل حياته حتي العلاقات المنهارة والحالة الصحية وحالة الفلس والغربة وامراضها النفسية والعنف واحيانا القضايا المعلقة مع السلطة والبوليس . في هذه الحالة يجب ان تبدي قدراً عاليا من التضامن افعله ككونسليير بوسائل عدة غير الكلام . احيانا تعابير الوجه تعكس تضامني مع الشخص وايماءات الجسد وغيره من لغة الجسد.

من اكثر التحديات التي واجهتني اليوم كانت هي استخدام مزيد من لغة الجسد حتي توصل فكرتك . حشد مزيد من الانفعالات في الجزء اللاعلي من الوجه توظيف حركة اليدين ، وحشد اكبر كمية من التعابير التضامنية في العيون. حيث لم تعد الابتسامة هي المعبر عن الحالة النفسية اذ استحالت مع ارتداء الكمامات بشكل يومي .اما التعابير الصوتية فحدث ولا حرج … تذكرت حنية الحبوبات في اصواتهن المتهدجة تماما مثل الحبوبة التي كتلني سؤالها البارحة في الفيديو ” فطرت “” ربما نريد ايضا للصوت ان يعبر ويعكس حالة التضامن . السؤال كيف يمكن وزن هذا كله بحيث لا تبدو مبالغا وتكتر المحلبية وفِي نفس الوقت توصل فكرة انك تسمع و تهتم ؟؟ تذكرت اثناء الدارسة كيف كان يتم التشديد علي استخدام تعابير الوجه بشكل مستمر لكنه متوازن لكي تعكس للمتحدث انك تستمع بتركيز active listening.. اذا استمر الوضع هكذا اجزم انه ستضاف مادة جديدة عن لغة العيون ونبرات الصوت في كل برامج الاستشارات النفسية والاجتماعية . حقا الكرونا غيرت وستغير وجه العمل والعالم.
يتبع
الهام عبدالخالق
١٤ سبتمبر ٢٠٢٠
[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..